دعم أوكرانيا بالسلاح مستمر.. ما السر والغاية؟
بعد أكثر من عامين على إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موت (الناتو) دماغيًا، أعطت الحرب في أوكرانيا “إكسير الحياة” إلى الحلف حين توحد الحلفاء لمواجهة روسيا.
وللمرة الأولى في تاريخه، مول الاتحاد الأوروبي شراء وتسليم مساعدات عسكرية لدولة ليست عضوا في (الناتو)، بالإضافة إلى الإجماع على فرض العقوبات على روسيا.
كما وجد حلف (الناتو) فرصة في الحرب لتعزيز جناحه الشرقي بتشكيل 4 مجموعات قتالية في بلغاريا وفي المجر وفي رومانيا وسلوفاكيا.
كما دفعت أزمة أوكرانيا إلى زيادة الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا ليصل إلى 100 ألف جندي.
توحيد الناتو وأمريكا
بداية قال تشارلز كابشن، مدير الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي، إن ما قاله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بحق الناتو وأنه ينوي الخروج منه بات مجرد ماضي وذلك بوصول الرئيس جو بايدن إلى السلطة.
وأضاف كابشن خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤمن بالروابط الحقيقية مع أوروبا، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحد (الناتو) وأمريكا من خلال غزوه الجارة أوكرانيا.
وأوضح أن أوكرانيا ليست عضوا سريا في حلف الناتو، ولو كان ذلك حقا لكنا قد شاهدنا حربا عالمية بين روسيا والحلف، لافتا إلى أن إرسال الأسلحة لأوكرانيا.
وفيما يخص مستقبل السياسة الأمريكية الأوروبية، فقال كابشن إننا قد نرى انتقادات من الحزب الجمهوري الأمريكي للسياسة الأمريكية لا سيما في القضايا الاقتصادية، لأن التضخم في أمريكا وصل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة وهو ما سيضعف من موقف جو بايدن”.
الخلافات الأوروبية الأمريكية
من جانبه، قال السفير إندرياس رينيك، الدبلوماسي السابق، ومدير معهد المشرق الألماني، إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على خلافات اقتصادية مع الدول الأوروبية، لذلك فإن هناك حاجة إلى إعادة العلاقات لسابق عهدها لمواجهة التحديات المقبلة.
وأكد إندرياس رينيك أن الخلافات الأوروبية الأمريكية لا يجب أن تكون مسار جدل أو تشكيك، موضحا أن التوصل إلى فهم جديد أفضل وسيحل كل المشكلات المستقبلية.
وأشار إندرياس رينيك إلى أن علاقة حلف (الناتو) بالوليات المتحدة الأمريكية ليست علاقة تبعية، وحينما يتعلق الأمر بروسيا فيجب بحث الأمور من كافة الزوايا بين الدول وبعضها لا سيما الجيو سياسية منها.
بداية جديدة للناتو
ويرى جان بيير بيران، الكاتب الصحفي من فرنسا، إن أوكرانيا ليست عضوا سريا في الناتو، والطريق لا يزال طويل أمامها بسبب عدم موافقة بعض دول الحلف على انضمامها.
وأضاف جان بيير بيران أن تصريحات ماكرون القديمة بشأن موت (الناتو) دماغيا أصبح مختلف اليوم تماما لأن الناتو عادت له الروح مجددا بفضل الحرب أوكرانيا.
وأوضح بيير بيران أن كل أعضاء حلف الناتو يبحثون الآن كيف يجعلون من التكتل الدفاعي قوة أكبرة بكثير من ذي قبل، خاصة وأنه من المحتمل قبول دول جديدة كالسويد وفنلندا.
وفيما يخص السياسة الخارجية الفرنسية فأكد بيير بيران أنه في حال وصلت ماريان لوبان مرشحة اليمين المتطرف ضد ماكرون فستكون هناك سياسة جديدة تماما مع الولايات المتحدة وأوروبا والناتو، وربما تغادر الاتحاد الأوروبي، لكنها ستظل في الناتو.
إطالة أمد الحرب
وفي سياق ذي صلة، ترى “مجلة فورين أفيرز” الأمريكية أن هناك أسبابًا ميدانية وسياسية قد تدفع إلى إطالة أمد الحرب في أوكرانيا.
وقال الدكتور محمد مسعود الأحبابي، الباحث في العلوم السياسية، إن احتمال إطالة أمد الحرب في أوكرانيا “احتمال ضعيف” لكنه غير مستبعد.
وأكد الأحبابي أن الجميع يتوقع أن الحرب في أوكرانيا ستكون خاطفة، وقد تسيطر على أوكرانيا خلال 10 أيام، لكن من يتابعون الأوضاع عن كثب كانوا يعلمون أن أوكرانيا كانت تستعد لهذه الحرب منذ فترة.
وأشار الأحبابي إلى أن روسيا بدأت تغيير خطتها بسبب الدعم الغربي لأوكرانيا، ولكن في نفس الوقت هو يريد السيطرة على الجنوب والشرق ليطوق الساحل كما حدث في ماريوبول، والحصول على ممر بري للربط بين دزيرة القرم والقوات الانفصالية.
بينما يرى الدكتور أحمد عجاج، الباحث في العلاقات الدولية، أنه يجب أولا معرفة أهداف روسيا من هذه الحرب، لأن روسيا تراجعت عن أهدافها التي كانت ترمي إلى تغيير الحكومة في كييف وتظهيرها من “النازيون الجدد”.
وأكد عجاج أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يستطع تحقيق الأهداف التي رسمها في الأراضي الأوكرانية، لافتا إلى أنه لم يكن يتوقع أن الغرب سيساند ويدعم أوكرانيا بالسلاح بهذا الشكل.
وأوضح عجاج أن الغرب لديه قناعتان أولهما الضغط على روسيا للقبول بالسلام وتحقيق تسوية سياسية تحفظ له وجهه، وتحفظ لأوكرانيا سيادتها، والقناعة الثانية تقول إنه يجب أن يتم تلقين بوتين درسًا لينسحب من أوكرانيا لأن هذه مسألة تتعلق بالقانون الدولي التي تقوده الولايات المتحدة.
ويرى عجاج أن الغرب سيصعد أكثر من الأمور وسيمد أوكرانيا بالسلاح أكثر وأكثر، وهذه الدول تعتبر أن الحرب ستكون طويلة، وفي هذه الحالة لا أحد يعرف ما الذي سيفلعه بوتين خاصة إذا انسحب لأن ذلك قد يطيه به من الكرملين”.
