د. حسام الدجني يكتب: صفقة القرن وخيارات المواجهة

حسام الدجني

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في احتفال بيع فلسطين تحت مسمى صفقة القرن، وجوهر هذه الصفقة اعتراف ترامب بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل، وضم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لدولة الاحتلال وتبلغ مساحتها ما نسبته 30% من مساحة الضفة الغربية، وحل قضية اللاجئين خارج حدود إسرائيل، وضمان أمنها، وهو ما يمنح إسرائيل الولاية الأمنية على الدولة الفلسطينية المرتقبة وفق الرؤية الأمريكية الإسرائيلية، كما سيمنح إسرائيل مستقبلاً الولاية الاقتصادية على إقليم الشرق الأوسط تمهيداً لهيمنة صهيونية كاملة على الإقليم.

الخطير في صفقة القرن هي أنها تمنح الفلسطينيين دولة على ما مساحته 12% من مساحة فلسطين التاريخية، ويا ليتها دولة بالمفهوم الشامل للدول، بل تتعاطى الصفقة مع فلسطين كما يتعاطى ترامب مع عقاراته، تباع وتشترى، وعليه دفع ثمنها خمسون مليار دولار، ومليون وظيفة.

ألهذا الحد وصلت الحالة العربية والإسلامية من الضعف والهوان كي تتجرأ إسرائيل والولايات المتحدة على التراب الفلسطيني الذي نزفت دماء الجيوش العربية على ترابه..؟

إن إفشال صفقة القرن لا يكون عبر استراتيجية البكائيات، ولا خطاب المظلومية ولغة القانون الدولي رغم أهميتهما، بل إن خيارات المواجهة ينبغي أن تنطلق من المعادلة التالية:

تسقط صفقة القرن في حالة واحدة فقط وهي التحرر الحقيقي من ثلاثة (التبعية – المصالح – الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل)، وهذا لا يمكن تطبيقه دون وحدة وطنية تؤسس لتوافق على استراتيجية وطنية.

فكيف نتخلص من التبعية والمصالح..؟
التبعية تعني ارتهان قرارنا السياسي بيد الآخرين، وهنا يجب أن نقر كفلسطينيين أننا نكذب على أنفسنا عندما نتحدث عن القرار الوطني المستقل، فلا قرار مستقل لمن ينتظر قوت يومه من الآخرين، لا أحد يموّل السلطة الفلسطينية، أو حكومة غزة دون أثمان سياسية، ولا حتى الفصائل أو المجتمع المدني، وهذا التمويل هو وقود جماعات المصالح التي أصبحت قطط سمان تتحدث فوق الطاولة بلغة، بينما تصنع قراراتها بما لا يتعارض ومصالحها، وهو ما يفسر عدم تطبيق أغلب قرارات مؤسساتنا الوطنية وعلى رأسها مخرجات المجلس المركزي الفلسطيني.

أما كيف نتخلص من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل..؟
هنا بيت القصيد، وبما أن شعبنا الفلسطيني تعرض طوال السنوات الماضية لنظرية الصدمة التي عملت الإدارة الأمريكية على تطبيقها مع تشيلي والعراق وسوريا وغيرها من البلدان والشعوب، فإن شعبنا الفلسطيني مورست عليه نظرية الصدمة، حتى بات من نتائجها ما يلي:
1. إشغال العقل الفلسطيني باحتياجاته الإنسانية على حساب تفكيره بحقوقه السياسية.
2. تآكل الطبقة الوسطى في المجتمع الفلسطيني لصالح الطبقة الفقيرة أو الغنية، وهو ما ساهم في أزمة ثقة بين عموم الشعب الفلسطيني وجزء كبير من قياداته.
3. حالة الانقسام التي رسخت في الوعي الجمعي الفلسطيني مفاهيم خطيرة، بحيث بات يرى الحمساوي كل ما يقوم به شقيقه الفتحاوي بأنه مؤامرة تستهدف وجوده إلخ.. ونفس الشيئ ينظر الفتحاوي للحمساوي وهكذا الحال على كافة الفصائل والمجتمع المدني، حتى باتت كافة مخرجاتنا وانجازاتنا الفلسطينية محل تشكيك، فخرج جيل كامل مناعته الوطنية بحاجة ماسة لعلاج عاجل.

وفق ما سبق، فإن اتفاقية أوسلو كانت سبباً مباشراً في صناعة واقعنا المؤلم، واستفادت منها إسرائيل أكثر ما استفدنا منها نحن الفلسطينيين، وعليه فإن إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال قد تكون بمثابة صدمة لصانع القرار في الولايات المتحدة وتل أبيب، لأن من وافق على صفقة القرن انطلق من علم ودراية في طبيعة الرد الفلسطيني والذي حسب توقعاتهم سيسير في ثلاث مسارات هي:

• اجتماع للمجلس المركزي أو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واطلاق خطاب ناري يحمل مجموعة من التوصيات، ويشكل الرئيس محمود عباس لجنة برئاسة صائب عريقات، تجتمع مرة أو مرتين ثم تغيب.
• بيان شجب واستنكار ورفض، مع بعض الجولات الدبلوماسية والقمم العربية، وهاشتاق قد يصل للتريند العالمي يرفض صفقة القرن.
• دعوة لمسيرات شعبية ومظاهرات في الأراضي الفلسطينية وربما بالشتات تستمر ليوم أو يومين، وستنتظر غزة تحرك الضفة الغربية، في حين تعول الضفة على أن تتحرك غزة، وبين هذا وذاك ستعمل جماعات المصالح بعدم انزلاق هذه المظاهرات لمستوى انتفاضة عارمة تهدد مصالح القطط السمان.
وحتى نفشل توقعاتهم وتوقعات العديد من المراقبين، فإن المطلوب فلسطينياً البحث ودراسة الخيارات التالية:
– إعلان إنهاء الالتزام بكافة الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وتبدأ السلطة الفلسطينية بإعادة النظر بدورها الوظيفي كما تحدث الرئيس عباس -ولا يكفي الحديث هنا بل مطلوب فعل حقيقي على الأرض – وأن تبدأ مرحلة التحول نحو دولة تحت الاحتلال، وأن يسمح للمواطن الفلسطيني بممارسة دوره في موجهة الاحتلال والسلطة الجديدة تحمي ظهره، وهنا قد تصل التداعيات لإنهاء دور السلطة، وهذا ممكن لكن النتائج ستكون على الاحتلال أكبر كونه سيتحمل كافة المسئولية عن الشعب الفلسطيني وأعباء ذلك في كافة المستويات.
– دراسة خيار حل الدولة الواحدة الديمقراطية المدنية لكافة مواطنيها، وتبني ذلك رسمياً.
– الذهاب لكافة المنظمات الدولية وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية ضمن مقاومة دبلوماسية ممنهجة تضغط على إسرائيل.
– العمل مع اللوبيات في الولايات المتحدة لضمان خسارة ترامب في الانتخابات المقبلة، فقد يؤسس ذلك لثغرة ممكن أن يستفيد منها الفلسطينيون في ظل رفض الديمقراطيين للصفقة.
– زيارة الرئيس عباس لغزة التي أعلن عنها في خطابه الأخير تشكل بارقة أمل لو أحسن قادة الفصائل التدبير والتخطيط للتوافق على كافة الخطوات بما يقنع الرأي العام الفلسطيني.
الخلاصة: إن خياراتنا كفلسطينيين يجب أن تخرج عن الإطار التقليدي المعروف باتجاه خطوات صادمة للجميع، حتى تصل رسالة شعبنا الفلسطيني للعالم أجمع بأن انتقاص حقوقه لا يمكن أن يمر بأي حال من الأحوال وأن الاحتلال إلى زوال.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]