دومينيك سيلوود: «بريطانيا العظمى» تفقد الذاكرة وتنقسم إلى «عشائر معزولة»

يربط المفكر والمؤرخ الإنجليزي الشهير، دومينيك سيلوود، بين الواقع البريطاني الحالي، وبين مؤشرات ووقائع تنبئ بأن الأمة منقسمة إلى «عشائر معزولة»، وكأنها فقدت الذاكرة، وهي ترصد حركة تشويه تماثيل رموز بريطانية تاريخية، ويتساءل المؤرخ الإنجليزي: متى وكيف أصبح التاريخ البريطاني مثيراً للانقسام  بهذا الشكل؟

الأمة تنقسم إلى عشائر معزولة بإحكام

ويشير المؤرخ الإنجليزي، إلى أنه بعد نصف قرن، كلما تعرّض أحد تماثيل تشرتشل إلى التشويه، تنقسم الأمة إلى عشائر معزولة بإحكام، هناك الذين يتراوح شعورهم بين الصدمة والغضب، وهناك يقبع ائتلاف يمتد بين من يشيرون إلى أن تشرتشل كأي شخص آخر، له عيوبه الجدية، وبين من لا يريدون أن يكونوا جزءًا من بريطانيا التي تُجلّه باعتباره والد الأمة.

نزاع سام حول قيادة بريطانية

كيف وصلنا إلى هنا؟ كيف تطور اليقين الذي ساد القرن العشرين بأن تشرتشل رجل عظيم، إلى نزاع سامّ كهذا؟ كيف وصلنا إلى التنافر المعرفي السياسي بحيث أمكن لوزيرين مثل ريشي سوناك وبريتي باتل، ذوي الإرث الهندي، أن يحضرا في قاعة تستضيف مؤتمراً لحزب المحافظين، ويهتفان بأعلى صوت لتشرتشل، وهما يعيان تماماً أنه قال، «أكره الهنود. إنهم شعب وحشي ذو دين وحشي».

ويرى «دومينيك سيلوود»، أن الصدوع في المجتمع البريطاني التي تبدّت من خلال «بريكست» والمواجهات حول التماثيل والحروب الثقافية، ليست سوى توضيح للمشكلة، في حين أن المسألة الجذرية ليست أيّاً من هذه الأمور، المشكلة تكمن في أن البلاد فقدت فكرة مشتركة حول ما تمثّله.

وفي نظرة تبسيطية ومختصرة إلى العمل السياسي، تقتصر الخيارات المعروضة (بشأن بريطانيا) على خيارين: ثمة بريطانيا الخاصة بتشرتشل، المملوءة بالنشاط البحري والقيمة الإمبراطورية، وروح معركة «دنكيرك» (خسرتها بريطانيا في بداية الحرب، ثم نهضت كي تهزم ألمانيا النازية)..وفي المقابل، هناك بريطانيا البلد الأوروبي الحديث الذي يمتلك تاريخاً من التسامح مع صوت رائد في الكتلة التجارية الأكبر في العالم (الاتحاد الأوروبي).

استهداف تماثيل تحيي ذكرى  رموز بريطانية

بالطبع، لا تقتصر المشكلة على تشرتشل، بل استُهدفت تماثيل تحيي ذكرى الجميع، من (المستشكف وتاجر العبيد والسياسي السير فرانسيس دريك)، والأدميرال نيلسون (أحد قادة الأساطيل البريطانية، والسياسي الذي أسهم في سقوط نابليون بونابرت)..متى وكيف أصبح التاريخ البريطاني مثيراً للانقسام في هذا الشكل؟ أعتقد بأن الإجابة تأتي خلال الحملات المتعلقة بالاستفتاء على «بريكست»، وفي أعقابها. فعلى الرغم من أن المناقشات الأكثر مرارة استهدفت تسوية علاقة بريطانيا في المستقبل مع الاتحاد الأوروبي، لم تكُن مناقشات كثيرة سوى نزاعات جريئة بين رؤى مختلفة عن ماضي بريطانيا .

الهجوم على التاريخ البريطاني

سواء وعينا الأمر أو لم نفعل، يشكّل نهجنا كأفراد في شأن التاريخ والعناصر التي نجلّها فيه، مكوناً من مكونات هويتنا. لذا، حين يُهاجم التاريخ، يُعتبر الهجوم شخصياً. وحين يرفع طرف ما لواء النظرة التاريخية إلى بريطانيا بوصفها أمة متاجرة وحاكمة البحار، مستدعياً السفن الحربية الشراعية لـ «سلاح البحرية الملكي»، يغضب ذلك أولئك الذين يرغبون بالإقرار بالعنف والجشع و العنصرية غير القابلة للتشكيك التي مارستها الإمبراطورية البريطانية.

في المقابل، حين يشير آخرون إلى تاريخ إنجليزي أوروبي مشترك على صعيدي الحمض النووي والثقافة منذ العصر الحجري، يغضب ذلك أولئك الذين يطالبون بإقرار بأن بريطانيا في زمن الإمبراطورية مارست دوراً أكبر من حجمها، وحققت إنجازات قدّرها سكان الإمبراطورية، وعملت مع قليل من المشاركة من قبل أوروبا القارية.

كيف أصبح المجتمع البريطاني بهذا التصدع؟

وتابع دومينيك سيلوود: بالعودة إلى السؤال الأول حول كيف أصبح المجتمع البريطاني بهذا التصدع وتاريخه مستقطباً إلى هذا الحد؟، قلت إنني سأعيد النظر في تشرتشل. إن مشكلات اليوم لا يسببها أي شيء قاله أو فعله. بل إنها تكمن في عجزنا عن التخلي عنه، وعن الحرب العالمية الثانية. يبدو الأمر كأن الفترة 1939-1945 كانت آخر مرة اتفقت فيها الأمة على من نحن.

واستطراداً، ربما تكون عواقب الاعتماد بكسل على تشرتشل وعالمه المتمثل في إمبراطورية إنجليزية عالمية تضيء الظلام، مألوفة ومريحة بالنسبة إلى كثرٍ منّا، إلا أنها لا تقدم حلولاً لمشكلات القرن الحادي والعشرين.

إنها ليست الحل للانقسامات الاجتماعية والثقافية في البلاد، ولا للمعضلة الدبلوماسية التي تواجهها الأمة، فيما تواصل العملية الهادفة إلى معرفة أين تتناسب بريطانيا مع عصر المعلومات في ما بعد عصر الإمبراطورية.

الاتفاق على هوية جديدة

ويضيف المؤرخ الانجليزين في مقال نشرته صحيفة الإٌندبندنت البريطانية: تتمثل المهمة الآن في إعطاء الأولوية إلى الاتفاق على هوية جديدة. وينبغي لنا أن نبحث عن الإلهام في العصور المتعددة والمتميزة قبل الإمبراطورية والحرب (العالمية الثانية)، مع العمل على تحديد علامة تجارية وطنية جديدة. ربما تستمر تماثيل تشرتشل في التعرض للتشويه بشكل دوري، لكن كأمة، لن يمزقنا ذلك إلى أمتين، وسنتمكن حقاً من الحفاظ على الهدوء والاستمرار.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]