رؤية نقدية| أسطورة محمد رمضان.. الـ«ثقة في الله» وحدها لا تكفي
«ابن حلال» مسلسل رفع سقف توقعاتنا، وتشبثنا ببعض آمال بألا تنتظرنا بعدها الخيبات، فرفعنا السقف وجل ما تمنيناه أن يقدم محمد رمضان الأسطورة باحتراف يفوق التجربة السابقة.
تفاجأ الجمهور بإعلان الأسطورة غير المبشر بالاستسهال غير المحبب، بملامح لحيته العصية على تصديقها، والشعر المستعار بهذا المنظر، وهو ما أساء له بدلا من أن يجذب الإعلان الجمهور. والجمهور يعشق المقارنات، ولن تفوته السخرية.
البيئة الشعبية لم تعد تدهش المشاهد، فالبنية واحدة، اهترأت حتى نفسها الأخير. دعنا من سخافة أنها تقدم بإطار جديد، مع تلاعب سكربتي. في الأسطورة لم يتغير شيء، أحداث سخيفة تملأ العمل، دراما بالية تتكرر في كل حارة، كيد حريمي، والضرة، وهم الإنجاب، وغسل العار لصون الشرف، حتى ثنائية الخير والشر، والحب والثأر.
رغم التوأمية، فإن الأسطورة زج رمضان في دور واحد «البلطجي» كونه أجادها في أدوار سابقة، وبات كأنه يتقن تقديم أدوار محددة. (ناصر ورفاعي الدسوقي) الأول البلطجي قتل وانتهى دوره باكرا، وبموته ترك فراغا لمصلحة المسلسل، والثاني لم يكن العنف من شيمه لكنه ممكن الآن، وهنا انضبط أداؤه بعد وفاة شقيقه، باستثناء اللحية التي ورثها عنه، وكذلك التخلى عن الحمل الوديع بداخله وتحول إلى ذئب.
المبالغة في الحركات وطريقة السير أبقت الأسطورة بشخصيتيه (ناصر ورفاعي الدسوقي) أقرب إلى أضحوكة وما هو هزلي أكثر منها إلى واقع. وكله أمام كاميرا محمد سامي المتفرج على هزل عجز عن تقويمه، فقابلها الجمهور بالقهقهة، كمشهد مقتل رفاعي المتسبب للمتفرج بضحك مفاجئ، عوض التأثر لهذا الشكل القاسي، والدموع من عين واحدة طوال المسلسل وكأن الأخرى جف منها الدمع وجف معه الإبداع.
في الأسطورة نحن أمام معضلة النص (تأليف محمد عبدالمعطي) وكذلك تنفيذه (إخراج محمد سامي)؛ فالنص سطحي والإخراج منشغل بالصورة، فكرر التيمة بدون إبداع، سوى تقديم ترفيه عالي الجودة ومنتج بصري ليخرج المسلسل كليباتي على الأغلب. وزوجته البطلة مي عمر التي يضيء على وجهها «سبوتات» بكل الألوان كالتي يضيئها المركب النيلي، فتتفاعل من المكياج المفرط فيبدو وجهها قزحي الألوان.
ولولا ثقتنا بمحمد رمضان، كثقته هو في الله (ثقة في الله نجاح)، لما صدمنا الأسطورة. موهوب لكن أدواره أساءت له. فالتوكل والثقة في الله اقترنا باتخاذ الأسباب، أي أن الثقة في الله سبب النجاح، ولكنها ليست كافية في حصول المراد، بل تحتاج معها إلى امتثال مسببات النجاح المأمورة واجتناب الاستسهال والتكرارات المحظورة. الاعتماد على الله والثقة بتدبيره يحتاج إلى همة عالية، الإعراض عن الخمول بدعوى التوكل، من ظن أن الثقة بالله يغني عن الأسباب المأمور بها، فهو ضال.. اعقلها وتوكل لا تتواكل وتنتظر النجاح من القدر، ودعك من نسبة المشاهدة، وكف عن سماع أغنية «الجمهور عايز كده»، للفنان اللبناني غسان الرحباني، فالتليفزيون في بعض الأحيان يصنع شعبا ساذجا.
