د. أيمن سمير يكتب: أجواء حرب الأفيون الثالثة

د.أيمن سمير

المخاوف من صعود الصين نحو قمة العالم لا تقتصر على الولايات المتحدة، بل يشاركها هذا الهلع كل الدول الغربية، وفي مقدمتها بريطانيا التي تنظر بعين الريبة والقلق للصعود الصيني،  الأمر الذي دفع بيجين ولندن لفرض عقوبات متبادلة على خلفية الاتهامات الغربية للصين بانتهاك حقوق المسلمين في إقليم “جيانجينج” تركستان الشرقية في أقصي شمال غرب الصين، ورغم أن العقوبات المتبادلة بين الصين وبريطانيا جاءت في إطار العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي وخاصة ألمانيا وفرنسا على الصين، يظل السؤال الكبير: لماذا اختارت بريطانيا التصعيد ضد الصين في وقت صعب بالنسبة لها عقب الخروج من الاتحاد الأوروبي؟ وما هي أوراق بريطانيا ضد الصين؟ وكيف يمكن للتحالف الغربي أن يبطئ تقدم الصين حسب وعد الرئيس بايدن في مؤتمره الصحفي الأول بأن الصين لا يمكن أن تحل محل الولايات المتحدة ما دام بايدن في البيت الأبيض؟.

 

هونج كونج وحرب الأفيون

منذ أن فرضت الصين قانون “الأمن القومي” على هونج كونج العام الماضي زادت حدة التوتر بين بريطانيا والصين حيث شعرت بريطانيا أنها خسرت هونج كونج التي دخلت حربين مع الصين من أجل السيطرة عليها، فالمعروف أنه منذ عام 1820 كانت بريطانيا أكبر مورد للأفيون في الأسواق الصينية، وهو ما خلق مشاكل اقتصادية واجتماعية هائلة بسبب الإدمان على هذا المخدر بين أوساط الشعب الصيني، وعندما حاولت الصين منع بريطانيا من هذه التجارة اندلعت حرب الأفيون الأولى التي حاصرت فيها بريطانيا الصين وانتهت عام 1842 لصالح بريطانيا التي زاد نفوذها في المدن الصينية الساحلية، وهو ما شجعها على الدخول مرة أخرى في حرب ضد الصين، ونجحت بالفعل عام 1860 في السيطرة على جزيرة هونج كونج وظلت تسيطر عليها ما يقرب من قرن ونصف حتى غادرتها عام 1997 مع الاحتفاظ بوضع خاص في الجزيرة، ورداً على قانون الأمن الوطني الصيني عرضت بريطانيا الجنسية على 3 ملايين شاب من هونج كونج ممن ولدوا قبل عام 1997، وهو ما أغضب بكين حيث دخل الطرفان في معارك إعلامية أدت لإغلاق بث بي بي سي البريطانية في الصين، وإغلاق مكتب القناة التلفزيونية العامة الصينية في لندن.

 

شد الأطراف

تعتمد نظرية “شد الأطراف” على خلق مشاكل في أطراف الدولة فيتخلخل المركز والقلب، ولهذا تركز النظرية الغربية على الصين في استثمار المشاكل في الأطراف الصينية مثل جينانج جينج “تركستان الشرقية” في الغرب، وهضبة التبت قرب الحدود مع الهند، وبحر الصين الجنوبي أقصي جنوب شرق الصين، وجزيرة تايوان شرق بحر الصين الشرقي، وخلق المشاكل في كل هذه الأقاليم يهدف وفق النظرية الغربية لتشتيت جهد الصين وتعطيل النمو لأقل من 6 %، وزيادة التأمين على البضائع الصينية العابرة في بحر الصين الجنوبي بعد عسكرة الصراع هناك، وهو ما سيؤدي لرفع أسعار البضائع الصينية.

 

التوقيت الخاطئ

ورغم أن المصالح البريطانية تتماهي مع المصالح الأمريكية أكثر بكثير من الصداقة مع الصين إلا أن دخول بريطانيا لهذه الحرب مع الصين في هذا التوقيت يحتاج إلى تدقيق ومراجعة، فالمملكة المتحدة تراهن بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي على القيام بشراكات اقتصادية هائلة مع الصين والهند واليابان ومنطقة الخليج وأمريكا اللاتينية ودول الكومنولث، ويعد الهاجس الأمني هو الدافع الأكبر للقرار البريطاني رغم الحاجة الاقتصادية للشراكة مع الصين، فأجهزة الاستخبارات البريطانية حذرت من دخول شركة هاواوي الصينية في تكنولوجيا الجيل الخامس، وهو ما سينقل كل البيانات والمعلومات عن الشعب البريطاني للحزب الشيوعي الصيني حسب رأي “إم أي فايف” وهو جهاز الاستخبارات البريطاني الداخلي، الأمر الذي أدى لوقف التعامل مع شركة هاواوي، كما أن رئيس الوزراء البريطاني أعلن عن خطة لزيادة عدد الرؤوس النووية البريطانية من 148إلى 285 رأسا نوويا نظراً لتزايد خطر الصواريخ النووية الروسية والصينية بعد أن زادت الرؤوس النووية الصينية إلى 5000 آلاف قنبلة نووية مع احتفاظ روسيا بـ 6600 رأس نووي حسب التقديرات الغربية، ورغم كل هذه المخاوف الأمنية لا تزال الأسواق الصينية تستقبل بضائع بريطانية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني وتصدر إلى المملكة المتحدة بضائع صينية تقدر بنحو 49 مليار إسترليني، وهو ما دفع فريقا في حزب المحافظين الحاكم إلى الدعوة لتوخي الحذر في الاشتباك السياسي والاقتصادي مع الصين

وإذا كانت حرب الأفيون الأولى بدأت بحصار بحري مباشر من البحرية البريطانية للسواحل الصينية وانضمت لها البحرية الفرنسية في حرب الأفيون الثانية، فإن بريطانيا وفرنسا اليوم  ومعهم ما يسمى بتحالف “الديمقراطيات” الذي يضم الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا واليابان والهند وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي سيعملون على تكرار سيناريو حصار حرب الأفيون لكن بصيغة عصرية من خلال منع تصدير الصين للقاحات الكورنا إلى الدول الآسيوية التي تجاور الصين حتى تحرم الصين من أي نفوذ مستقبلي، ويتزامن كل ذلك مع عودة نبرة الاتهامات بأن معمل ووهان  الصيني هو المصدر لفيروس كوفيد 19

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]