دياب خرج مكرها.. ولبنان أمام مفترق طرق

ترى الدوائر السياسية في بيروت، أن استقالة حكومة حسان دياب، ليس حدثا مفاجئا، ولكنها كانت خطوة قسرية بالنسبة لرئيسها، الذي خرج من السراي مكرها، بعد أن حاول البقاء حتى الدقائق الأخيرة للمهلة التي حددها له حلفاؤه، بعدما تخلوا عنه بشكل جماعي، بحجة تجاوزه الخط الأحمر بطرحه تقصير ولاية مجلس النواب الحالي، وإجراء انتخابات مُبكرة.

و الاستقالة السريعة للحكومة وضعت الأطراف السياسية أمام تحدٍ جدي ومكشوف أمام عواصم القرار الدولي، التي سارعت إلى مد يد العون تجاوباً مع مساعي وخطة الرئيس الفرنسي. وتجنب تكرار التجارب والمناورات السابقة في تشكيل الحكومات، وهدر المزيد من الوقت في تأخير الإصلاحات المطلوبة، والمسارعة إلى إستعادة الثقة الداخلية والخارجية، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية، تمهيداً للإفراج عن المساعدات الموعودة.

متى يتم تشكيل الحكومة الجديدة؟

وقالت أوساط قصر بعبدا الرئاسي، إن الاتجاه هو للدعوة إلى الاستشارات الملزمة الاثنين المقبل، مشيرة إلى إمكان تأليف حكومة بوقت قصير. إلا ان مصادر دبلوماسية ذهبت إلى أن المعطيات لا توحي بالسرعة، على الرغم من الحرص الفرنسي على ذلك.وقالت ان أربع قوى دولية وإقليمية معنية بالحكومة الجديدة، وهي: الولايات المتحدة وفرنسا، المملكة العربية السعودية وإيران..وأكدت على أن التباين ما يزال كبيراً بين هذه القوى، وأن ولادة حكومة لبنانية جديدة، حاجة ملحّة إليها لمواكبة عملية إعادة اعمار المرفأ وبيروت، وإخراج البلد من ازمته.

 التغيير الحكومي وحده لا يكفي، إذا لم يقترن بتغيير جوهري في أداء أهل السلطة، كما في الذهنية التي تُدير الحُكم، بعيداً عن عقلية المحاصصات والًصفقات، أو حتى الكيدية وتصفية الحسابات، وبات واضحا أن لبنان أمام مفترق طرق، وأن تشكيل الحكومة الجديدة أصبح رهنا بتوازنات إقليمية ودولية

ماذا حدث في اللحظات الأخيرة؟

وكشفت مصادر مقربة من سراي الحكومة في بيروت، اللحظات الأخيرة المشحونة بالاحتقان والتوتر والغضب داخل قاعة الاجتماع الأخير لحكومة حسان دياب..وذكرت المصادر، أنه قبل ساعتين أو أكثر من إعلان الاستقالة، ضغط الوزراء على رئيسهم، فالاستقالات كانت على الطاولة مع كل من: وزيرة العدل ماري كلود نجم، ووزير الشباب والرياضة فارتييه اوهانيان ووزير المالية غازي وزني، ووزير الاتصالات طلال الحواط، ومع توجه معظم الوزراء لتقديم استقالاتهم.

وخلال الجلسة، طلب بعض الوزراء من دياب استقالة الحكومة وإلاّ فإنهم سيقدمون استقالات فردية، كي لا يمثلوا أمام مجلس النواب في جلسة المساءلة التي كانت مقررة الخميس، ما وضع دياب أمام خيار وحيد..الاستقالة.

وكشفت المصادر، عن اتصال جرى قبيل الجلسة بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب، للبحث في إمكانية إقرار اقتراح دياب لإقرار مشروع قانون بتقصير ولاية المجلس النيابي وإجراء انتخابات مبكرة، لكن الرئيس عون رفض، وقال إن مثل هذا القرار لا يتخذه طرف واحد، عندها قرر دياب نقل جلسة مجلس الوزراء من قصر بعبدا الرئاسي  الى السرايا «مقر الحكومة الرسمي».

استقالة «عدرا» كشفت حجم التحديات

وخلال الجلسة قدمت نائبة رئيس الحكومة، زينة عكرعدرا، استقالتها في مداخلة مكتوبة.. وقالت: «إن وقوع هذه الكارثة يقتضي إستقالة حكومة لا وزراء أفراد، فالحكم مسؤولية، والثورة مسؤولية، والمواطنة مسؤولية، والقضاء مسؤولية، والإعلام مسؤولية، والإستقالة مسؤولية، أين نحن من كل هذا؟ لقد قررت الإستقالة منذ حوالي الشهر لأنني شعرت أننا لا ننتج في هذا الظرف الصعب، لكنني تريثت ولم أقم بذلك، لشعوري بفداحة المسؤولية، ولكن بعد الكارثة أصبح التحدي أكبر. إن الاستقالة لقناعات مبدئية تُحترم، أما الاستقالة خوفاً أو إستعطاء لشارع بل شوارع وقوى بحثاً عن مستقبل «الأنا» فهي لا تعكس مسؤولية بالنسبة لي».

وترى صحيفة اللواء اللبنانية، أن لبنان أمام مفترق جديد، قد يُتيح للوطن الصغير فرصة ذهبية لوقف الإنهيار، إذا تخلت الأطراف السياسية عن أنانياتها، ووضعت مصلحة البلد فوق كل الإعتبارات الأخرى.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال محادثات مع نظيره اللبناني ميشال عون يوم الخميس في بيروت. تصوير: محمد عزاقير – رويترز

حكومة مستقلين

المهم أن  رحيل حكومة دياب، يعني إنطلاق المسار التنفيذي لمبادرة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون التي وضعها بين إيدي المسؤولين اللبنانيين، ورؤساء الكتل النيابية، والتي تبدأ بتشكيل حكومة مستقلين، تحظى بتأييد ودعم كل القوى السياسية، وذلك في إطار خريطة طريق لإخراج لبنان من دوامة الإنهيارات المتلاحقة، خاصة بعد الإنفجار الزلزالي في مرفأ بيروت.

ويتفق سياسون في بيروت، على أنه لا تهم هوية شخصيات الحكومة الجديدة، بقدر الإهتمام بمواصفات الخبرة والكفاءة، والشفافية والنزاهة، والقدرة على تنفيذ خطط مكافحة الفساد، إلى جانب الشجاعة في إستئصال العناصر الفاسدة في الإدارات العامة، وإسقاط الحمايات الحزبية والسياسية عنها..ومن مهمات الحكومة الجديدة لإنجاح مشروع التسوية المطروحة، العمل على حسم بعض الملفات الأساسية العالقة، في مقدمتها تحديد الحدود البحرية مع الدولة العبرية، والذي تعطيه الإدارة الأمريكية أولوية مميزة، عشية إستحقاق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والصعوبات التي يواجهها ترامب في محاولته البقاء في البيت الأبيض ولاية ثانية.

رفض ضمني لـ «حكومة وحدة وطنية»

ويرى المحلل السياسي اللبناني، معروف الداعوق، أن طرح تأليف حكومة وحدة وطنية كبديل عن حكومة حسان دياب، كخيار للخروج من المأزق الصعب الذي يعيشه لبنان حالياً، قوبل بفتور ظاهري ورفض ضمني من قبل قوى المعارضة، باعتبار ان مثل هذا الطرح الذي تردّد انه نوقش خلال لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع الزعماء السياسيين كحل وسطي مقبول يُرضي الأطراف السياسيين المختلفين، لم يعد مجدياً ولا يصلح لمقاربة الأزمة المستفحلة والتي تزداد تعقيداً وصعوبة مع بروز مشاكل تضاف الى الأزمة الأساسية المتعددة الجوانب، سياسياً، مالياً، وأمنياً واجتماعياً على حدٍ سواء.

هذه الصيغة، «صيغة حكومة الوحدة الوطنية»، جربت مراراً بالممارسة خلال السنوات العشر الماضية، تحت عناوين تفادي الانقسام السياسي، ومنع الفتنة وتوحيد القوى السياسية للنهوض بالوطن وما إلى هنالك من شعارات فضفاضة، ولكنها كانت تخفي وراءها نوايا مبطنة، لا تلبث ان تظهر إلى العلن وتؤدي إلى تفاعل الخلافات بين مكوناتها.

«حكومة مستقلين»أو «حيادية» أو «انتقالية»

وإزاء هذا الواقع، لا يبدو خيار تأليف حكومة جديدة على قياس صيغ الحكومات السابقة الفاشلة ممكناً، فيما يذهب البعض إلى إعطاء تفسيرات تجميلية للصيغة التي طرحها الرئيس الفرنسي للحكومة المقبلة تصلح للخروج من المأزق الحالي، وهي صيغة متقدمة على صيغة حكومة الوحدة الوطنية وليس مطابقة لها، وهو ما يفسّر بأنه أي صيغة يمكن أن يتفق عليها اللبنانيون.

أما ما يتردد عن تقدّم طرح حكومة حيادية أو حكومة مستقلين أو حتى حكومة انتقالية، فإنه يتقدّم على سائر صيغ الحكومات السابقة، بالرغم من وجود اعتراضات من «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» ولكنها أقل حدة من السابق، ما يُشكّل اطاراً لمناقشته والتداول فيه من كل الأطراف بعد استقالة حكومة حسان دياب.

ولادة الحكومة قبل مئوية «ولادة لبنان الكبير»

وتوقعت مصادر قريبة من قصر بعبدا الرئاسي، عدم تأخير موعد الاستشارات النيابية، على أن تولد الحكومة قبل عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت في الأوّل من سبتمبر/ أيلول المقبل، للاحتفال بالمئوية الأولى على ولادة لبنان الكبير.. وبقي الرئيس عون على تواصل مع الاليزيه، في إطار متابعة جدول أعمال الزيارة الرئاسية الفرنسية، فضلاً عن مقررات مؤتمر الدعم الدولي للمساعدات الإنسانية.

وبعد غد الخميس، يتوقع أن يصل إلى بيروت مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل، موفداً من الإدارة الأميركية، على ان يباشر محادثاته الجمعة، وعلى جدول أعماله: الوضع الحكومي المستجد، وترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.

 تأخير تشكيل الحكومة  يهدد  بإطالة زمن الأزمة

ويقول «الداعوق»، إن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة قد دخلت بالفعل في جانب منها ضمن المداولات والتفاهمات الإقليمية والدولية منذ لقاء الرئيس ماكرون مع الزعامات اللبنانية، وستكون حاضرة في لقاءات ومداولات المسؤول الأميركي دايفيد هيل وبالطبع ولادتها تأتي في إطار هذه التفاهمات وليس خارجها كي تكون قابلة للاستمرار، وإذا تعذر التفاهم الداخلي على صيغة الحكومة المقبلة في ظل أي خلاف إقليمي وانقسام دولي حولها، فهذا يعني مرحلة دخول لبنان مرحلة طويلة من الفراغ الحكومي واستفحال وإطالة أزمة تشكيل الحكومة الجديدة حتى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة على الأقل.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]