انتهت مراسم دفن جثمان رئيس إسرائيل السابق شيمون بيريز، في جنازة حضرها عدد من قادة دول العالم، من بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتلقى الفلسطينيون بكثير من الذهول والاستغراب مسألة مشاركة الرئيس عباس، بجنازة بيريز، الذي يعتبر مسؤولا عن أفظع المجازر التي شهدها الفلسطينيون والعرب خلال تولي بيريز مناصب رسمية، ورأى قياديون أن في هذه المشاركة «وقاحة سياسية» لا تخدم الشعب الفلسطيني على الإطلاق.
وقال مروان عبد العال، مسؤول الجبهة الشعبية في لبنان، في لقاء عبر قناة «الغد»، «نحن تمنينا على الرئيس أبو مازن أن لا يشارك في مثل هذه الجنازة، لأن هذا كسر للعزلة على إسرائيل، هذا تضليل بكل معنى الكلمة بأن يصبح الجلاد كأنه الضحية نريد أن نقدم له اعتذارا والتماسا، ونصور أن المشاركة في مثل هذه الجنازة لباقة سياسية، وهي وقاحة سياسية بكل معنى الكلمة».
واعتبر شيمون بيريز، مسؤولا عن الكثير من المحطات الدموية، من بينها مجزرة «قانا» في جنوب لبنان عام 1996، ومجزرة جنين في الضفة الغربية عام 2002، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في العام 2008. وإذا قدم بيريز نفسه كرجل سلام من خلال تأسيسه حزب «كاديما»، فإن دوره معروف في بناء مفاعل «ديمونا» النووي الإسرائيلي، ما جعل كثيرين يلقبونه بـ«أبي القنبلة النووية»، فضلا عن إطلاقه الاستيطان في الضفة الغربية.
وتقلت مكونات المجتمع الفلسطيني مشاهد مشاركة الرئيس الفلسطيني، في جنازة رئيس إسرائيل السابق شيمون بيريز، باستغراب كبير واستنكار، فكيف يمكن لشخص اعتبر مسؤولا عن مجازر ومظالم حلت بالشعب الفلسطيني أن يلقى هذا التكريم.
وقال إدوارد كتورة، عضو قيادة التيار الإصلاحي في حركة «فتح»، في لقاء عبر قناة «الغد»، «بيريز، مجرم حرب بكل معنى الكلمة، ولا يجوز لأي فلسطيني أن يشارك في جنازته، مشاركة أبو مازن في جنازة بيريز لن تقدم أي شيء للفلسطينيين، من الممكن أن تقدم لأبو مازن شيئا شخصيا، لأنه يحاول تقديم نفسه كرجل السلام، بدليل أنه لم يراع مشاعر الفلسطينيين بالمطلق، حتى شهداء صرخة القدس، التي اندلعت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لم يقدم التعازي لأي أحد منهم».
وصافح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وشكره على حضوره، بينما قال عباس، إنه «سعيد لرؤية نتنياهو»، وشارك في التشييع الرئيسان الأمريكي باراك أوباما، والفرنسي فرانسوا أولاند، وعدد من ملوك وأمراء وقادة دول العالم.
وخلال كلمته في المراسم، أثنى أوباما على مشاركة الرئيس الفلسطيني في الجنازة، وقال إن وجوده يذكر بأن العمل من أجل السلام يجب أن يستمر.
في المقابل، دافعت حركة «فتح» عن مشاركة الرئيس عباس في تشييع بيريز، وقالت إنها «جزء من مسؤوليات موقع رئيس الدولة تجاه التفات العالم أجمع لحدث الجنازة».
ورأت الحركة، في بيان صحفي، أن مشاركة عباس «تهدف إلى قطع الطريق على حكومة نتنياهو في مشروع الترهيب ضد السلطة الفلسطينية، ومحاولات إقناع العالم بأننا جبهة لا تؤمن إلا بالعنف والسلاح».
استنكار فصائلي شديد
استنكرت الفصائل الفلسطينية بشدة مشاركة الرئيس عباس في جنازة بيريز، ووصفتها بـ«غير الموفقة»، كما لاقت مشاركة عباس ردود فعل غاضبة في الشارع الفلسطيني بسبب اعتبار بيريز، أحد رموز الإرهاب الإسرائيلي. الذهول إياه أيضا عم مواقع التواصل الاجتماعي، فيما المطلوب استراتيجية لا تساوم على حقوق الشعب الفلسطيني، خاصة أن الديمغرافيا تصب في مصلحة الفلسطينيين الذين سيفوقون الإسرائيليين عددا في غضون بضع سنوات.
وأدانت حركة «حماس»، مشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مراسم تشييع رئيس إسرائيل السابق شيمون بيريز، التي جرت اليوم، الجمعة، بمشاركة وفود عالمية وعربية.
وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، إن مشاركة عباس في جنازة بيريز «وصمة عار»، وتمثل استخفافا بدماء الفلسطينيين، ورأت الحركة في وقت سابق أن وفاة بيريز تمثل نهاية مرحلة في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، «وأن الفلسطينيين سعداء برحيل هذا المجرم الذي تورط في جرائم حرب وسفك دماء أبناء الشعب الفلسطيني».
وتظاهر العشرات في قطاع غزة بدعوة من حركة «حماس»، وأحرقوا صورا لبيريز كتب عليها «قاتل»، ورددوا هتافات مناهضة لمشاركة الرئيس عباس في جنازته.
وفي سياق متصل، قال وليد العوض، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، في لقاء عبر قناة «الغد»، «نحن بالأمس دعونا الرئيس أبو مازن، إلى عدم الذهاب للمشاركة في هذه الجنازة، لما يمثله ذلك من عار على الشعب الفلسطيني، أن تتم المشاركة من قبل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في جنازة شيمون بيريز، المعروف في الذاكرة الفلسطينية أنه أول من أدخل فكرة المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا، وأول من أدخل سلاح الجو إلى إسرائيل بجلبه أول طائرة ميراج».
وأضاف العوض، «بيريز أيضا شريك رابين في سياسة تكسير العظام ضد الشعب الفلسطيني، وهو أيضا مرتكب مجزرة قانا. الفلسطينيون يدركون أن هذا مجرم حرب بلباس دبلوماسي، حتى وإن حاول أن يختتم حياته السياسية بالتوقيع على اتفاق أوسلو، لكنه أيضا أراد من خلال هذا الاتفاق أن يحجز النضال الوطني الفلسطيني، وقد تبين ذلك بعد أقل من عامين على عقد اتفاق أوسلو، حيث رفض بيريز ذاته الانسحاب من باقي مدن الضفة الغربية، وأسس لحصار السلطة الفلسطينية وتدمير مؤسساتها».
فيما قال القيادي في الجبهة الشعبية، بدران جابر، لـ«الغد»، «لماذا يحج عباس إلى هناك. هل هناك من يريد تقبيل أيادي جلاديه، هذا سؤال يجب أن يطرح على الأخ الرئيس للإجابة عليه بوضوح. ما هي جدوى هذه المشاركة ولصالح من.. هل هي لصالح الترحم على الإرهابيين، أم لصالح حماية الشعب الفلسطيني الذي تنتهك إنسانيته بشكل يومي».
