د. عزام شعث يكتب: العمليات الفردية.. أيّ تحول في أدوات إدارة المواجهة مع إسرائيل ؟

 

عرفت مسيرة النضال الوطني الفلسطيني أشكالًا متعددة من أدوات إدارة الصراع مع “إسرائيل”، تمثلت في: أداتي المقاومة الشعبية السلمية والمقاومة الشعبية المسلحة؛ وأداة المفاوضات؛ وأداة المقاطعة، وأداة تدويل القضية الفلسطينية بالانضمام إلى الأمم المتحدة والتوقيع على اتفاقياتها ومعاهداتها. وقد جرى توظيف هذه الأدوات واستخدامها؛ وفق تقديرات الحركة الوطنية الفلسطينية لظروف كل مرحلة؛ وللأحوال الداخلية والمعطيات الخارجية، وكثيرًا ما تعايشت أشكال نضالية مختلفة في المرحلة نفسها.

فالمقاومة المسلحة تصدرت اهتمام منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية وثبتتها في مواثيقها في مراحل تأسيسها الأولى، قبل أن تتطور أدوات جديدة للمواجهة مع “إسرائيل”، وهي نفسها- المنظمة والفصائل- التي تبنت أداة المقاومة الشعبية السلمية في مؤتمراتها الوطنية والحركية في مرحلة لاحقة، ودعمت أداتي المقاطعة والتدويل، كما أن المنظمة وفصائلها أيدت المفاوضات وعملية التسوية السياسية وسارت فيها.

ويصح القول عند سرد الموقف الرسمي بشأن توظيف أولويات الأدوات الكفاحية، أنّ الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قد امتلك كل الأدوات ووازن بينها وأحسن توظيفها؛ فحينما تعثرت المفاوضات تعثرًا مُزمنًا وأصبحت بلا طائل؛ استدارت المنظمة و”فتح” والسلطة لدعم المقاومة وتعزيزها؛ برعاية عرفات وبتوجيه منه؛ لكنّ خلفه في رئاسة المنظمة والسلطة محمود عباس لم يكن راغبًا في امتلاك الأدوات الكفاحية، ولا الانشغال في توظيفها، وهو الذي رفض المقاومة المسلحة واعتبر أنها ضررًا بالغًا على الشعب الفلسطيني، وتمسك بالمقاومة الشعبية السلمية عوضًا عنها، دون أن يطوّر أشكالها وأساليبها ويرعاها الرعاية التي تستحق. في المقابل، فإن تياري اليسار والإسلام السياسي الفلسطينيّين جمعا بين أدوات المقاومة المسلحة والسلمية ومارسوها في مراحل العمل الوطني وطيلة مسيرتهما النضالية.

ولمّا تبدّلت الحال، وأُحكم الخناق على المقاومة والمقاومة المسلحة خصوصًا، ولوحق القائمون عليها وتعرضوا للاستهداف داخليًا وخارجيًا في ضوء ترتيبات جديدة عرفها الإقليم، وتحولات داخلية شهدتها الساحة الفلسطينية في السنوات العشر الأخيرة؛ جرى اعتماد المقاومة الشعبية السلمية قولًا وعملًا؛ فتصاعدت أعمالها، واتخذت أشكالًا كثيرة منها، تنظيم المؤتمرات الشعبية، وإقامة القرى فوق الأراضي المصادرة في الضفة الغربية، وتنظيم مسيرات العودة، وتصعيد المواجهة في المناطق الحدودية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.

لم تكن تلك آخر أشكال المقاومة التي طوَّرها الفلسطينيون على امتداد تجربتهم النضالية، فقد عرفت الأرض المحتلة نمطًا متجددًا من أنماط المقاومة عُرف بـ”العمليات الفردية”، التي تصاعدت وتيرتها في الضفة والقدس ابتداءً من عام 2015، وامتدت إلى قطاع غزة وجرى توظيفها ضمن فعاليات مسيرات العودة التي انطلقت في شهر مارس 2018، أو بمعزلٍ عنها، ويستدل المراقبون في سياق التحري عن أسباب انطلاق العمليات الفردية على أن الاعتداءات الإسرائيلية؛ وانسداد الأفق السياسي؛ وتراجع العمل الفصائلي المنظم والجماعي، كانت أسبابًا مباشرة ووجيهة لانطلاقها.

لقد اتخذت العمليات الفردية أشكالًا متعدّدة كعمليات الطعن والدهس وإطلاق النار في الضفة الغربية، واقتحام المناطق الحدودية، وإطلاق البالونات الحارقة، والقذائف الصاروخية من قطاع غزة باتجاه الأراضي المحتلة عام 48، ورغم بساطتها وتلقائيتها كان تأثيرها قويًا؛ إذ وضعت دولة الاحتلال في حالة إرباك مستمرة؛ لصعوبة مواجهتها بسبب أن قرارها وتوقيتها والجهة المُنفذة لها غير معلومة لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

أيَّد الفلسطينيون جمهورًا وقوى سياسية العمليات الفردية باعتبارها عملًا مقاومًا يراكم رصيد التجربة النضالية الغنيّة في مواجهة السياسات والإجراءات الإسرائيلية ضدهم؛ لكن درجة التأييد لدى التنظيمات والقوى السياسية كانت تخضع دائمًا لاعتبارات الزمان والمكان والضغوط الواقعة عليها. ومن المفارقات أنه في الوقت الذي كان يُحسب للتنظيمات الفلسطينية سعيها وراء تبني وإعلان المسؤولية عن أيّة عملية فردية لتسجيل الإنجازات من وراءها، أصبحت اليوم تتهرب منها وتتنصل من مسؤوليتها عنها، وتصف منفذيها بأنهم تصرفوا من تلقاء أنفسهم، وليس أدل على ذلك من أن العمليات التي وقعت مؤخرًا في الضفة الغربية ومدينة القدس، وعمليات التسلل الأربعة الأخيرة في المناطق الحدودية في قطاع غزة، لم تتبناها أي من الفصائل الفلسطينية؛ بل واعتبرتها أعمالًا فردية.

يُرد ذلك كله إلى القيود على أعمال المقاومة والتربُص بالمقاومين وملاحقتهم في الضفة الغربية، كما أنه يُفهم في سياق التزام حركة حماس بتفاهمات التهدئة مع “إسرائيل”، وعدم الخروج عن نصوصها.

ويبقى السؤال أخيرًا: هل يمكن أن تؤسس “العمليات الفردية” لنمط جديد من أنماط المقاومة؛ يُحقّق المردود الإيجابي لمصلحة حركة النضال الفلسطينية؟.. وكيف يمكن أن يفتح العمل الفردي- في وضعه الراهن- على انتفاضة جديدة مثلما تقول قوى المقاومة وتنظيماتها؟

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]