كشف دبلوماسيون مصريون، للغد، أن علاقة الزعيم العربي الراحل، جمال عبد الناصر، بفلسطين، ترسخت على المستوى الشخصي والقومي لديه، وربطته مشاعر شخصية من ضابط عربي شاب، شارك في أول معركة له، في فلسطين خلال الحرب العربية الإسرائيلية، وعايش مأساة ومعاناة الفلسطينيين من العصابات الصهيونية ومن مناورات دولي، ومن تشتت مواقف العرب .. وأضاف السفير راغب عبد الفتاح، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن عبد الناصر دفعته مشاعره القومية الوطنية، للتطوع للخدمة في اللجنة العربية العليا بقيادة المفتي العام للقدس ورئيس اللجنة العربية، محمد أمين الحسيني، وكان عبد الناصر قد التقي بالحسيني وأعجب به، ولكن تم رفض دخول قوات اللجنة العربية العليا في الحرب من قبل الحكومة المصرية، لأسباب غير واضحة، ولكن في مايو/آيار 1948 ذهب عبد الناصر كضابط في الجيش المصري لفلسطين، وخدم في كتيبة المشاة السادسة، وكان نائبا لقائد القوات المصرية المسؤولة عن تأمين الفالوجة، و أصيب بجروح طفيفة في القتال.
وتابع السفير راغب: هذا الاحتكاك المباشر ومعايشة واقع الشعب الفلسطيني، جعله حريصا دائما على التأكيد، بأنه لا يستطيع أحد أن ينكر دور جماهير الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال ، وأن الثورة الفلسطينية أنبل ظاهرة في الأمة العربية.
وأوضح السفير محمد جلال، أن رؤية عبد الناصر، التي شكلت عقيدته الراسخة، تستند إلى حقيقة أن فلسطين هي جزء من الأمه العربية اغتصبها الصهاينة بمساعده الاستعمار القديم والجديد، وأقاموا عليها دوله اسرائيل لتكون بمثابة حاجز يحول دون وحده الامه العربية، فهي بذلك قضيه العرب المركزية ، وقال ذلك بنص كلماته ، إن «الاستعمار قد أقام اسرائيل في قلب الوطن العربي للقضاء على القومية العربية، ولضرب هذه الأمة ومنعها من بناء نفسها اجتماعيا واقتصاديا ودبلوماسيا، وأن ما يحدث في مصر وما يحدث في فلسطين هو جزء من مخطط استعماري يستهدف الأمة العربية كلها»، ولذلك كان يردد دائما إن صراعنا مع العدو الصهيوني هو صراع وجود وليس صراع حدود.
ويرى السفير محمد نعمان، مساعد وزير الخارجية سابقا، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كان أول من ركز على البعد القومي العربي للقضية الفلسطينية، ودعم المقاومة الفلسطينية، مؤكدا أن المقاومة الفلسطينية وجدت لتبقى، وستبقى، وساهم في إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، تعبيرا عن إرادة الشعب الفلسطيني.
ويقول أستاذ العلوم السياسية، د. محمد سيد النشار، إن موقف ورؤية جمال عبد الناصر، بشأن قضية العرب الأولى «القضية الفلسطينية»، أثبت التاريخ صحتها.. أولا بالنسبة للسلام، محددا الفرق بين السلام والاستسلام، بين السلام الذي يتحقق عند استرداد الحقوق ، والسلام بصيغة الاستسلام، أي التنازل عن الحقوق، أي أن استرداد جقوق الشعب الفلسطيني، شرط نجاح تسوية الصراع العربي الإسرائيلي.. وثانيا، بحكم رؤيته الثاقبة ووعيه المبكر بأطماع الصهيونية ومناورات الكيان الإسرائيلي، فإنه كان ثايتا على مبدأ يقول «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، وبمعنى أن المقاومة والجهاد والنضال الفلسطيني، يعد الطريق الوحيد لإستعادة جقوق الشعب الفلسطيني، مما يستوجب تحقيق التضامن العربي، وبالضرورة وقف الصراعات العربية ـ العربية.
