د. طلال الشريف يكتب: لماذا لا يصدق البعض امكانية نشوب حرب أهلية في فلسطين؟! 

هل صحيح لو تمت المصالحة ستصبح عنصرا أو حالة جديدة أكثر قابلية للحرب الأهلية؟
وهل التهدئة أيضا عنصر جديد يغير موازين القوة علي الأرض قد يؤدي لحرب أهلية؟
سؤالان أو سؤال كبير من شقين.. وهو سؤال افتراضي أو فرضية تعالوا نبحثها سويا لنري إن كان لذلك حيثيات حقيقية أو فعلية علي الأرض لتثبيت الفرضية، أو أنه ليس للحرب الأهلية من حيثيات حقيقية أو فعلية على الأرض الفلسطينية، وبذلك تنتفي الفرضية.
بداية لابد من ذكر المتطلبات الرئيسية لأي حرب أهلية وهي:
 1- أن يكون هناك طرفان أو حزبان أو طائفتان أو عرقان قويا النفوذ وكبيرا العدد، رغم أن الحرب الأهلية قد تحدث نتيجة صراع أقلية مع أغلبية، لكن حسم ذلك للأغلبية يكون سريعا أقرب لتعريف التطهير العرقي، فلا تصل لحدود تعريف الحرب الأهلية بالزمن المطلوب كما يأتي في المتطلب الثاني.
2- أن الحروب الأهلية تستمر وقتا أطول من الخلافات المحدودة أو التطهير العرقي، وقد يصل زمن الحروب الأهلية لعشرات السنين كالحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990 أو الحرب الأهلية الصومالية 1991- حتى الآن،  وهي نماذج حديثة وقريبة من بيئتنا الفلسطينية وقريبة الشبه لحالتنا التي نبحثها. وقد قلنا في المتطلب الأول عن توفر وجود حزبين كبيرين قويين أو طائفتين تتصارعان في بلد ما، وغالبا تحت عنوان الصراع علي السلطة أو نتيجة للظلم والقهر الواقع علي إحدي الجماعتين من الأخرى.
3- البيئة الداخلية وامتدادات الخارج الداعم للأطراف المتحاربة علي خلفيات عرقية أو دينية أو قومية أو تهديد أمن قومي للدول المجاورة، وهنا في فلسطين كانت الحرب الأهلية في 2007 بين حركة وطنية وحركة إسلامية هدفها السلطة وتغيير ثقافة المجتمع عبر الاستيلاء على السلطة أو الهدفين معا.
في تعريف الحرب الأهلية كما جاء في ويكيبديا: هي الحرب الداخلية في بلد ما، التي يكون أطرافها جماعات مختلفة من السكان، كل فرد فيها يرى في عدوه وفي من يريد أن يبقى على الحياد خائنا لا يمكن التعايش معه ولا العمل معه في نفس التقسيم الترابي.
بتعدد وتنوع الأسباب المقدمة لنشوء الحروب الاهلية كما ذكرنا أعلاه يبقى الحل الأكثر نجاعة لها على مدى العصور هو التفاوض السلمي.
ونأتي لفلسطين لنقرأ في حيثيات وممارسات ما جري وما يجري، كون الهدف كان لحماس كطرف من أطراف الحرب الأهلية هو السيطرة على مقاليد الأمور وممارسة السيادة وتغيير ثقافة المجتمع نحو الأسلمة، رغم أن السكان مسلمون إلا قليلا منهم، وحدثت الجولة الأولى من الحرب فعلا لما يربو على عقد ونيف.
 أسباب الحرب قلنا قد تكون سياسية أو دينية أو طمعا في السلطة، وفي فلسطين هي مزيج من كل هذه العوامل.
تدعي حماس أن اللجوء إلى ما حدث من حسم أو كما نقول عنه هو جولة أولي من الحرب الأهلية، وقد يطلق عليها حالة قصوى من حالات حق دفع الظلم والثورة على حكومة أو فئة حاكمة أخلت بحقوق جزء من الشعب أو المواطنين، أو أخلت بنتائج الانتخابات كما تصفها حماس.
تتصف الحروب الأهلية بالضراوة والعنف وبالنتائج الاقتصادية والاجتماعية المدمرة على المدى القريب، والمؤثرة بعمق على المدى البعيد، لأنها تشمل مناطق آهلة بالسكان، وتكون خاضعة لهجمات متقطعة وغير منتظرة، وسلوكيات تفرق بين الأهل والجيران فتشل الحياة الاقتصادية وتمزق النسيج الاجتماعي، ويحتاج المجتمع إلى عدة عقود من الزمن لإعداة البناء والتوازن والوئام، وهذه كلها حدثت في فلسطين بتفاوت ما بينها.
و كثيرا ما تشكل الحروب الأهلية فرصة لتدخل الدول الكبرى أو المجاورة في مجريات الأمور الداخلية للدولة المعرضة لمثل تلك الحروب. ذلك أن وقوع مثل تلك الحروب يضعف كثيرا من سيادة الدولة ويزيل التماسك الداخلي في وجه التدخل الخارجي، كما أن احتمالات التغير في موازين القوى داخليا قد يؤثر على الدول المجاورة سلبا وإيجابا فترى بعض الدول في انتصار فريق على فريق تهديدا لأمنها، أو للتوازن في تلك المنطقة من العالم أو على صعيد أوسع، وهذا أيضا ما حدث في فلسطين.
إستمر الصراع بين القيادتين والحزبين.. حماس وفتح.. دون حلول وفشلت كل محاولات المصالحة لتباين كبير في قبول الأطراف والمؤيدين للطرفين لبعضهما علي خلفية مزدوجة بين الهيمنة/ السلطة وتغيير ثقافة المجتمع من طرف الاسلاميين، ومن المتوقع أن يستمر الصراع بكل أدواته بما فيها العمل العنيف لفترة زمنية قادمة رغم توقفه فترة من الزمن لعدم حدوث تغيير نوعي في كلا الحزبين من قبيل القوة الفائقة لإجتياح الجغرافيا وموانعها أو تغييرا سلبيا نحو تآكل قوة تماسك أحد الحزبين تؤدي للإنهيار نتيجة خلافات داخلية، أو، إمكانية تغيير إيجابي في أحد النظامين تؤدي للمصالحة واجراء انتخابات جديدة قد توصل لمصالحة وسلم إجتماعي من جديد، ولكن الوقع في فلسطين يؤكد فشل ذلك بعد عقد ونيف من الزمن.
السؤال المطروح أيضا هو هل تندلع خلافات في نظام رام الله تؤدي لضعف السلطة هناك في ظل عدم إحراز انجازات علي صعيد نهج الرئيس عباس التفاوضي، وخططه لنقل القضية للمجتمع الدولي او توسيع دائرة رعاة التفاوض من جديد، وخاصة إذا لم تكن قرارات المجلس المركزي والوطني في تغيير العلاقة والوظيفة مع الاحتلال سارية ومطبقة، أو صراع على خلافة الرئيس وحينها تقوي كفة النظام الحمساوي في غزة ويفرض شروطه على النظام الوطني في رام الله.
سؤال آخر: هل يتم فرض صفقة القرن مع العرب ويبحثون عمن يستجيب من أي من الطرفين المنقسمين  أو ينمو طرف جديد يلقي دعما شعبيا من الفلسطينيين بسبب تدهور الأوضاع للحضيض؟ وهنا أيضا لن تنتهي مخاطر استئناف الحرب الأهلية التي بدأت في يوليو/تمور للعام 2007، وهناك خيار غير متوقع كثيرا وهو أن تضعف حركة حماس وتتشتت بسبب خلافات داخلية أيضا، وتقود رام الله حالة من القوة للتدخل في غزة لهزيمة حماس وفرض الأمر الواقع.
كلها خيارات صعبة لكن الصراع علي السلطة بين حماس وعباس يستقدم كل الحلول غير المنطقية وتصبح مقبولة في غياب الحلول المنطقية التي على ما يبدو ذهبت ولن تعود للحالة الفلسطينية.
بعد هذا الإستعراض المختصر يبقي أخطر ما في المرحلة القادمة، وهو تغيير في الحالة المتجمدة في المكاسب السياسية الكبري تؤدي إلي تغيير في النفوذ علي الأرض والعلاقات الخارجية وتلك المكاسب ستغير الواقع السياسي علي الأرض كالاعتراف العربي أو الدولي بتقسيمات جديدة في النظام السياسي نتيجة لمكاسب جديدة، مثل الاعتراف بحماس كسلطة شرعية وتعاطيها مع الصفقة مثلا، مما سيكبر ويوسع دائرة الصراع الداخلي من جديد بين الاسلاميين والوطنيين لتكون الوصفة الجرباء لإستئناف الاشتباكات والحرب الأهلية التي قلنا إنها بدأت في العام 2007 بين الفريقين الوطني والاسلامي للسيطرة على السلطة والحكم والبلاد.. هذا هو الأخطر في صفقة القرن، وإن كان أو لم يكن من بنودها.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]