رؤية نقدية| «جراند أوتيل» محطة «النضج» في الدراما المصرية

«علي، نازلي، أمين، ورد، مراد، قسمت، سكينة، صديق»، وغيرهم هم سكان الفندق المسمى بـ«الجراند أوتيل» في أسوان في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، تبدأ الحكاية برحلة علي للبحث عن شقيقته التي اختفت في ظروف غامضة، في وقت تعذرت فيه الاتصالات وتواصل البشر مع بعضهم البعض.
يبدأ علي رحلته لمحاربة الجميع في كشف غموض اختفاء شقيقته ليتورط دون أن يدري في علاقات متشابكة للغاية بقاطني فندق الجراند الذي كانت شقيقته تعمل به.

الشخصيات
لعل أكثر ما يميز مسلسل «جراند أوتيل» هو شخصياته المركبة، وقد نجح السيناريست تامر حبيب في كتابة الشخصيات ثلاثية الأبعاد، وهو تطور مهم في شخصيات الدراما والسيننما العربية، لأننا نادرا ما نجد تلك الشخصيات المركبة التي تتفهم دوافعها وتشعر بأسبابها وربما تعتقد أنك ستفعل مثلها أحيانا.
ونستعرض معا شخصيات أضداد البطل في المسلسل وهم قسمت، مراد، ورد، هؤلاء هم أشرار المسلسل على وجه التحديد، الشخصيات الثلاث للوهلة الأولى تشعر أنهم شخصيات ثنائية البعد دوافعهم غير مقنعة، وربما تتصور أنهم كغيرهم من أشرار الشاشة، أشرار لمجرد الشر، لكن مع تطور الخطوط الدرامية في المسلسل تتكشف جوانب جديدة من الشخصيات ومع الوقت تتضح أن هذه الشخصيات ليست بالشر الذي تتصوره، لن تحبهم كمشاهد بالطبع ولكن بالتأكيد ستتفهم دوافعهم، وهو الأمر الذي نجح فيه تامر حبيب للغاية.
تشابك العلاقات بين الشخصيات الذي يتم بسلاسة شديدة، حتى انخراط «علي» القادم من بلدته لللبحث عن شقيقته داخل هذا النسيج يتم بسلاسة ودون أن تشعر لتكتشف كمشاهد فجأة مع علي أنه صار شريكا في كل ما يحدث داخل جدران الفندق.
علاقات الشخصيات أيضا وهو الأمر الذي يبرع فيه تامر حبيب للغاية ومثلثات الحب «علي، نازلي، مراد»، «أمين، ورد، مراد»، «صديق، سكينة، أدهم»، هذا بخلاف العلاقات الثنائية المعقدة أيضا مثل، «أمال وإحسان»، كل هذه العلاقات المركبة والمتشابكة والتي تشعر معها أنك ترغب في معرفة ما الذي سوف يحدث وكيف سيحل هذا التشابك.

الحبكة
ربما تكون أحداث المسلسل تقريبا متوقعة، القصة وتصاعدها تصاعد شبه تقليدي إلا أنه على الرغم من هذه التقليدية إلا أنك تغرق في التفاصيل الكثيرة المحكمة خاصة مع تفوق الممثلين وأدائهم لشخصياتهم بشكل مميز.
المسلسل أيضا تجنب المط والتطويل المعتاد في المسلسلات الطويلة، والتجنب تم بطرق ذكية للغاية، الحلقات مليئة بالأحداث، تفاصيل صغيرة ومشكلات صغيرة تدور داخل إطار المشكلة الكبرى التي يدور الجميع في فلكها، ولكن هذا لا يمنع من استحضار ماضي الشخصيات وهي طريقة ذكرة للغاية لتجنب مط الأحداث أو سير الحلقات بدون أحداث كثيرة، وفي الوقت نفسه تعرفك كمشاهد بالشخصية وماضيها وتأثير هذا الماضي على الشخصية.
الأمر الوحيد الذي يضعف حبكة المسلسل بعض الشيء هو طريقة تنقل المعلومات، أغلب الشخصيات تعرف أسرار بعضها البعض عن طريق التنصت، أكثر من مرة يتكشف جزء من السر بهذه الطريقة، ومع تكرارها صار الأمر متوقعا، بالتأكيد أتفهم فكرة الأوتيل الذي يعيش فيه الكثير من البشر، وفكرة الخدم الذين يتنصوت ويسردون الحكايات لبعضهم البعض، أو لغيرهم، ولكن كثرة استخدام هذه الطريقة خاصة في الأحداث الفارقة أحينا هو ما يعتبر ضعفا.

التمثيل والإخراج
لعل أكثر ما يميز المسلسل، هي حالة النضج التي كان عليها أغلب أبطال العمل، وهنا تحديدا أؤكد على أن جميع الممثلين في هذا العمل الفني كانوا على قدر عالي من الحرفية والإقناع بخخاصة عمرو يوسف الذي نضج فنيا واختلف أدائه تماما وتطور بشكل ملحوظ، أيضا أمينة خليل، ومحمود البزاوي في أداء هادئ وراقي وسوسن بدر في دور مختلف واحترافية شديدة للغاية.
ولكني سأتوقف قليلا عند أربعة ممثلين بالتحديد هما من أسباب المتعة وأنت تشاهد أدائهم على الشاشة «أنوشكا» «أحمد داوود» «دينا الشربيني» و«محمد ممدوح».

أنوشكا
وأنت تشاهد أنوشكا على الشاشة تقتنع تماما أنها هانم قادمة من خمسينيات القرن الماضي بطريقتها الطبيعية للغاية في أداء الشخصية، حتى بعض التفصيلات الصغيرة المتعلقة بالإتيكيت في طريقة الجلوس والنظرات، الشخصية القوية للغاية التي لا ترغب في أن يشاهدها أحد وهي ضعيفة فتستقى على الآخرين ولا تظهر ضعفها حتى لأقرب الناس لها، أداء بارع للغاية.

أحمد داوود

 

لعل أحمد داوود هو القنبلة الكبرى في هذا العمل، خاصة وأنه يؤدي الشخصية صاحبة نصيب الأسد من تعقيد والتركيب، شخصية مراد التي قام بأدائها من وجهة نظري هي أصعب شخصية في هذا العمل، يجسد داوود شخصية المحب ضعيف الشخصية، الذي يستمد قوته من ابتزاز محبوبته عاطفيا، الشخصية التي تحركها دوافع كثيرة للغاية ومتشابكة، «الغيرة والشك والحب والطمع والأنانية» شخصية لا ترغب في الخسارة ولا تقبل بها لذا يفعل المستحيل ويستغل دهائه في الوصول لأهدافه، كما أنه يتصور أنه أذكى الموجودين لذا يتحرك بثقة شديدة للغاية وعلى الرغم من انقلابها عليه أكثر من مرة إلا أنه ثقته الشديدة في ذكائه تمنعه من الاعتراف لنفسه بأن من حوله أيضا أذكياء.

دينا الشربيني
دينا الشربيني قادمة بقوة على سباق البطلات، هي الأخرى أدت شخصية «ورد» بحرفية عالية للغاية، وعلى الرغم من نمطية الشخصية التي تقوم بها كثيرا في الدراما والسينما المصرية، إلا أنها استطاعت الخروج بالشخصية من فخ النمطية المعتادة لهذا النوع من الشخصيات ونقلتها في منطقة أخرى ممتميزة، ولعل مشاهدها مع محمد ممدوح في فترة غيبوبته في المسلسل كانت الأبرز في نقل الشخصية لمنطقة أخرى، ولعل هذا الأمر يحسب لفريق عمل المسلسل فبجانب القدرات التمثيلية الكبيرة لدينا الشربيني إلا أن السيناريو المحكم والإخراج المتمكن استطعوا سويا إبراز الشخصية بطريقة مميزة.. وستظل شخصيات «ورد» من الشخصيات المكروهة جدا في الدراما المصرية وستظل محفورة في الذاكرة كثيرا.

محمد ممدوح
محمد ممدوح هو الأبرز في المسلسل بشخصية أمين التي أداها بحرفية عالية جعلته حديث مواقع التواصل الاجتماعي، يؤدي ممدوح شخصية أمين الطفل المتجسد في هيئة رجل كبير، هو يحب كطفل ويفرح كطفل ويحزن كطفل ويتم إرضائه كطفل، ويغضب كطفل أيضا، شخصية أمين شخصية بريئة وجدت نفسها داخل حرب لا تفهمها ولا تعرف كفية التعامل معها، لا يملك أي مواهب سوى طيبة قلبه الكبيرة، ولأنه كطفل اجتذب حوله كثير ممن يحمونه دون أن يدري وكأنه المبروك في القرى الذي تسهل له الأمور دون أن يعرف أحد لماذا، أمين الذي لا يمتلك أية مواهب هو الأبرز على الإطلاق وسط الجميع منذ الحلقة الأولى وأنت تعرف أنه سوف يمتلك قلبك كمشاهد وستظل متعاطفا معه وترغب في أن يصل لغايته وأن يبعد عنه من يحاولون استغلاله، ولعل ذروة شخصية أمين اتضحت تماما في مشهده مع زوجته ورد عند اكتشافه خيانتها له، اللحظة التي يدرك فيهها الطفل حجم الخيانة التي تعرض لها تلك العضة التي تقضم قلبه فلا يملك الطفل الذي لا يستطيع أذية أحد سوى أن يرميها من حياته، يتركها مع الاشتياق ويكبر الطفل فجأة.

في النهاية يجب أن أشير إلى بعض نقاط الضعف التي لاحظتها، بخاصة الحوار الحديث للغاية والذي يختلف عن طريقة الحديث في خمسينيات القرن الماضي، أيضا اللهجات معدومة في المسلسل الجميع يتحدث اللهجة القاهرية بطلاقة، الفتاة العائدة من أوربا والشاب القادم من قرية ريفية، والشاب الأسواني، والهانم والخادمات، الجميع يتحدث اللهجة القاهرية، ولا توجد لهجات أخرى على الرغم من تنوع بلدان الشخصيات وثقافتهم.
ولكن هذه الأخطاء يمكن تجاوزها بالمقارنة مع الاستمتاع بالمسلسل والاندماج معه.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]