د.علاء أبوعامر يكتب: ما بعد الضم.. هل تبقى من تسوية؟

د.علاء أبو عامر

أصبح الضم مؤكدًا، لم يعد خبرًا ذا إحتمالات، بل حقيقة واقعة مدعومة من معظم الأحزاب الصهيونية، ويحظى بتأييد الإدارة الأمريكية، بل أن الضم هو تنفيذ لخطتها المسماة “صفقة القرن”، وقد باشرت سلطات الاحتلال إجراءات عملية على الأرض بإزالة لوحات معدنية تحذيرية أوجدتها اتفاقيات أوسلو في مناطق أريحا والأغوار، تُعرف بعض مناطق الضفة الغربية أنها مناطق تتبع الحكم الإداري الذاتي الفلسطيني، وقد قامت السلطات المحتلة بإعادة إحياء مكاتب الإدارة المدنية الاحتلالية السابقة ووسعت من صلاحياتها وعدد أفرادها. لذلك وفي ضوء المؤكد كان من الطبيعي أن تتخذ السلطة الفلسطينية ممثلة بقيادتها السياسية العليا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير قرارًا بإلغاء الاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال، كون الاتفاقيات هي اتفاقيات انتقالية كان الهدف منها فلسطينيًا، الحصول على دولة في حدود عام 1967، وطالما أن هذه الدولة لن تتحقق في ظل الضم القادم لمستوطنات الضفة والقدس وأراضي الأغوار وغيرها، فإن بقاء الاتفاقيات سيطرح علامة سؤال حول معنى وجود واستمرار السلطة الوطنية الفلسطينية؟

من المعروف أن قيادة الشعب الفلسطيني راضية أو مُكرهة وافقت على التنسيق والتعاون الأمني والمدني مع المحتل أملاً أن ذلك التعاون سيبني جسور ثقة مع المحتل وحلفائه خلف المحيط الأطلسي كما نصت اتفاقيات أوسلو عام 1993وخطة تينت2001، ورسالة للعالم أن الشعب الفلسطيني يتوق للأمن والسلام وأنه يتخلى عن العنف ويشارك في قمعه مهما كان مصدره كي يحصل على دولة مستقلة على حدود عام 1967 وحلاً عادلاً لقضية عودة اللاجئين.
لكن النتيجة التي توصل لها ياسر عرفات بعد محادثات كمب ديفيد الثانية عام 2000 ومفادها أن الصهاينة لا يريدون سلامًا بل استسلامًا فلسطينيًا كاملاً، تعود اليوم ليتجدد صداها وكأن 15عاماً من عمر التخلي عن العرفاتية وشعارها المزاوجة ما بين البندقية وغصن الزيتون تُطل من جديد وتُعيد التأكيد أن طريق التسوية طريق ليس متعثرًا فحسب، بل هو طريق مُغلق لا يصلُح السير فيه إلى الأمام، وسلام الشجعان ليس إلا وهمًا صنعته مخيلة قادة حالمين مُنفصلين عن واقع الإيديولوجيا الصهيونية اليهومسيحانية التي تُنكر وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.
توقف التنسيق الأمني. هذا هو المعلن فلسطينيًا رغم أن المواقع الصهيونية تنقل أخبارًا عن لقاءات ورسائل تجري بين الجانبين في الخفاء، لكن هذا جزء من الحرب النفسية على الفلسطيني كي يشكك بقيادته، المعلومات المؤكدة تقول إن التنسيق قد أوقف فعلا، لكن مقالة منسق أعمال الحكومة الصهيونية السابق في المناطق المحتلة عام 1967 “آفي موردخاي” تجعل الأمر أكثر وضوحًا بأن التنسيق الأمني توقف بالفعل وأن ما تبحث عنه الأوساط الصهيونية هو تنسيق عن طريق طرف ثالث أو بالخفاء رغم المعلن.
المؤكد أن وقف التنسيق الأمني من قبل السلطة لن يصاحبه سماح رسمي للقوى التي تتخذ من الكفاح المسلح طريقًا أو نهجًا بالعمل من خلال مناطق سيطرتها أي المصنفة ( أ ) ضد الاحتلال ومستوطنيه، لكنها لن تستطيع منع ذلك في مناطق (ب) و(ج)، والتصعيد هناك قد يجر مناطق ( أ ) نفسها للصراع والاحتكاك المسلح بين أجهزة الأمن الفلسطينية والصهيونية، وقد تتخذ جماعات أو أفراد مسلحين مقاومين للاحتلال من مناطق ( أ ) ملاذًا ونقطة ارتكاز لشن هجمات في مناطق (B) و (C) وهذا سيأزم الأوضاع ويقودها إلى انفجار، ولو على نطاقات ضيقة ومعزولة، من الواضح أيضًا أن السلطة ستُغير مسماها إلى “دولة فلسطين تحت الاحتلال” وأنها ستنضم لمنظمات واتفاقيات دولية جديدة وستواصل رفع قضاياها الى محكمة الجنايات الدولية وغيرها من المؤسسات، السؤال الأهم، كيف ستستمر مؤسسات السلطة أو الدولة الفلسطينية بالعمل؟ من أين سيتم توفير المال؟ إذ أن التنسيق المدني سيتوقف واتفاقية باريس تُعتبر لاغية والمقاصاة جزءً منها؟
ماذا عن الأحوال المدنية وجوازات السفر الفلسطينية التي صدرت بناء على اتفاق أوسلو؟ ماذا عن آلاف الأمور التي تتعلق بالفلسطيني وهي نتاج أوسلو وملحقاته؟
ماذا عن حركة مسؤولي السلطة وبطاقات الـ VIP؟ ماذا عن مقرات السلطة هل ستبقى تحمل مسمياتها وتقوم بعملها؟ إذا كان نعم، تحت أي اتفاقية ستواصل؟ يقال أنها ستتم من خلال الصليب الأحمر جيد ولكن هل يعني أنها ستتم عبر تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة؟! وهل سيقبل المحتل بذلك؟
من الصعب التنبؤ بما سيحصل مستقبلاً لكن ما يحدث حتى الآن أشبه بالخطوات التحذيرية وليس القطيعة النهائية، ربما لإظهار جدية للطرف الصهيوني أن العملية برمتها ستنهار إذا طُبق الضم فعليًا، ربما تراهن القيادة الفلسطينية على تغيير حقيقي سيعقب الانتخابات الأمريكية في حال فوز المرشح الديمقراطي بايدن الذي يُعارض صفقة القرن وسياسة ترامب الشرق أوسطية، المواقف الدولية المُعلنة كلها تقريبًا تقف ضد قرارات الضم كونها مُخالفة للقانون الدولي، لكن الفعل الفلسطيني على الأرض هو الذي سيُحدد مصير الخطوات الصهيونية.

الأيام القادمة حاسمة لجهة تقرير ردود الفعل، الوضع الفلسطيني ليس جيداً بل هو الأسوأ فالمخطط الذي يستهدف الضفة له أبعاد غزية أيضاً، بالإبقاء على الإمارة الإخوانية في غزة ضمن تفاهمات جديدة ستكون الشق السياسي من اتفاقية مرتقبة لعملية تبادل لإطلاق سراح الأسرى.
ترفض منظمة التحرير وحركة حماس صفقة القرن هذا مُعلن ومؤكد، لكن الذي سيقود إليه الانقسام هو تطبيق الصفقة بشقيها في الضفة وغزة كتحصيل حاصل للوضع الراهن، ستُحافظ السُلطتان على حكمهما في المنطقتين وستحظيان بدعم إسرائيلي أمريكي وعربي خليجي من المحورين، ولكن ليس كدولتين بل ككيانين سياسيين منفصلين، ستُحافظ المنظمة في الضفة على صفتها التمثيلية كدولة فلسطين على مناطق (أ) وما يتبقى من الضفة الغربية بعد عمليات الضم.
سيبقى الموقف الفلسطيني متمسكًا برفض الإجراءات الصهيونية ومقاومتها دبلوماسيًا وإعلاميًا، لكن على الأرض لن يُسمح باختراقات أمنية تبطل أو تربك الفعل الصهيوني الالحاقي، سيبقى النضال الفلسطيني عبر الدبلوماسية والإعلام ، ستكر سنوات جديدة، بانتظار خطوات صهيونية جديدة.
الوضع الفلسطيني الراهن سيطول، لا مفاجآت قادمة قريبًا ما لم يتغير هدف النضال الفلسطيني وأساليبه، وهذا وفق المعطيات المتوفرة سيأخذ وقتًا ليس بالقليل، عاش الفلسطيني بين وهمين، وهم التسوية ووهم التحرير، الأول فشل والثاني يعقد التفاهمات والصفقات في غزة، عاش الفلسطيني على بيع الوهم ومطاردته، ربما ستقود التطورات إلى وعي أكبر والبحث عن هدف أكثر واقعية رغم أنه يبدو أصعب.
النضال من أجل دولة واحدة على كل فلسطين بتطبيق النموذج جنوب الأفريقي قد يبدو أنه الحل الأمثل، لا خيارات أخرى منطقية أو واقعية ضمن المعطيات الإقليمية والدولية الراهنة بحسب ظني، فقد جُربت الأوهام وبقيت حيث هي تداعب العقول ولا تتمثل واقعًا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]