خرج عشرات الآلاف من العراقيين إلى الشوارع، الجمعة، للتعبير عن أوجاعهم من فقر الحال وتردي الظروف المعيشية، وفساد ضارب في مؤسسات دولتهم وطائفية تنخر مجتمعهم.
وأودت طلقات الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع والاشتباكات بحياة ما لا يقل عن 30 قتيلا ونحو 2500 جريح.
وأغلقت قوات الأمن الطرق المؤدية لـ”ساحة التحرير” في بغداد، بينما أصر المحتجون على محاسبة الفاسدين والمسؤولين عن تدهور الأوضاع المعيشية.
وقال المحلل السياسي، صادق الركابي، إن الحكومة العراقية هي التي تقتل المتظاهرين، «الحكومة العراقية تقتل شعبها بدم بارد».
وأشار الركابي إلى أن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لم نراه منذ أسابيع وهو الآن في إيران تحت الإقامة الجبرية وممنوع من مغادرة طهران، مطالبا بضرورة عودته.
وأضاف الركابي، أن الحكومة العراقية تبني قصورا لها في الخارج وتحرم شعبها، وجلعت من 7 ملايين عراقي أمي و6 ملايين أرملة، موضحا أنها عصابة وليست حكومة، وأنها إذا استمرت في نهجها هذا سينهون على العراق.
من جانبه، قال قال الإعلامي العراقي علي هاشم، إن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، يتدخل دائما في شأن التظاهرات، مشيرا إلى أن العراقيين لديهم تجارب كثيرة في هذا الشأن، ومشاهد 2011 مثال على ذلك.
وطالب الإعلامي العراقي زعيم التيار الصدري بعدم “التدخل في التظاهرات وأن يترك المتظاهرين في حالهم”.
بينما يرى الباحث في السياسة الدولية بجامعة أتلانتس، عباس كاظم، أن الحكومة الأمريكية أو الجانب الأمريكي ليس في استطاعته تقديم شيء للعراقيين لاحتواء الاحتجاجات في العراق.
وأضاف كاظم، أن مشاكل العراق دائما تكون بسبب الدستور، وأنه لا يرى في استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي حلا بل هروبا من المسؤولية، مؤكدا أنه إذا تقدم باستقالته سيترك العراق في فراغ.
كما أشار الباحث السياسي إلى أن الحلول يجب أن تكون على الأشخاص ولكن مع المؤسسات، مع ضرورة عدم النظر إلى مرجعيات التي لا غطاء دستوري لها.
وقال عضو البرلمان السابق محمد العبد ربه، إن التاريخ لن ينسى ما يفعله رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، رغم أنه من عائلة كبيرة في العراق، وأن خطاب المهدي أمس لم يخاطب الشعب قائلا”: هو كان يقرأ شيئا مكتوب له ومعد مسبقًا.
وأكد البرلماني السابق، أن الخيارات والحلول ليست بيده، مشيرا إلى أن بعض الشخصيات والأطراف تسيطر عليه ولن تسمح له بتقديم استقالته وهم من يديرون المشهد الآن في العراق.
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي، يحيى الكبيسي، إن الأمور أصبحت معقدة للغاية، موضحا أن العراق لم يعد ضمن أولويات واشنطن لتتدخل وتمنع الدماء في الشارع العراقي.
وأضاف الكبيسي، أن واشنطن تفضل “الهدوء الهش” في العراق، فهي لا تريد أي تغيير في المشهد الحالي، وأن المشكلة الأكثر تعقيدا أنه لن يكون هناك أي إمكانية للإصلاح في البلاد.
وأعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، مساء الجمعة، ارتفاع عدد ضحايا المظاهرات إلى 30 قتيلا، وارتفاع عدد المصابين إلى 2312 من المتظاهرين والقوات الأمنية، وذلك خلال المواجهات التي دارت بين القوات الأمنية وحماية المقرات الحزبية والمتظاهرين.
وأعلنت محافظات البصرة وكربلاء وذي قار وواسط والمثنى وميسان والديوانية والحلة حظرا للتجول، بينما خول رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، المحافظين سلطة فرض حظر التجول الكلي أو الجزئي في محافظاتهم.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، إن التظاهرات خلال الساعات الأولى لم تشهد أية صدامات، مشيرا إلى أنه بعد أن حاول المتظاهرون اقتحام المنطقة الخضراء، التي توجد فيها السفارات، كان هناك مسؤولية للحكومة بحمايتها، بحسب القانون الدولي.
وأصدر مجلس القضاء العراقي، الجمعة، مذكرة توقيف للمتهمين بقضايا فساد، كما تم منعهم من السفر.
