يدأت حكومة دولة الاحتلال، تنفيذ مهمة «مقلاع سليمان»، وهي حملة دولية لـ «محاربة نزع شرعيتها» في العالم.. وتتحسب دولة الاحتلال لمواجهة ما وصفته بتهديدات تواجهها إسرائيل، خلال العام الجاري 2018 بتوجه المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، لفتح ملفي تحقيق مع إسرائيل حول عدوان «الجرف الصامد، أي الحرب على غزة في صيف عام 2014 والاستيطان.. وأن المحكمة الجنائية الدولية قد تنتقل من مرحلة تقصي الحقائق في «الجرف الصامد» والبناء في المستوطنات، إلى فتح تحقيق، وأنه في ظل غياب مبادرة سياسية تجاه الفلسطينيين أو في حال حصول تصعيد في الضفة الغربية أو قطاع غزة، خلال العام الحالي، فمن الممكن أن تتصاعد الجهود لنزع الشرعية والدعوة لمقاطعة إسرائيل.
مخاوف دولة الاحتلال، كشف عنها تحذير مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس حكومة الاحتلال، حول نية المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بفتح تحقيق ضد إسرائيل في إحدى شكويين أولاهما مرتبطة بعدوان «الجرف الصامد»(العصف المأكول)، أما الثانية فهي البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.. وقدم جنرال الاحتياط، عميت أفيرام، عضو المجلس للأمن القومي، عرضا سريا للجنة الخارجية والأمن بالكنيست، بعنوان «تقييم وضع إستراتيجي» لعام 2018، كاشفا عن بدء إطلاق حملة دولية لـ «محاربة نزع شرعية إسرائيل» في العالم.
كانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، نشرت في الرابع من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تقريرا بشأن تقصي الحقائق التمهيدي الذي تقوم به، وأعلنت أنها حققت «تقدما ملموسا» في الشكويين، سواء في الحرب العدوانية على غزة أو في البناء الاستيطاني.. ومن جهة أخرى، أوضحت القناة الإسرائيلية العاشرة، أن فتح تحقيق هو إجراء ينطوي على أهمية خطيرة بالنسبة لإسرائيل، حيث أنه سيكون ضد شخصيات معينة، ومن الممكن أن يشتمل على أوامر اعتقال واستدعاء للتحقيق.. ونقلت القناة العبرية عن كبار المسؤولين في وزارتي القضاء والخارجية، أن ذلك يعتبر تهديدا جديا يجب عدم الاستخفاف به، ويجب العمل قضائيا وسياسيا على عرقلة ذلك.
يذكر أن اسم «مقلاع سليمان»، يرجع إلى ( قصة «مقلاع داود» الذي هزم به الفتى الصغير «داود»، عدو بني إسرائيل العملاق «جالوت» وانسحب جيشه الكبير مهزوما)
طاقم «مقلاع سليمان»
وكشفت مصادر من داخل حكومة دولة الاحتلال، أن وزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلام الإسرائيلية، شكلت طاقما خارجيا ، يتولى مهام حملة تحت اسم «مقلاع سليمان» لمحاربة « نزع الشرعية» عن إسرائيل في العالم.. وقررت حكومة الاحتلال قبل اسبوعين، تحويل نحو 35 مليون دولار، بالإضافة الى مبلغ مماثل من متبرعين يهود في العالم لخدمة هذه الحملة.
وتهدف حملة «مقلاع سليمان» الى تنفيذ «نشاطات توعية شاملة»، في إطار «محاربة حملة نزع الشرعية» عن إسرائيل، ولن يخضع «مقلاع سليمان» لقانون حرية المعلومات، بناء على السياسة السرية لوزارة الشؤون الاستراتيجية والإعلام الإسرائيلية، التي ترفض تسليم معلومات حول نشاطها.
ووفقا للوزارة، فإن أعضاء «مقلاع سليمان» سينشطون في الشبكات الاجتماعية لأن «الخصم يوجه معظم جهود الوعي والتحفيز لهذا الفضاء»، وتقوم الحملة «بأنشطة توعية جماعية، وجلب أفكار جديدة إلى صناع القرار والمانحين في العالم اليهودي، وتطوير أدوات جديدة لمكافحة نزع الشرعية، والمقاطعة ضد إسرائيل».
وكشفت صحيفة «هآرتس» العبرية، عن قائمة طاقم «مقلاع سليمان»، وهم: المدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية، يوسي كوبرفاسر، والسفير في الأمم المتحدة سابقا والمستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، دروري غولد، والسفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة رون فروشوار، ورجل الأعمال ميخا أفني، ورئيس معهد دراسات الأمن القومي الجنرال عاموس يدلين، والعقيد ميري ايزن التي كانت مستشارة رئيس الوزراء لوسائل الإعلام الأجنبية خلال حرب لبنان الثانية، والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، الجنرال يعقوب عميدرور، وساغي بلاشا، الذي شغل الى ما قبل عامين منصب المدير العام للمجلس الإسرائيلي الأمريكي (IAC) .. ومن بين الممولين الرئيسيين لهذا الطاقم ، اليهودي الأمريكي الثري شلدون ادلسون ممول صحيفة «يسرائيل هيوم» المقرب جدا من نتنياهو.
ونص قرار وزارة الشؤون الاستراتيجية، بتشكيل طاقم مشروع «مقلاع سليمان»، على رفع حصتها من تمويل المشروع الى حوالى النصف مقابل «الجهات الداعمة» أو «المنظمات المؤيدة لإسرائيل». وبالإضافة إلى ذلك، سيتم تشكيل لجنة توجيهية للمشروع تتألف من ممثلين حكوميين وممثلين عن شركاء التمويل، مما يعني أن إسرائيل تكرس لمخاوف نزع الشرعية عنها طاقات جدية وحقيقية لاسيما في ظل انعدام المفاوضات مع الفلسطينيين وتصاعد التوتر معهم.
استعمار مثلث الأبعاد
ويرى خبير العلاقات الدولية وإدارة الأزمات، دكتور بدوي فراج، أن المخاوف الإسرائيلية، من تحركات مرتقبة لنزع شرعيتها، على خلفية تقصي الحقائق من المحكمة الجنائية الدولية، يرجع أساسا إلى حقيقة أن إسرائيل كدولة هي ظاهرة إستعمارية صرفه، وإستعمار طائفي بحت، وهناك عدد من المؤرخين اليهود، يؤكدون أن إسرائيل تمثل إستعمارا مثلث الأبعاد ، فعدا الجانب السكني، فإنها تمثل أيضا إستعمارا إستراتيجيا، وإستعمارا إقتصاديا، فوجودها غير الشرعي رهن من البداية إلى النهاية بالقوة العسكرية وبكونها ترسانة وقاعدة وثكنة مسلحة ، وأن أمن إسرائيل هو مشكلتها المحورية.
رفض الخدمة العسكرية
ومع مخاوف «نزع الشرعية»، صعّدت أوساط إسرائيلية رسمية وشعبية مساعيها لمنع اتساع ظاهرة رفض الخدمة العسكرية في الأراضي الفلسطينية لأسباب إنسانية ومبدئية..ونشرت صحيفة «يديعوت احرونوت» رسالة طلاب الثانوية التي جاء فيها «إننا قررنا عدم المشاركة في احتلال وقمع الشعب الفلسطيني، وأن الجيش ينتهج سياسة عنصرية تنتهك حقوق الإنسان». وتم توجيه تلك الرسالة الى رئيس الوزراء ورئيس الأركان بدولة الاحتلال.
