د. حسام الدجني يكتب: رسالة إلى القائد

د. حسام الدجني

سيدي القائد، أحييك بتحية الإسلام العظيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أبدأ رسالتي بالإحاطة التالية: قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 364 كم2 ويقطن به أكثر من مليوني نسمة، أغلبهم يشكلون حاضنة قوية للمقاومة الفلسطينية، ويحفظون ظهرها، وهو ما أكدته الأحداث التي حصلت يوم الجمعة الماضي عبر عزوف كبير عن المشاركة في دعوات حراك بدنا نعيش، ما يؤكد أن شعبنا يتفهم تعقيدات المشهد والمتسبب الحقيقي بالحصار، ولكن سيدي القائد في المقابل هؤلاء يجب أن نضعهم فوق الرؤوس، وأعلم أن الحاضنة الشعبية كل همكم، وعليه مطلوب أن تنحتوا بالصخر، وتفعلوا المستحيل من أجل أن تسمعوا منهم مباشرة، وأنا هنا أريد أن أبرق برسالتي التي تتضمن معاناتهم، وأنا متأكد أنك تعلم أكثر ما نعلم، فأنت من الشعب، ولكن ربما هناك بعض الزوايا التي بحاجة إلى أن نقدمها لك كي نذكّر، فإن الذكرى لحن تعزف عليه أوتار القلوب، وكم نحن بحاجة لنوصل معاناتنا عبر قلمنا وصوتنا قبل أن نذكّر وقد فات الأوان، وقت تكون الحاضنة الشعبية ترهلت وضعفت، بل أصبحت بعيدة عن الواقع الوطني والنضالي ولا يسيطر على فكرها سوى ملاحقة الأزمات التي تعصف بالقطاع الحبيب.

أزمات لو استهدفت أكبر العواصم لانهارت بعد أسابيع قليلة، فكيف الحال بعد سبعة عشر عاماً وقطاع غزة يعاني من أزمة فقر مدقع، وبطالة خريجين، وانقطاع للتيار الكهربائي، وشح في الرواتب والموارد، وتقاعد لمن هم في زهرة شبابهم مقابل تجاوز أعمار قادة شعبنا ما متوسطه 70 عاماً. أزمات زادت من معدلات العنوسة والطلاق، ومن صمدت من حرائر شعبنا على ضنك الحياة وقلة الحال أصابها المرض والضعف والهوان والإحباط.

سيدي القائد، حسب تقديري – وأنا أدعي أنني متابع جيد للوضع السياسي والاجتماعي – أن الحصار أخطر أشكال العدوان الصهيوني على قطاع غزة، فالعدوان العسكري الصهيوني يقتل ألفا أو ألفي فلسطيني وربما أقل من ذلك بكثير، في المقابل المقاومة ترد وتكبد الاحتلال خسائر، لكن الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة يقتل قتلاً بطيئاً مليوني فلسطيني ونيف، حيث زادت نسبة الاكتئاب، وأصبح الهروب من قبل بعض شبابنا تجاه آفة المخدرات والعقاقير المضرة، أو العنف الأسري، أو البكاء بين جدران المنزل لأب غير قادر على تلبية تطلعات أولاده بحياة كريمة وتعليم جامعي، وعلاج لجسد أنهكه المرض.

سيدي القائد، وفقاً للمعادلات السابقة، واستشرافاً للمستقبل، ومع حديث الاحتلال حول غاز المتوسط وحقل مارينا وغيره من الاستكشافات التي نعرفها والتي لا نعرفها، والتي تغير حياة القطاع وتجعله من متلقي للمساعدات إلى مصدّر لها نحو الشعوب المكلومة في هذا العالم، فإنه يجب أن يكون على رأس أولوياتكم كسر هذا الحصار، ومعالجة لجميع الأزمات بما يخفف عن كاهل شعبنا العظيم، فلو سقطت غزة ومقاومتها سيسقط المشروع الوطني بلا رجعة، ولا يمكن لمقاومة أن تحقق الأهداف الوطنية في ظل وجود شعب جائع، يقابله مشهد لبعض أسر القيادات مرفهة، تلك معادلة لا يمكن أن تؤسس لمسار نضالي سليم، وستمنح خصوم وأعداء المقاومة مساحة للتسلل للوعي الجمعي الفلسطيني، وعليه أصبح من أعلى درجات الأولوية السير ضمن المسارات الثلاثة التالية:

الأول: المسار الإصلاحي، ويتم سيدي القائد عبر الضغط على جميع الأطراف للذهاب نحو الوحدة الوطنية ووحدة النظام السياسي عبر انتخابات نزيهة في جميع المؤسسات، والذهاب نحو تقييم تجربة الحكم في قطاع غزة، والعمل على تحسين جودة الخدمة الحكومية، ولا أحد ينكر أن هناك جهودًا تعكس الرقي في الأداء الحكومي، ولكن شعبنا بحاجة إلى المزيد لا سيما بالملفات التي تمس حياته بشكل مباشر، وكذلك البحث بكل الوسائل لترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية قولاً وفعلاً عبر عدة خطوات تؤسس لنتيجة مفادها أن جميع مكونات الشعب يواجهون الحصار على قلب رجل واحد، وأن ينسجم خطاب الحصار مع سلوك الجميع على الأرض قادة وجندًا وشعبًا.

يجب أن تعمل سيدي القائد على متابعة سلوك القادة وأسرهم، وأن لا تسمح بأي حال من الأحوال للفجوة الطبقية أن تكون ظاهرة، فنحن شعب ما زلنا تحت الاحتلال ويجب أن تقدم المقاومة والحكومة نموذجاً في التكافل والتراحم والتعاضد.

سيدي القائد ضمن المسار الإصلاحي عليك العمل على محاربة الفساد المالي والإداري إن وجد، وإعادة النظر بمظاهر الترف لبعض القيادات الحكومية والفصائلية والمتمثلة في ركوب بعض القيادات لسيارات – دون مبرر أمني – يتجاوز سعرها 30 ألف دولار، في المقابل يركب موظفو الأونروا سيارات متواضعة موحدة لا يتجاوز سعرها دون جمرك حكومي 15 ألف دولار، ويستثنى من تلك القاعدة بعض القادة الذين يتطلب موقعهم من الناحية الأمنية ركوب سيارات دفع رباعي.

سيدي القائد.. المسار الإصلاحي لا يقتصر فقط على الحكومة وفصائل المقاومة، بل ينبغي أن يصل إلى الشركات والمؤسسات العملاقة في القطاع، ومعها مؤسسات المجتمع المدني، بما يطرح التساؤل: لماذا لا تستثمر تلك الشركات في أرباحها داخل حدود قطاع غزة…؟ وأين هي صناديق المسئولية الاجتماعية وكيف يتم انفاقها، وهل تؤسس لتنمية حقيقية تبني اقتصاداً وتساهم في حل الأزمات…؟

الثاني: المسار الدبلوماسي ويتمثل عبر تنشيط الفعل الدبلوماسي لقيادة حركة حماس ومعها الفصائل الفلسطينية والنخب والمجتمع المدني في الداخل والخارج بما يؤسس لحل الأزمات عبر مشاريع تقدمها دول وشعوب صديقة في هذا العالم، دول تحترم مبادئ الإنسانية وممكن أن تتدخل على أقل تقدير في دعم وتطوير محطة توليد الطاقة، عبر شراء توربين جديد، وتأمين تشغيله من إيرادات الشركة أو قنوات الدعم الشعبي والرسمي، ودعم المشاريع الصغيرة، واستقطاب عمالة من الشباب الفلسطيني للعمل في دول مثل قطر وتركيا وماليزيا والإمارات، وغيرها من الدول التي يستطيع قادة شعبنا الوصول والتأثير على قادتها، وأقترح في هذا المحور سيدي القائد التوصل لاتفاق مع تلك الدول على بناء مدن صناعية في بلدانهم، تستوعب تلك العمالة من الشباب، وبذلك تكون الاستفادة مزدوجة للفلسطينيين وللدول المضيفة، وحتى نحقق الهدف الدبلوماسي يتطلب من حركة حماس تعزيز علاقاتها بالنائب محمد دحلان وتياره الإصلاحي عبر حوار استراتيجي يصل بنا لهذا الهدف، وباقي القوى الفلسطينية، مع تعثر فرص المصالحة في زمن الرئيس محمود عباس.

الثالث: المسار العسكري، لا أحد في الساحة الفلسطينية يشكك للحظة بنوايا المقاومة فهي قصة عشق لا محدود بين الرأي العام وفكرة المقاومة، كيف لا والمقاوم هو من رحم الرأي العام، وهو الصف المتقدم الذي يقدم روحه في سبيل التحرر والانعتاق من الاحتلال، وقد يسأل البعض: ماذا قدمت المقاومة لنا…؟ أجيبه بالقول: الرئيس أبو مازن رفض المقاومة المسلحة وساهم في إنهائها بالضفة المحتلة ماذا قدم له الاحتلال…؟ لا شيء بل مزيد من الاستيطان والعدوان والتهويد، وعليه فإن مسار المقاومة هو الطريق الأمثل لمواجهة الاحتلال، ولا توجد تجربة استعمارية انتهت دون مقاومة متعددة الأشكال.

وفقاً لكل ما سبق، فإن ملف الحصار يجب أن يكون على رأس أولويات المقاومة، وعليها أن تفرض معادلة الغاز ومعادلة الكهرباء، وفرص العمل، وإدخال البضائع وتصديرها، وأن يكون لنا ميناء ومطار في قطاع غزة ضمن مسارها التفاوضي في أي معركة عسكرية أو صفقة تبادل، أو أي طريقة تحقق الهدف، فرسالة بعض الجماهير الصادقة التي تقول من حقنا أن نعيش يجب أن تقابل برسالة من المقاومة مفادها، لقد وصلت رسالتكم وسنفرض سوياً العيش الكريم عبر العنوان الصحيح للمتسبب بالحصار وهو الاحتلال الإسرائيلي بالطريقة التي تراها فصائل المقاومة مناسبة.

 

HOSSAM555@HOTMAIL.COM

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]