دراسة تكشف: تزايد عدد الملحدين مع صعود حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب

أظهرت دراسة مغربية، تمدد الإلحاد في المملكة المغربية على الرغم من النجاح الذي حقق حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي، بحصوله على الأكثرية في البرلمان واستمراره في رأس الحكومة على مدار دورتين متتاليتين.

وخلصت الدراسة التي أنجزها  الباحث المغربي مراد لمخنتر «حول الإلحاد في المغرب»، إلى أنه: «يُمكننا الجزم بأنّ تيار اللا دينية يتمدد ويمس فئات جديدة، خصوصا فئة الشباب التي لها سِماتُ النقد وعدم الاقتناع بالإجابات أو الحلول التي يقدمها فقهاء الإسلام المعاصرون».

وأِشارت الدراسة، إلى أن «التمدُّدَ» للملحدين لا يعْني أنَّ ثمّة حسْم في الاختيار في علاقة الملحدين بالمجتمع، إذْ خلُصَ الباحث إلى أنَّ «الوضعية الراهنة للا دينيين المغاربة هي وضعية لها صفة «المخاض»، بمعنى أنه يصعب رصد احتمالات التحول واتجاهات المواجهة بين مجتمع محافظ وبين متمردين على أفكار ذلك المجتمع».

 

الردّة مسألة مُعقّدة

واعتمدَ «لمخنتر » في دراسته، التي ضمّنها في كتابٍ له بعنوان «لا دينيون مغاربة: دراسة في الإلحاد من خلفية إسلامية»، على خُلاصات مقابلات أجراها مع لا دينيين مغاربة، جاء ضمنَ عُصارتها أنّ مسألة الردّة عن الدين مسألة مُعقّدة، «حيث القطيعة مع ماضٍ مُؤسَّسٍ على منظور ديني إسلامي لرؤية العالم والحياة والآخر، وبين حاضر مليء بالشكوك والأفكار الجديدة».

وأشار الباحث ذاته في هذا الإطار إلى أنّ الفرد «اللا ديني»، يعقد مقارنة بين الأفكار الجديدة وثقافته التي ورثها عبر التربية؛ وتحدُث القطيعة كنتيجة للصراع بين الماضي والحاضر، لافتا إلى أنّ المسألة ليست بالسهلة، بل هي نتيجة لصراع الأفكار، «فإما أن تأتي النتيجة على شكل قطيعة تامة مع الماضي الديني، أو تأتي بتسوية تضمن الاستقرار النفسي والذهني للشخص».

وانطلاقا من المقابلات التي أجراها قالَ الباحث ذاته إنّه لاحظ مسألة أساسية، وهي ما سمّاها «مفارقة المثال لمثاله»، ومعناها أن “غالبية المبحوثين كانت لهم تربية دينية ورؤية مثالية عن الله وعن الدين، لكن عند مرحلة معينة ومع البحث وجدوا أن تلك المثالية الذهنية والقيمية لا تتطابق مع النصوص التي قرؤوها عن الدين»، حسب ما جاء في دراسته.

 

أسباب الإلحاد

من بيْن المسائل التي تدفع اللادينيين المغاربة إلى الابتعاد عن الدين الإسلامي، حسب ما توصّل إليه الباحث مراد لمخنتر، هو أنّه يتعارض مع حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، موضحا أنّ المرجعية الحقوقية هي التي تحكم نظرتهم إلى الدّين، وبالتالي فهُم يُخضِعون الإسلام وأحكامه لمقياس حقوق الإنسان، ويرون أنّه مخالف لتلك الحقوق.

عبدالإله بنكيران رئيس وزراء المغرب
عبدالإله بنكيران رئيس وزراء المغرب

ثمّة عامل آخر وردَ ضمن شهادات اللادينيين المغاربة الذين استجوبهم الباحث، وهو مقارنة الدين مع العلم، «فبالنسبة لهم الإسلام يتناقض مع الحقائق العلمية». يقول أحدهم: «قرأت عن الموضوع (..) ووجدت نفسي تلقائيا أبحث في مواضيع أخرى لأكتشف حقائق كانت بالنسبة لي صادمة جدا، ابتداء بتعارض النصوص الدينية مع حقائق علمية كثيرة كتكون الجنين».

شهادة أخرى قال صاحبها: «السبب الرئيسي هو مطالعاتي العلمية، وبالضبط عندما قرأت نظرية التطور وقارنتها مع قصة الخلق، فبدت لي قصص القرآن مجرد أساطير»، حسب ما جاء في الدراسة.

من العوامل الأخرى الدافعة إلى النزوع نحو الإلحاد في صفوف المغاربة، وفق ما جاء في الدراسة دائما، أنّ «أغلبَ الملحدين يرون أنّ الدين هو سبب الحروب، وأنّ الفِرق المقاتلة المتشدّدة هي ترجمة لمبادئ الإسلام». وأشار الباحث في هذا السياق إلى أنّه لاحظ، من خلال تقييم النقاشات على موقع «البالتوك»، أنّ للمتدخلين ثقافة إسلامية عالية، حيث يناقشون كل القضايا الدينية التاريخية.

 

كيف يتعامل الملحد مع المجتمع 

الدراسة التي أنجزها مراد لمخنتر خلُصت إلى أنَّ أغلب الناشطين اللادينيين هم من فئة الشباب، وقال إنّ ذلك «يعود، ربما، إلى قلة استخدام فئات أخرى لوسائل التواصل الاجتماعي، أو راجع إلى أن موجة الإلحاد لم تكن بهذا الانتشار، وربما تكون مرتبطة ببروز وسائل التواصل الجديدة»، وأضاف: «ليست لنا دراسات في هذا المجال تؤكد إن كان الأمر مجرد طفح وبروز، أو ازدياد في نسبة الملحدين».

وإذا كان الإلحاد في المغرب مازالُ محاطا بالسرية، يرى الباحث المغربي ذاته أنّ من أشد الأمور تعقيدا بالنسبة للاديني هي علاقته بأسرته، موضحا أنّ «الأمر يزداد تعقيدا إذا تعلق بالزواج»، وأضاف «من العادي أن يختار الفرد قبل الزواج الزوجة أو الزوج الذي يناسب ويتوافق مع معتقده، أما الأمر المعقد فهو اختلاف العقائد بعد الزواج، فكثير ممن تخلى عن الدين الإسلامي يجد صعوبة في مفاتحة زوجته بالأمر، وكذلك بالنسبة للنساء على حد سواء، فيحدث انفصال في القيم المشتركة وفي الخطة التي يجب تربية الأبناء وفقها».

العلاقة بين اللاديني بأبويه، يضيف الباحث، «معقدة، إذ إنّ أغلب الشباب لا يستطيعون مجاهرة أسرهم بأفكارهم175، وأضوح: «وصاية الآباء على الأبناء في المجتمعات الإسلامية دائمة مادام الابن لم يغادر منزل الأسرة، وخصوصا في المسائل الدينية، فخروج أحد الأبناء عن دين الآباء يعتبر فضيحة وصدمة لهم؛ لذلك يختار الكثير من الشباب الصمت».

 

استقطاب مُلحدين جدد

وإذا كان المجتمع المغربي لا يسمح للادينيين بالجهر بإلحادهم، فإنّ وسائل الاتصال الحديثة، حسب ما خلُص إليه «لمخنتر» في دراسته، منحتْ فُرصة للادينيين لتشكيل مجموعات للتواصل فيما بينهم، وزاد: «وبذلك يمكن القول إن اللادينيين أصبحوا يشكلون تجمعات وروابط مثل ما نشاهده عند الجماعات المتدينة»، لافتا إلى أنهم يقومون باستقطاب أشخاص آخرين، من خلال غرف الدردشة، ومواقع التواصل.

وإذا كان المُلحدون المغاربة، حسب ما جاء في كتاب «لادينيون مغاربة: دراسة في الإلحاد من خلفية إسلامية» ينشطون في «العالم الافتراضي»، فإنّ التعارف المباشر بينهم يتّسم بالحذر، إذ يتمّ التعارف في بعض الحالات بينهم في العالم الواقعي، خصوصا بين المتواجدين في مدينة واحدة. غير أن الخروج من الافتراضي إلى الواقعي لم يصل إلى درجة الظاهرة الاجتماعية.

ويُشير الباحث المغربي إلى أنه بمقارنة بعض الدول الإسلامية مع المغرب «نجد أن الملحدين المغاربة لا يجهرون كثيرا بإلحادهم مقارنة مع مصر مثلا، أو لبنان، فمبدأ التقية هو السائد في المغرب حاليا»، لافتا إلى أنّ من ضمن الملاحظات التي سجّلها، من خلال متابعته لنقاشات الملحدين في العالم الافتراضي، أنهم يناقشون دائما الإمكانات والطرق التي تمكّن من إنزال النقاش إلى الفضاء العمومي العلني.

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]