قال الرئيس دونالد ترامب وهو يختتم حملته الانتخابية بسلسلة من اللقاءات الجماهيرية الصاخبة للحاضرين وسط هتافاتهم إنهم سيثبتون لكل الخبراء أنهم أخطأوا مرة أخرى تماما مثلما أخطأوا عندما فاز على غير المتوقع بالرئاسة الأمريكية في 2016.
وفي أحد هذه اللقاءات يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في ولاية بنسلفانيا قال ترامب: “موجة حمراء عالية قادمة” متوقعا بذلك زيادة كبيرة في التأييد الجمهوري تدفع به للفوز بفترة رئاسة ثانية. وأضاف: “ما من شيء يستطيعون أن يفعلوه حيال ذلك”.
وذكرت وسائل إعلام يوم السبت أن ترامب خسر السباق الذي سعى فيه للاحتفاظ بالبيت الأبيض وفاز منافسه الديمقراطي جو بايدن نائب الرئيس السابق.
ومع ذلك فقد كان أداء ترامب أفضل كثيرا من عشرات الاستطلاعات التي أشارت إلى أنه قد يخسر بفارق كبير وأثبت أن قاعدة أنصاره أكبر وأكثر ولاء مما كان مراقبون كثيرون يدركون.
وكان الديمقراطيون يأملون أن يتبرأ الناخبون من ترامب بسبب الفوضى التي اتسمت بها فترة رئاسته وتصريحاته الداعية للانقسام في الحملة الانتخابية.
وبدلا من ذلك حصل ترامب على حوالي 7.3 مليون صوت زيادة على الأصوات التي فاز بها في 2016 وفقا لما تبيّنه النتائج الأولية.
فقد وقف كثيرون من أعضاء الكونجرس الجمهوريين المقبلين على الانتخابات في دوائرهم مع ترامب خلال محاكمته في الكونجرس العام الماضي وفي العام الحالي خلال إدارته لجائحة كورونا التي لقيت انتقادات واسعة وكذلك خلال الاضطرابات المدنية بسبب حوادث إطلاق الشرطة النار على عدد من السود.
وكوفيء بعض هؤلاء الحلفاء بالانتصار في انتخابات الكونجرس بما قد يسمح للحزب الجمهوري بالحفاظ على أغلبية ضئيلة.
كما كسب الجمهوريون خمسة مقاعد جديدة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
وقد تحقق الأداء القوي الذي أبداه الحزب الجمهوري، خلافا لتوقعات المنتقدين والخبراء، رغم الفارق الهائل الذي تمتع به الديمقراطيون في جمع التبرعات في أواخر حملة الدعاية الانتخابية ورغم التحول الحاد في التأييد لصالح الديمقراطيين بين سكان ضواحي المدن الأمريكية.
وبلغ السباق المتقارب النتائج ذروته في الأصوات البريدية التي بدأ فرزها في وقت متأخر من عمليات الفرز بولايتي جورجيا وبنسلفانيا الأمر الذي رجح الكفة لصالح بايدن.
غير أن ترامب لم يسلم بالهزيمة. فقد سعى الرئيس الذي حصل على أصوات أكثر من أي مرشح جمهوري آخر في التاريخ لنزع صفة الشرعية عن النتيجة بإعلانه دون أي دليل أنه تعرض للغش.
وعلى الأرجح ستشهد عدة ولايات عمليات إعادة فرز للأصوات كما أن ترامب لا يزال يخوض معارك قانونية لإلغاء النتائج.
ورغم كل ذلك يواجه ترامب معركة شاقة لتحقيق الفوز في المجمع الانتخابي الذي يقرر نتيجة الانتخابات الأمريكية. إذ يخصص النظام المعمول به لكل ولاية عددا من الأصوات في المجمع بناء على عدد سكانها.
وفي أغلب الولايات يحصل المرشح الفائز بأصوات الناخبين في التصويت الشعبي على جميع أصوات المجمع الانتخابي مهما كان فارق الفوز ضئيلا. وفي التصويت الشعبي على مستوى البلاد حصل بايدن على أصوات تفوق ما حصل عليه ترامب بنحو 4.1 مليون صوت.
وأصدرت حملة ترامب بيانا صباح يوم السبت قالت فيه إن الانتخابات “أبعد ما تكون عن نهايتها. ولم يصدر بيان رسمي بإعلان جو بايدن الفائز في أي ولاية، ناهيك عن أي من الولايات المتأرجحة بشدة”.
ونشر ترامب تغريدة قال فيها: “لقد فزت في هذه الانتخابات بفارق كبير!”.
وحتى أثناء فرز آخر الأصوات في الولايات حطمت النتائج آمال الديمقراطيين في انتهاء التيار الترامبوي. وإذا أصبح فوز بايدن رسميا واحتفظ الجمهوريون بالسيطرة على مجلس الشيوخ ربما يجد الرئيس الجديد نفسه مكبلا في مساعيه لسن التشريعات والفوز بتصديق الكونجرس على تعيينات القضاة والمسؤولين في الإدارة.
وأيا كان مستقبل ترامب نفسه فقد قال ديمقراطيون وجمهوريون على حد سواء إنه سيتعين عليهم أن يأخذوا في حسبانهم استمرار الجاذبية المتمثلة في أسلوبه المتهور على مسرح السياسة الشعبوية.
وقال جو جروترز رئيس الحزب الجمهوري في فلوريدا إن رسالة ترامب عن الحرية الاقتصادية حتى خلال الجائحة كسبت أصوات عدد كبير من الناخبين.
وأضاف: “صوّت الناس لرئيس الولايات المتحدة بفضل رسائله الإيجابية عن المستقبل وخروجه عن الطرق المألوفة لكي يضع أمريكا في المقدمة”.
وفي إشارة إلى حوادث النهب وإشعال الحرائق خلال الاحتجاجات على حوادث القتل برصاص الشرطة هذا العام قال جروترز “الناس لا يريدون ضرائب ولا يريدون عزلا عاما. فهم يريدون الحرية. لا يريدون رؤية مجتمعاتهم تحترق عن آخرها”.
وقال ستو روزنبرج المحلل السياسي المستقل إن السباق الانتخابي أكد سهولة التكيف عند ترامب الذي حرك أعدادا كبيرا من أنصاره في قاعدة مؤيديه من البيض وهم في كثير من الأحيان من ناخبي الطبقة العاملة وحقق مكتسبات جديدة بين الناخبين ذوي الأصول اللاتينية وهم من الناخبين الأساسيين للتحالف الديمقراطي.
وقال روزنبرج إن الانتخابات لم تسفر عن “الهزيمة الساحقة” التي كان الديمقراطيون والجمهوريون المعارضون لترامب يريدونها. وأضاف متحدثا عن ترامب “من بعض الجوانب لم تكن تلك النتيجة مختلفة عما تحقق قبل أربع سنوات رغم فشله في التعامل مع فيروس كورونا والاقتصاد”.
وقالت كارين فيني المخططة الاستراتيجية صاحبة الخبرة الطويلة في المعسكر الديمقراطي التي كانت متحدثة باسم حملة هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 الرئاسية إن تقارب المواقف في سباق الانتخابات معناه أن الديمقراطيين سيسألون أنفسهم عن سبب “بقاء ترامب معنا”.
وأضافت أن ترامب لا يزال يحقق نجاحا على المسرح السياسي باستخدام عبارات مهيجة للجماهير لتأجيج التوتر العرقي والثقافي. وقالت إن تقارب النتائج الانتخابية يثبت “أننا بلد لا يزال منقسما جدا جدا”.
ولم ترد حملة ترامب أو اللجنة الجمهورية الوطنية على أسئلة رويترز عن ترامب وعن أداء الحزب في الانتخابات.
مخالفة توقعات الخبراء
لم يكن ترامب مستعدا للإنصات لما تقوله استطلاعات الرأي والخبراء والساسة الذين قالوا إنه بحاجة لتوجيه حملة الدعاية المتعثرة صوب الوسط المعتدل وذلك بعد أربع سنوات تجاهل فيها آراء الخبراء في قضايا تتراوح من التغير المناخي إلى السياسة الخارجية إلى جائحة كورونا.
وبدلا من ذلك ألقى ترامب بكل ثقله وراء استراتيجية محفزة للانقسام تقوم على استثارة القاعدة الشعبية فهاجم “الفوضويين” الليبراليين وخبراء الصحة العامة في إدارته بل وشرعية الانتخابات نفسها.
واختتم ترامب حملة الدعاية بسلسلة من اللقاءات الجماهيرية التي احتشد فيها أنصاره وكان أغلبهم لا يضع الكمامات رغم استمرار الجائحة على أشدها.
وأكدت النتيجة الأولية للانتخابات على عمق الانقسام الحزبي الذي تعاني منه البلاد. فبعد عام شهد الجائحة وانهيارا اقتصاديا واضطرابات اجتماعية واسعة الانتشار على حوادث قتل السود برصاص الشرطة أظهرت استطلاعات الخروج لآراء من أدلوا بأصواتهم أن قلة قليلة من الناس غيرت مواقفها الحزبية.
فقد بينت استطلاعات الخروج التي أجراها مركز إديسون للأبحاث أن ترامب احتفظ بتأييد أغلبية قوية من الناخبين البيض تبلغ حوالي 55 % بانخفاض بسيط عما حققه في 2016.
وأيد البيض غير الجامعيين الذين يمثلون قلب قاعدة ترامب الشعبية الرئيس بفارق يتجاوز 20 نقطة عن التأييد الذي حصل عليه بايدن من هذه الفئة. غير أن البيانات أوضحت أن هامشه في تلك الفئة انكمش بنحو أربع نقاط.
وقال مايك مدريد الذي شارك في تأسيس مشروع لينكولن وهو مجموعة من الساسة الجمهوريين السابقين الذين شنوا حملة لإسقاط ترامب وانتخاب بايدن إنه يعتقد أن الترامبوية ستبقى قلب الحزب الجمهوري.
وأضاف “ستستمر الترامبوية والنزعة الوطنية الشعبية والسياسة القائمة على شكوى البيض المتعلقة بالهوية” مشيرا إلى أن الأغلبية الكبيرة من الجمهوريين المنتخبين ليس لديها استعداد يذكر لشيء مختلف.
ومع ذلك تشير الاستطلاعات إلى زيادة التأييد لترامب بنحو أربع نقاط مئوية بين الأمريكيين من أصول أفريقية ولاتينية وآسيوية مقارنة بما كان عليه الحال قبل أربع سنوات.
وقد أدلى حوالي 39 % من ذوي الأصول اللاتينية الأكبر سنا بأصواتهم لصالح ترامب بزيادة 14 نقطة عن عام 2016 في حين أيد 19 % من الناخبين السود بين سن 30 و44 الرئيس وهو ما يزيد 12 نقطة عن الانتخابات السابقة.
وفي الوقت نفسه تراجع مستوى تأييد ترامب بنحو نقطتين بين الناخبين البيض الأكبر سنا.
وفي ولاية فلوريدا لعبت زيادة تقدر بنحو 12 نقطة لصالح ترامب بين الناخبين من أصول لاتينية مقارنة بعام 2016 دورا مهما في تحقيق الفوز له في هذه الولاية التي تشهد تنافسا كبيرا.
أذهلت تلك النتائج خصوم ترامب الذين دأبوا على مهاجمة الرئيس لما يصفونه بتعليقاته العنصرية وسياساته القاسية فيما يتعلق بالهجرة.
وعلى نحو لافت عزز الرئيس التأييد الشعبي له في مناطق يكثر فيها ذوو الأصول اللاتينية في ولاية تكساس فكان أداؤه أفضل بفارق من 11 إلى 27 نقطة في مقاطعات على امتداد الحدود الجنوبية للولاية مع المكسيك.
وفي مقاطعة هيدالجو التي يتجاوز ذوو الأصول اللاتينية 90 % من سكانها حصل ترامب على 40 ألف صوت أكثر مما حصل عليه قبل أربع سنوات ليرتفع نصيبه من الأصوات من 28 % إلى 41 %.
وقالت أستاذة في العلوم السياسية إنه مما لا شك فيه أن حملة بايدن غير اللافتة التي تجنب فيها اللقاءات الجماهيرية المباشرة على النقيض من ترامب منحت الرئيس اليد العليا عند بعض الناخبين من أصول لاتينية.
فقد قالت فيكتوريا دي فرانسيسكو سوتو العميد المساعد بكلية ليندون بي. جونسون للشؤون العامة بجامعة تكساس في أوستن “منطقة ريو جراند فالي، شأنها شأن المناطق الأخرى التي يكثر فيها أصحاب الأصول اللاتينية مثل فلوريدا، مكان شعبي ينتمي بدرجة كبيرة للمدرسة القديمة يحتاج نهجا سياسيا يقوم على التواصل الوثيق”.
وأضافت أن ترامب كسب أصحاب الأصول اللاتينية بعدم استخدام ما وصفته بالتصريحات العنصرية الطنانة التي استخدمها في حملته عام 2016 عندما طالب بفرض قيود مشددة على الهجرة.
وقالت إنه ليس من المفاجيء أن يتجاهل الناخبون موقف ترامب من الهجرة لأن كثيرين من ذوي الأصول اللاتينية الذين يعيشون قرب الحدود محافظون إلى حد ما فيما يتعلق بمشاكل الهجرة.
وقال ريتشارد كورتيز الديمقراطي والقاضي بمقاطعة هيدالجو وأحد كبار المسؤولين المنتخبين فيها إن مكاسب ترامب الكبيرة في ريو جراند فالي ترجع إلى عاملي الاقتصاد والدين عند أصحاب الأصول اللاتينية الأكثر ميلا للمحافظة.
وقد دفعت المنطقة ثمنا غاليا لجائحة كورونا إذ اضطرت السلطات لجلب شاحنات مبردة لحفظ الموتى في ضوء زيادة كبيرة في الوفيات. ومع ذلك قال كورتيز إن الناخبين يخشون البطالة أكثر مما يخافون من الفيروس وقد احتضنوا دعوة ترامب لفتح الاقتصاد الأمريكي بغض النظر عن الجائحة.
كما رحب سكان المنطقة وأكثرهم من الكاثوليك بموقف ترامب المناهض للإجهاض ونجاحه في إضافة ثلاثة قضاة محافظين للمحكمة العليا الأمريكية يأمل الناخبون أن يحققوا لهم إسقاط حكم المحكمة العليا السابق القاضي بحرية المرأة الحامل في الإجهاض.
وقال كورتيز إن جعجعة ترامب كان لها وقع طيب لدى ذوي الأصول اللاتينية.
وأضاف “كثيرا ما يحب الناخبون اللاتينيون السياسي الخشن الشبيه بالممثل جون وين. شخص ما يؤيد مُثلهم العليا تأييدا شديدا. وبعض الناخبين شعروا فحسب أن ترامب أكثر خشونة”.
لقاءات جماهيرية وتجنيد أنصار
أظهرت استطلاعات على مدار العام أن الناخبين من نساء الضواحي والأكبر سنا حولوا ولاءهم عن الرئيس. غير أن ترامب لم يفقد جاذبيته في عيون المتدينين بمن فيهم الإنجيليون والجمهوريون المهتمون بدخلهم الذين أعجبتهم تخفيضاته الضريبية والناخبون البيض في الأغلب من غير الجامعيين والذين كانوا في وقت من الأوقات من أنصار الديمقراطيين.
فقد واصل هؤلاء إيداع ترامب ثقتهم فيما يتعلق بالاقتصاد وهللوا لسخريته من بايدن الذي وصفه ترامب بأنه مخرف وأداة من أدوات اليسار المتطرف، بينما يرى كثيرون أنه من المعتدلين.
وقال ترامب لمجموعة من أنصاره في مقاطعة باكس بولاية بنسلفانيا في 31 أكتوبر تشرين الأول “جو بايدن .. لا وجود له على الإطلاق”.
وفي لقاء جماهيري في أوبا-لوكا بولاية فلوريدا يوم الأحد الماضي وكان خامس لقاء من نوعه لترامب في ذلك اليوم وامتد إلى ما بعد منتصف اليوم، أثار الرئيس جمهوره برؤيته المزرية لأمريكا تحت حكم بايدن فتحدث عن إغلاق المصانع ومنع استخراج النفط الصخري ورفع الضرائب لأربعة أمثالها وسحب التمويل من إدارات الشرطة وتدمير الضواحي ومصادرة السلاح وتلقين تلاميذ المدارس الأفكار المناهضة لما هو أمريكي. (لم يحدث أن نادى بايدن بأي من هذه الآراء.)
وقال “خصومنا يريدون تحويلنا إلى كوبا الشيوعية أو فنزويلا الاشتراكية”.
غير أن مسؤولين في الحملة الانتخابية قالوا إن الاستراتيجية المتبعة في ذلك اللقاء كانت تفوق إلهاب حماس الجماهير. فقد تضمنت جهدا أكبر كثيرا لتجنيد أعضاء جدد لمعسكر ترامب وتسجيلهم – وغالبا ما يكون هؤلاء من غير المنتظمين في الإدلاء بأصواتهم وربما لا يكونون جمهوريين أصلا.
فمن أجل حضور أحد لقاءات ترامب يتعين أن يسجل الراغبون أنفسهم على الانترنت أو تقديم رقم هاتفهم المحمول. ويستخدم مسؤولو الحملة هذه البيانات في التعرف على من لم يشارك في التصويت في 2016 أو لم يسبق له التصويت على الإطلاق.
وكان من شأن ذلك أن أصبح كل لقاء جماهيري ما وصفه تيم ميرتو المتحدث باسم حملة ترامب بأنه “فعالية لجمع بيانات هائلة” تجتذب المزيد لمعسكر ترامب.
وقال ميرتو “ليس من الغريب أن يكون 30 % من المسجلين لحضور لقاء جماهيري من غير الجمهوريين”.
وقد ثبت أن مزيج اللقاءات الجماهيرية وجمع البيانات سلاح فعال في الحملة كما أدى إلى إيجاد قاعدة بيانات للأنصار يمكن للجمهوريين أن يواصلوا الإضافة إليها حتى بعد رحيل ترامب عن البيت الأبيض.
واستثمرت الحملة والحزب الجمهوري بكثافة في تنمية حجم قاعدة التأييد لترامب. ومنذ بدأت حملة 2020 استطاع الحزب الجمهوري استقطاب 2.5 مليون متطوع مروا على 29.4 مليون بيت وأجروا 128.9 مليون مكالمة هاتفية في مختلف أنحاء الولايات المتأرجحة وفقا لما قاله ريك جوركا المسؤول باللجنة الوطنية للحزب الجمهوري والذي شارك في هذا الجهد.
وأضاف أن أكثر من 2000 موظف يعملون بالأجر انتشروا في مختلف أنحاء تلك الولايات للدعاية للرئيس والحزب.
وفي الولايات التي اعتبرتها الحملة ذات أهمية استراتيجية حددت الحملة مجموعات من أنصار ترامب أو الناخبين الذين لم يحسموا رأيهم واستهدفتهم بالزيارات المنزلية والإعلانات عن طريق الانترنت.
وقال جوركا “هذا ما يفعله هؤلاء البالغ عددهم 2.5 مليون متطوع. فمهمتهم مقابلة الناخبين المحتملين في أحيائهم أو كنائسهم أو حاناتهم أو مقاهيهم، لا يهم”.
وأضاف أن اللقاءات الجماهيرية خلقت “شبكة من الأفراد لم نكن لنتمكن أبدا من التعرف عليها”.
وبهدوء حقق الجمهوريون زيادات كبيرة في ضم ناخبين جدد في الولايات المتأرجحة بما فيها نورث كارولاينا وفلوريدا مما ساهم في زيادة نسبة المشاركة في بعض المقاطعات الريفية التي تسكنها أغلبية من البيض وتعتمد بكثافة على التصنيع والتي تمتع فيها ترامب بأكبر تأييد.
غير أن هذه الأعداد قابلتها زيادات لصالح الديمقراطيين في أماكن أخرى.
وربما يفسر هؤلاء الناخبون الجدد المؤيدون لترامب السبب الذي دفع كثير من مؤسسات استطلاع الرأي إلى التقليل إلى حد سبب لها الحرج من تأييد الرئيس في بعض الولايات الرئيسية المتأرجحة في 2020. وربما كان سبب آخر هو وجود احتياطي غير معلن من ناخبي ترامب احتفظوا بسرية آرائهم.
وقال رايان لاندرز (46 عاما) الواقف في الطابور في لقاء ترامب الجماهيري قبل الانتخابات في مقاطعة باكس بولاية بنسلفانيا إن بعض أصدقائه المؤيدين لترامب تلقوا مكالمات من مؤسسات استطلاع رأي وكذبوا فيما يتعلق باعتزامهم التصويت للرئيس.
وقال بيل كارتشر (48 عاما) عامل تركيب الأرضيات الذي سبق أن أدلى بصوته لباراك أوباما وهيلاري كلينتون وأيد ترامب هذا العام “بعض الناس احتفظوا بذلك لأنفسهم بسبب اليسار”.
وأضاف “لا يمكنك إبداء رأيك إذا كنت تؤيد ترامب. فإذا رفعت لافتة لترامب فستُعامل معاملة مزرية”.
غير أن لقاءات ترامب الجماهيرية اجتذبت عشرات الآلاف من الأنصار المجاهرين بتأييده. وكانت هذه الاجتماعات أشبه بمهرجانات موسيقية تمتليء بعشاق الموسيقى فكانت تبدأ بمجموعة من الأغاني التي يفضلها جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية ثم عرض مقطع فيديو لأبرز إنجازات ترامب في الفترة الأولى.
وبالنسبة للمخلصين في ولائهم فإن ترامب ليس مجرد شخصية سياسية.
قالت سوزان لانديس مصففة الشعر في مقاطعة مونتجمري بالقرب من فيلادلفيا “إنه يمثلنا في البيت الأبيض. يتكلم باسمنا”.
وفي مقاطعة باينلاس حيث كان التنافس شديدا في ولاية فلوريدا وقف تيم كنيدي (27 عاما) على جانب أحد الطرق في عطلة الأسبوع الماضي ملوحا بأعلام ترامب وكان على أحدها صورة بندقية.
وقال كنيدي إن أزمة فيروس كورونا كلفته وظيفته كمقاول للأعمال الهندسية لحساب شركة لتصنيع السلاح. لكنه لا يلوم ترامب.
وأضاف: “هو ليس قديسا لكنه ليس سياسي عادي. أعتقد أنه يهتم حقا بالناس”.