د. عزام شعث يكتب: هل توفرت الإرادة السياسية لدى حركتي فتح وحماس؟

دعونا نتفق ابتداءً على أنَّ الفلسطينيين لم يحصدوا من سنوات الانقسام بمعنييه السياسي والجغرافي: (بين حركة فتح وحركة حماس، وبين الضفة الغربية وقطاع غزة) والممتدة لأكثر من 13 سنة سوى الفشل الذريع في إدارة الشأن العام، وتراجع مكانة القضة الفلسطينية على الأجندة الدولية والإقليمية، وتعميق الاحتلال وتوسيع الاستيطان. فبعد أنْ انقلبت حركة حماس على السلطة الفلسطينية واستأثرت بالحكم، انقسم النظام السياسي إلى نظامين أحدهما تقوده “فتح” في الضفة الغربية، والثاني تقوده “حماس” في غزة، وكلاهما لم يقدما نموذجًا ناجحًا في إدارة الحكم، ولم يُخففا من واقع الأزمات والضغوط والتدهور الكارثي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي لعموم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وخلال هذه السنوات تعمق الاحتلال وتعزّز الاستيطان في مدن الضفة وشدّدت إسرائيل حصارها، ودخلت في حروب مع غزة، وهوّدت مدينة القدس بتاريخها وحضارتها ومعالمها الإسلامية والمسيحية.

على مدى هذه التجربة، توسطت بين الطرفين دول وهيئات ومؤسسات وأفراد وتقدموا جميعًا بمبادراتهم من أجل إنهاء الانقسام وطيّ صفحته السوداء، غير أنّ هذه المبادرات، بدءًا من إعلان مكة 2007، وانتهاءً باتفاق القاهرة 2017، وما بينهما، لم تجد طريقها إلى التنفيذ الفعلي على الأرض. لقد كانت الخلافات بين طرفي الانقسام عميقة إلى الحد الذي استعصى حلها، ففي وقت لجأت فيه حركة حماس إلى تعزيز حُكمها في غزة، وانكارها لصيغ الشراكة السياسية ووضع العراقيل في طريق العودة إلى الإرادة الشعبية من أجل انتخابات عامة حرة ونزيهة تُعيد الاعتبار لمكانة القضية الفلسطينية ولنظامٍ سياسي واحد موحد، كانت حركة فتح والسلطة الفلسطينية هي الأخرى تراكم من إجراءات القطيعة مع غزة، فتوقف دفع موازنات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية، وتقطع رواتب بعض الموظفين في الإدارتين المدنية والعسكرية على خلفيات سياسية، ولا تلتزم بمخصصات الأسرى والجرحى وذوي الشهداء، بذريعة الضغط على “حماس” لاستسلامها وتراجعها عن الانقلاب!

في ضوء هذه الأجواء، ظلت مناخات انعدام الثقة والقطيعة على حالها، ولما كانت تُفتح نافذة للحوار وتبدأ اللقاءات وحلقات النقاش بين طرفي الانقسام بشأن استعادة الوحدة الوطنية وتوحيد أطر النظام السياسي الفلسطيني؛ تقفز إلى الأذهان مسألة توفر الإرادة السياسية، هذه العبارة المستخدمة كثيرًا في قضايا الشأن الفلسطيني تعني الاستعداد وتوفر القناعة والرغبة بالتغيير لمغادرة أسباب الانقسام ومعالجة تداعياته، وهي تعني فوق هذا كله امكانية التحرر من التأثيرات الخارجية التي تُمثّل ضغطًا على الطرفين، وتعمق القطيعة والشقاق وتباعد ممكنات التلاقي والوئام بين الفلسطينيين.

الشاهد أنّ الفلسطينيين وقعوا تحت تأثير الضغوطات والتدخلات الخارجية واستسلموا لها، واستُخدمت قضيتهم- في أوقات الحرب والسلم والانقسام- من لَدُن أطراف إقليمية معروفة ولها مصالحها وأجنداتها التي لا تخدم القضية ولا للمشروع الوطني الفلسطيني، وهي أطراف مُجربة على أكثر من صعيد، ولها سوابق في زعزعة الاستقرار وتهديد الوحدة بين دول المنطقة، بحيث لم تشفع الأزمات والمآسي التي حلت بالقضية الفلسطينية لضمان التدخل الإيجابي انتصارًا للحقوق الوطنية، ومن أجل تقوية الفلسطينيين في مواجهة المخططات التي تستهدف قضيتهم.

ورغم ذلك، لاتزال بعض القوى الفلسطينية ترتبط إلى حد التبعية مع هذه الأطراف، وإلى الحد الذي تُعلي فيه من شأن علاقاتها معها على حساب انجاز الوحدة وتحقيق المصالحة الداخلية، وهذا يعني بطبيعة الحال أن الإرادة السياسية بين الفرقاء لما تتوفر بعد، وهذه كلها أسباب وجيهة للبرود والحذر الشديد الذي استقبل به الشعب الفلسطيني المؤتمر الصحافي الذي عقده جبريل الرجوب وصالح العاروري، والذي لم يفتح أيٍّ من ملفات الانقسام، واكتفى بالإعلان عن الاتفاق بين حركتي فتح وحماس على “الوحدة الميدانية” في مواجهة خطة الضم الإسرائيلية، ولا نعلم كيف يمكن التوافق على الوحدة الميدانية في غياب الوحدة السياسية! ولقد فُهم لقاء الرجوب- العاروري على أنه “لقاء الضرورة”، الذي تستوجبه الظروف الاستثنائية التي تمر بها القضية الفلسطينية، ذلك أن للوحدة وشروطها واستحقاقاتها، التي تتطلب فتح ملفات الانقسام ومعالجتها على أساس وطني سليم، يعيد الهيبة للنظام السياسي ويضمن توحيد أطره عبر انتخابات عامة حرة ونزيهة، والتوافق على استراتيجية وطنية لمواجهة المخاطر الإسرائيلية- الأمريكية في آنٍ.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]