د. حسام الدجني يكتب: البرازيل على طريق الهند

في زمن الراحل ياسر عرفات كان القصر في الهند يعتبر ياسر عرفات بما يمثله من رمزية فلسطينية أحد أبناء القصر، على عكس تعاطي الهند بروتوكولياً مع العديد من زعماء العالم، فقد كانت الهند صديقة تاريخية للشعب الفلسطيني حتى توقيع اتفاق أوسلو. والتي تشكل نقطة انطلاق في تطور علاقات الهند مع إسرائيل، ومن أهم أسباب التحول بالموقف الهندي تجاه إسرائيل ورقة الاستثمار والتنمية، والأمن، وتكنولوجيا المعلومات، وتقنية الطائرات بدون طيار وغيرها. وحسب حديث سابق مع دبلوماسي هندي زار قطاع غزة مؤخراً، أفاد بأن السفير الإسرائيلي يزور وزارة الخارجية الهندية أكثر ما يزورها السفراء الهنود، بينما السفير الفلسطيني وطاقم سفارته لا يخرج من مكتبه إلا بالأعياد الوطنية واحتفالات العشاء الدبلوماسي.

اليوم أصبحنا على موعد مع دولة جديدة من أصدقاء الشعب الفلسطيني التاريخيين، وهي البرازيل، فقد حقق اليميني المتطرف جاير بولسونارو فوزاً بنسبة 55% على اليساري ميشيل تامر، واللافت أن أولى تصريحات الرئيس الجديد تجاه القضية الفلسطينية كان موضوع نقل السفارة البرازيلية من تل أبيب إلى القدس، وكأننا أمام ترامب جديد للبرازيل، وخسارة جديدة للقضية الفلسطينية بعد الهند وجزء كبير من القارة الإفريقية، وللأسف عجلة تطبيع تسير بخطى متسارعة بين إسرائيل وبعض الدول العربية.

لم يحدث هذا التحول في موقف البرازيل فجأة، وهو انعكاس طبيعي لحالة التطرف الأيديولوجي الذي يمثله الإنجيليين في الولايات المتحدة وفي أمريكا اللاتينية، وبذلك سارت البرازيل على درب الولايات المتحدة، وربما دول أخرى على نفس الطريق ما لم نعيد تقييم عملنا السياسي والدبلوماسي انطلاقاً من دراسة وتقييم للتجربة الإسرائيلية ونجاحاتها على المستوى الخارجي والداخلي. إن قرار الرئيس البرازيلي الجديد بولسونارو بنقل سفارته من تل أبيب إلى القدس تحكمه أربعة دوافع هي:  إرضاء ترامب – إرضاء الإنجيليين – إرضاء إسرائيل – إرضاء أصدقاء إسرائيل الذين يجدون في دعم البرازيل لفلسطين عمل يساري متطرف.

وهذه الدوافع قد تعزز من فرص تنفيذ وعد الرئيس البرازيلي في نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، ولكن في المقابل من الممكن العمل على فرملة هذه الخطوة لو أحسنا التصرف.

إن أهم سبل مواجهة التحول البرازيلي يبدأ من لحظة فهمنا لمجموعة من المحددات التي تضبط العلاقات الدولية للبرازيل وهي مستمدة من الدستور البرازيلي والتي نصت عليهم المادة الرابعة: الاستقلال الوطني، تقرير المصير للشعوب، عدم التدخل، التسوية السلمية للمنازعات.

إن قرار الرئيس البرازيلي الجديد بولسونارو  الذي من المقرر أن يستلم السلطة من الرئيس السابق ميشيل تامر في يناير/2019م، بشأن نقل السفارة البرازيلية من تل أبيب إلى القدس، هو مخالف للدستور البرازيلي، وعليه ينبغي التعاطي مع تلك القضية بما لا يمس المبدأ الدستوري الذي يقضي بعدم التدخل في شأن داخلي برازيلي، وأن يتم العمل ضمن رؤية واضحة في التعاطي مع هذه الدولة المهمة في القارة اللاتينية. وعليه فإن المطلوب فلسطينياً وعربياً ومن أحرار العالم ما يلي:

  1. التأكيد على انتهاك الخطوة البرازيلية للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية.
  2. حشد موقف عربي إسلامي دولي لقيادة حراك سياسي قانوني إعلامي لوقف تلك الخطوة التي تهدد السلام والاستقرار.
  3. تنسيق العمل مع الدبلوماسية الرسمية والشعبية بالبرازيل، والتواصل مع الشخصيات المؤثرة داخل البرازيل من أبناء الجاليات الفلسطينية والعربية وأحرار العالم، لحشد الرأي العام البرازيلي ضد الخطوة، ودراسة فرص رفع دعاوي قضائية ضد القرار الذي يخالف الدستور البرازيلي.
  4. تنظيم وقفات شعبية في الأراضي الفلسطينية ترفع العلمين الفلسطيني والبرازيلي وتوضح للمجتمع البرازيلي وحكومته مخاطر الخطوة وانتهاكها للدستور البرازيلي. مع تبني خطاب اعلامي يراعي العلاقات التاريخية بين البرازيل وفلسطين.
  5. ضرورة أن تعمل كل الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية على التواصل مع أصدقائهم من الدول ذات العلاقة بالبرازيل لممارسة ضغط على القيادة البرازيلية الجديدة للتراجع عن قرار نقل السفارة إلى القدس.

الخلاصة: إن ما تشهده الساحة الدولية والإقليمية من تحولات شكلية أو جوهرية تجاه القضية الفلسطينية، وهرولة البعض نحو إرضاء إسرائيل والتطبيع معها، وتجسيد حلمها بأن القدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل بما يخالف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية له ثلاثة أسباب:

أ‌.        حالة الانقسام السياسي الفلسطيني الذي أساء لقضيتنا وقدم أولوية الإنساني على السياسي، فضاعت الحقوق لصالح رغيف الخبز.

ب‌.   حالة التيه السياسي التي بدأت مع توقيع اتفاق أوسلو فأصبحت إسرائيل دولة طبيعية في المنطقة يجري الرئيس الفلسطيني عديد اللقاءات مع قادتها، فكسرت الحواجز النفسية لدى الآخرين.

ت‌.   فشل دبلوماسيتنا الفلسطينية بشقيها الرسمي والشعبي، مقابل نجاح دبلوماسية الاحتلال التي تعتمد على تقديم المساعدات والخبرات للدول لا جمع التبرعات وإقامة المشاريع العامة أو الخاصة.

Hossam555@hotmail.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]