د. أيمن سمير يكتب: ماكرون و”الاستدارة شرقًا”

د.أيمن سمير

طرح الكثيرون أسئلة حول طبيعة الدور الفرنسي في المنطقة العربية خاصة بعد اهتمام الرئيس ماكرون غير المسبوق بالأزمة اللبنانية، ودعمه الكامل للعراق، وتصديه بحزم للعدوانية التركية سواء ضد جيرانها في آسيا وأوربا أو في ليبيا وشرق المتوسط، وهناك من قال إن الاستعمار الفرنسي عائد من جديد وإن ماكرون ما هو إلا “الوجه الناعم” لحملات نابليون بونابرت على الشرق، والبعض الآخر تحدث عن “زعامة شخصية” يسعى لها ماكرون على الساحة الأوروبية يريد أن يدشنها من الشرق الأوسط في ظل التراجع الملحوظ للدور الألماني في قيادة الاتحاد الأوروبي، فما هي حقيقة التحركات الفرنسية في المنطقة؟ وهل تصب في صالح دول الإقليم العربي؟ وهل من علاقة أو تشجيع من جانب واشنطن للدور الفرنسي؟.

الاستدارة شرقًا

المؤكد أن الدور الأوروبي سواء كان فرنسيًا أو بريطانيًا كان مكملاً للدور الأمريكي في الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، وتصاعد هذا الدور بعد إنفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم عقب سقوط الاتحاد السوفيتي، ونتيجة لتعاظم قدرات الصين السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتراجع “القيمة النسبية” للشرق الأوسط على الأجندة الأمريكية نشرت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مقالاً بعنوان “الاستدارة شرقًا” في عدد مايو من عام 2010 في مجلة فورن بولسي الأمريكية، قالت فيه وبوضوح إن الولايات المتحدة تعتزم مغادرة الشرق الأوسط، والتركيز على الصين وجنوب شرق آسيا، وإنها عندما تغادر سوف تترك المنطقة لحلفائها “الأطلنطيين” في حلف الناتو لملء أي فراغ في المنطقة العربية وشمال أفريقيا وحتى حدود أفغانستان شرقًا، ومنذ ذلك التاريخ بدأت الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق، وبعد ذلك من سوريا وأفغانستان، ولم تبني أو تؤسس أو حتى توسع واشنطن أي قواعد عسكرية لها من أفغانستان شرقًا وحتى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وحتى عندما كانت تتعقد الأوضاع في الشرق الأوسط كانت واشنطن ترسل عددًا محدودًا فقط من القوات وتعيد سحبهم بعد ذلك، على الجانب الأطلنطي كان دول الحلف وخاصة بريطانيا وفرنسا أكثر الدول التي سعت لتحل محل “التخارج الأمريكي” من المنطقة.

روافع فرنسية

هناك مجموعة كبيرة جدًا من العوامل التي ساهمت في العودة الفرنسية للمنطقة العربية بجانب “الغياب الأمريكي” المتوقع قبل 2032، فباريس تشعر أنها تتمتع “بمقبولية فرنسية” لدورها في الإقليم العربي الذي يرى في الحضور والدعم الفرنسي “حائط” صد أمام التدخلات الإقليمية في المنطقة، كما أن فرنسا وجدت نفسها في بؤرة الأحداث التي تعاني منها المنطقة، وكان لذلك تأثير مباشر عليها سواء على مصالحها في الشرق الأوسط أو حتى داخل فرنسا نفسها، فكل التقارير الدولية حول داعش من 2013 وحتى الآن بما فيها تقارير المخابرات الفرنسية قالت إن فرنسا هي الدولة الأوروبية الأولى التي قدمت إرهابيين للتنظيم المتطرف، كما تخشى الشرطة الفرنسية موجة جديدة من الإرهاب في فرنسا، وارتباط هؤلاء الإرهابيين بنظرائهم في الشرق الأوسط وشمال ووسط أفريقيا، وما زال ملف “العائدين من داعش” يمثل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي الفرنسي، ناهيك عن تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تعاني منها فرنسا، وما يشجع باريس على مزيد من الانخراط في المنطقة العربية هو استعداد دول المنطقة لمشاركة فرنسا مشروعها ضد الجماعات المتطرفة حتى خارج المنطقة العربية، وتجلى ذلك في دعم دول الخليج للقوات الفرنسية “5200 جندي” في منطقة الساحل والصحراء حيث قدمت هذه الدول تمويلًا ماليًا كبيرًا يتجدد سنويًا بعد أن رفضت دول أوروبية مثل ألمانيا وهولندا وأسبانيا دعم قوات G5، ويعزز من الدور الفرنسي أن الدول الأوروبية خاصة دول جنوب أوروبا المطلة على البحر المتوسط “ميد 7” ومعهم ألمانيا يدعمون بشكل مطلق وغير مشروط التوجه الفرنسي في المنطقة العربية، لأنها ترى مخاطر مباشرة من المنطقة العربية، وتجسد ذلك بوضوح في الدعم اللوجستي الألماني لحاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديجول” أثناء عملها شرق المتوسط، والدعم اللوجستي الأوروبي للطيران الفرنسي في غاراته على داعش في سوريا والعراق

ليس زمن الانكفاء

أثناء الاحتفال بعيد الجيش الفرنسي في شهر يونيو الماضي تحدث الرئيس الفرنسي عن مخاطر “الانكفاء على الذات” وأن ترك الملفات الحيوية في يد الآخرين شكل تحديًا حاليًا ومستقبليًا على فرنسا والدول الأوربية، ووفق هذه الرؤية ترى فرنسا أنها يجب أن تكون صانعة للأحداث، وظهر هذا عندما قال الرئيس ماكرون “هناك لعبة قوى جديدة، وهو ما يتوجب على فرنسا وأوروبا أن تحدد دورها ومكانتها في البحر المتوسط دون سذاجة ومن دون تهاون، وأن منطقة البحر المتوسط لا يمكن أن تبني سلامًا دائمًا من دوننا، ولا يمكننا أن نقبل بأن تبني قوى أخرى (في إشارة لتركيا) مستقبلنا، وهو ما يؤكد جدية فرنسا في منع تركيا عن مواصلة “المقامرة الحالية” سواء في المشرق العربي أو شرق المتوسط أو في الساحل والصحراء.

وسائل غير ناعمة

كثيرًا ما كانت الوسائل الناعمة هي طريق فرنسا للسيطرة على العقول والقلوب، لكن الرئيس ماكرون الذي قال “إن الأتراك يفهمون فقط لغة الأفعال وليس الأقوال” يستخدم أكثر الوسائل خشونة في دعم حلفائه في الشرق الأوسط، وهو ما نراه بوضوح في تقديم فرنسا للدعم العسكري بثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني، ويعكسه أيضًا التعاون العسكري الكبير بين فرنسا من جانب والجيش العراقي وقوات البشمركة من جانب آخر سواء في التدريب والسلاح أومحاربة داعش.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]