د. عزام شعث .. إلغاء الاتفاقات أم ترتيب البيت الداخلي .. أيهما أولًا؟

يُثير قرار القيادة الفلسطينية بشأن التحلل من الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، والالتزامات المترتبة عليها، بما فيها الاتفاقات الأمنية، تساؤلات مهمة حول واقعيتها وقُدرة السلطة الفلسطينية على المضي في هذا المسار، وهي نفسها التي راهنت- لأكثر من ربع قرن من الزمن- على مسار التسوية السياسية كأداة وحيدة للمواجهة وإدارة الصراع مع “إسرائيل”، وحمت الاتفاقات والتفاهمات وعزّزتها في ظل ظروف استثنائية ضاغطة مرت بها القضية الفلسطينية، كانت تستوجب تبني خيارات وابتداع أساليب نضالية لمواجهة السياسات الإسرائيلية بتوافق وإجماع وطني في زمن تنصل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من الوفاء بالتزاماتها منذ توقيع اتفاق أوسلو وما تلاه من اتفاقات وتفاهمات مشتركة وبرعاية دولية.

المعنى أنَّ القرار الفلسطيني المتأخر، وإنْ كان يُمثّل مطلبًا شعبيًا وحزبيًا، إلا أنَّه لا يجيب عن تساؤلات مُلحة، جدية وحاسمة لجهة واقعيته ومستقبله وقدرة المؤسسة الفلسطينية على تطبيقه، ما يجعله في خانة التشكيك خصوصًا في ظل ضعف بُني المؤسسة الرسمية الفلسطينية وغياب قدرتها على المواجهة بسبب الانقسام السياسي الراهن.

لو أنَّنا أدركنا حقيقة أنَّ تأسيس السلطة الفلسطينية في العام 1994، استند إلى الاتفاقات والتفاهمات المشتركة، وعلى توافر الإرادتين الدولية والإقليمية بفعل منجزات الحركة الوطنية الفلسطينية ونضالاتها التراكمية حتى الانتفاضة الأولى عام 1987؛ فإنَّ أركان السلطة الفلسطينية مطالبون اليوم بتفسير مسألة التعارض بين استمرار السلطة والتحلل من اتفاقاتها وتفاهماتها، وهذه المسألة بالذات تتطلب توضيحًا حول موقع ودور ومهام السلطة الفلسطينية راهنًا ومستقبلًا، خصوصًا في ظل إدراك وقناعة قديمة لدى قيادة منظمة التحرير بديمومة السلطة واستمرارها باعتبارها منجَزًا وطنيًا ينبغي التمسك به والحفاظ عليه، ولعل في مثل هذه الإيضاحات ما يعفي قيادة المنظمة والسلطة معًا من الحديث المتكرر عن حالة الفلتان والفوضى والقيادة البديلة واستدعاء نظرية المؤامرة أيضًا.

المطالبة بهذه التفسيرات الواجبة وغيرها من شأنها أنْ تحسم الجدل الدائر حول مصداقية القيادة الفلسطينية وجديتها في تطبيق قرارها الذي لم يتضمن أيّة إجراءات أو مواعيد أو آليات للتطبيق العملي، مثلما أن الإجراءات العملية للسلطة الفلسطينية باتجاه الانفكاك عن “إسرائيل” في المجالات كافة تعفيها تمامًا من التشكيك بقدرتها على وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي والامتيازات والتسهيلات التي يتطلع إليها بعض أعضاء الطبقة السياسية ومسؤولي السلطة من وراء استمرار التنسيق الأمني، وهو أصل الخلاف الداخلي وركيزة العلاقات الصراعية الممتدة بين قوى الحركة الوطنية الفلسطينية، بوصفه يُرتب الالتزامات المؤلمة على الفلسطينيين، فيما يعفي “إسرائيل” من مسؤولياتها القانونية في الإقليم المحتل، فضلًا عن كونه يتعارض مع الثقافة الوطنية ويحدّ من أعمال وقدرات المقاومة بمستوييها الشعبي والعسكري- المسلح في مدن الضفة الغربية وقراها.

برأينا أن مسألة التحلل من الاتفاقيات مع “إسرائيل” ينبغي أن تستند إلى رافعة وطنية أولًا، ثم تهيئة المناخات على المستويين الإقليمي والدولي ثانيًا وثالثًا، فالتوافق على استراتيجية وطنية، وتعزيز آليات الصمود الوطني لمواجهة السياسات الإسرائيلية الأمريكية هو الأساس كي لا تفهم قرارات المستوى السياسي الفلسطيني في سياق الارتهان للموقفين الأمريكي والإسرائيلي، وكرد فعل على نوايا ضم “إسرائيل” لأجزاء من الضفة الغربية ومنطقة الغور، في غياب الإمكانات والموقف الفلسطيني الموحد.

في ضوء الظرف الاستثنائي الضاغط لم يعد أمام القيادة الفلسطينية من خيارات إنْ هي كانت جادة وراغبة في مواجهة إجراءات وسياسات الاحتلال الإسرائيلي، سوى تغليب المصلحة الوطنية العليا والعمل بجهد متواصل من أجل مغادرة مربع الانقسام وطي صفحته المؤلمة، وتهيئة مناخات الوحدة مع كل القوى الوطنية بما فيها قوى منظمة التحرير التي غابت طويلًا عن المشهد وعن الفعل والتأثير بسبب السياسات الداخلية وضعف وترهل مؤسسات المنظمة، ثم إنَّ على قطبي حركة فتح أن يتجاوزوا خلافاتهما الداخلية، وأن يُنهي رئيس الحركة تفرده بالقرار وإجراءاته المستمرة ضد قيادات الحركة بالفصل وقطع الرواتب وغيرها من الإجراءات التي لا تستند إلى قانون أو نظام، وذلك كله من أجل المصلحة الوطنية العليا واستنادًا إلى حقيقة أنَّ حركة فتح هي عامود الخيمة في مسيرة النضال والحركة الوطنية الفلسطينية لا يمكن تجاوزها، بل من الضروري تقويها وجمع شتاتها وضمان وحدتها.

 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]