رامي عبدالرازق: أتمنى أن أتلقى نقدا عادلا عن «ساق البامبو»

ليس بالأمر السهل تحويل نص روائي إلى عمل تليفزيوني، يتبع معايير تنفيذ ونجاح مختلفة، خاصة حين تناقش الرواية قضية شائكة في مجتمع محافظ، لكن هذا لم يجعل الكاتب والناقد المصري رامي عبد الرازق يتردد في القيام بهذه المهمة، ويقوم بكاتبة سيناريو وحوار المسلسل الكويتي «ساق البامبو»، عن رواية الكاتب سعود السنعوسي.

حقق المسلسل خلال عرضه في رمضان نسبة مشاهدة عالية على مستوى الوطن العربي، وأثار الكثير من الجدل حوله منذ عرض أولى حلقاته، بل وكثير من الإعجاب أيضا، حيث صدر قرار بمنعه من الرقابة الكويتية قبل عرضه، بسبب تناوله أزمة أبناء الخادمات ذوي الملامح الآسيوية من آباء خليجيين، ما أحدث ضجة جعلت وزير الإعلام يطالب بإطلاعه على أسباب المنع.

وفي حوار خاص لـ«الغد» مع رامي عبد الرازق، سنكتشف ونتعرف أكثر على تجربته الأولى في مجال كتابة السيناريو، خاصة مع نص غير مصري، يطرح مشكلة شائكة في المجتمع الخليجي.

في البداية حاولنا معرفة ما إذا أصاب رامي عبدالرازق التردد، في المشاركة بعمل فني خلال شهر رمضان على وجه الخصوص، يغير مكانه من مقعد الناقد ليضعه في موقع نقد؟ فعلق مؤكدا:

الشغف بفعل شيء دائما ما يقهر أي شعور بالتردد أو الخوف والقلق. أنا لا اكتب لأنني ارغب في أن اتواجد كسيناريست على الساحة الفنية، بل اكتب لأنه دافع غريزي يلازمني منذ سنوات طويلة. في الحقيقة لم أكن اتصور أن أصبح ناقدا في يوم من الأيام. صحيح يمكن أن ازعم إنني حققت نجاحا لا بأس به كناقد، متخذا من فكرة نشر الثقافة السينمائية والفنية منهجا لي، لكنني لم اتوقف يوما عن الشعور باحتياج ملح للكتابة، وأقصد التأليف أو السيناريو أو سرد الحكايات أين كانت التسمية. كل ما أرجوه هو أن اتجنب تصفية الحسابات خاصة في المرحلة الأولى، من تحولي المهني من مقعد الناقد لمقعد الكاتب. أتمنى أن أتلقى نقدا عادلا وتحليلا موضوعيا لا أكثر ولا أقل، لأنني أبذل جهدا في الكتابة، لا يقل أن لم يكن يزيد عن أي جهد بذلته، ولا أزال أبذله في تحليل أو نقد أي عمل فني بقدر ما أستطيع من موضوعية.

https://www.youtube.com/watch?v=SJS9TcuXYpo

ما أخذنا حوارنا معه نحو الصعوبة التي واجهته، في تجربته الأولى لكتابة السيناريو، من خلال عمل غير مصري، يتناول قضية شائكة في مجتمع محافظ، حيث أوضح رامي قائلا: في الحقيقة كانت الصعوبة الأساسية هي صعوبة معالجة نص روائي، بتقنية سرد أحادية الصوت «اي شخص واحد يحكي حكايته»، إلى عمل تليفزيوني بخطوط وشخصيات وتقنية سرد مختلفة تماما. لم تشغلني القضية الشائكة بل على العكس تحمست كثيرا لخوض التجربة، لأنني اؤمن بالدور الاجتماعي  للدراما التليفزيونية والفن بشكل عام، دون الجنوح للمباشرة بالطبع ولكن اقصد التأثير النفسي في الأفراد والجماعات، والتعاطي مع افكار المجتمع ومشكلاته.

ما صدمني حقا هو تعنت الرقابة بشكل عنيف فيما بعد الكتابة، بالأضافة إلى أنني اخذت بعض الوقت أثناء عملية الكتابة نفسها، حتى استوعبت أن ثمة «رقابة ظل» أي رقابة مجتمعية مختبئة داخل كل متلقي. فعلى سبيل المثال كانت لدي شخصية نسائية تقوم بتدخين السجائر، بشكل سري في حجرتها بعيدا عن العائلة، ففوجئت بنصيحة جادة بأن احذف التدخين من السياق، لأن المجتمع لن يتقبل أن يرى أحد نجماته وهي تدخن سيجارة، لأن الفصل ما بين الدرامي والشخصي لدى المتلقين في المنقطة العربية لا يزال في اطواره الأولى.

وحول تمكنه من كتابة «حوار» مسلسل ساق البامبو بهذا الإتقان، بالرغم من صعوبة واختلاف اللهجة بالنسبة له أجاب رامي: هناك تقنية معروفة بالنسبة للكتاب، الذين يكتبون حوارا سوف يتم تمثيلة بلغة أو لهجة أخرى يمكن أن نطلق عليها «الحوار العام». فالسيناريست يقوم بكتابة الحوار بلغته على لسان الشخصيات، مع الحرص على أن تظل اللغة محايدة، فلا يوجد إفيهات مصرية على سبيل المثال، ولا أمثلة محلية ولا استشهادات مكانية أو زمانية أو تاريخية، وبالتالي تصبح لغة الحوار مجردة من هوية الكاتب، وتكتسب فقط هوية المجتمع المكتوب عنه من خلال الشخصيات، ثم في المرحلة التالية تبدأ إعادة صياغة هذا الحوار على يد كاتب آخر يقوم بكتابة، نفس الحوار باللهجة المراد التمثيل بها وفي حالتنا اللهجة الكويتية «أي التكويت». ولو أن كاتبا مغربيا أراد كتابة حوار «ساق البامبو» باللهجة المغربية، فلن يجد عائقا أمام ذلك وهذا هو المقصود بالحوار العام أو اللغة العامة.

الأم المتلسطة في ساق البامبو
الأم المتلسطة في ساق البامبو

وبسؤاله أيضا عن العوامل التي جذبته في رواية «ساق البامبو»، لتكون أول أعماله في مجال الدراما التليفزيونية أوضح: لم يكن «ساق البامبو» ضمن مشاريعي الدرامية خاصة أنني كنت منشغل بكتابة عمل آخر عن رواية مصرية، لكن عندما عرض علي تحويل الرواية، اعدت قرائتها ووجدتني مستغرقا بشكل كبير في القضية التي تعالجها الرواية بالأساس، واقصد بها قضية الهوية وأسئلة الوطن، التي تتداخل معها علامات استفهام مثل من أنا ومن الأخر؟  حيث تقودنا أسئلة الآخر والهوية بالضرورة للحديث عن العنصرية، وعن تعرية الذات. وفي «ساق البامبو» ثمة أسئلة اجتماعية وإنسانية كثيرة، لا تخص فقط المجتمع الخليجي أو الكويتي بل تتجاوزه إلى كل المجتمعات، التي تعاني من بعض اشكاليات الهوية، ولا اقصد هنا الهوية السياسية أو الاجتماعية، بل حتى الهوية الشعورية فنحن ملتبسون وعنصريون حتى في الحب، والمجتمعات متعددة الجنسيات هي مجتمعات خصبة لمثل هذه الأشكاليات، وبالتالي هي أرض درامية خصبة لمناقشة هذا النوع من الأفكار.

كذلك لا يمكن إغفال عنصر شهرة الرواية بالطبع وقاعدتها الجماهيرية، وهو عنصر دعائي بالأساس وإن كان سلاح ذو حدين، خاصة مع رفض الكثير من قراء الروايات بشكل عام، تحويل الأعمال المحببة لديهم إلى سيناريوهات، خوفا من إفساد الخيال أو التلاعب بالأفكار.

Bamboo٢

كما استفسرنا منه خلال الحوار عن الصعوبة التي واجهها، في تحويل الرواية إلى سيناريو، فأوضح قائلا: الصعوبة الأساسية كانت في قلة عدد الشخصيات، فلا دراما بدون شخصية ولا حبكة بدون شخصية. ولا نقصد بالشخصية وجود بطل أساسي، فالبطل موجود وهو «عيسى الطاروف» لكنه في الرواية بطل وحيد، مقابل أفكاره ومشاعره وأزمته وعلاقاته الغامضة والمبتورة، بأهل أبيه الغائب أو الميت، ورفضهم الأعتراف به والخوف من الفضيحة التي يمكن أن يسببها لهم، وهو ما يبدو رائعا في الرواية ولكنه لا يكفي لصناعة 23 ساعة من الدراما التليفزيونية. ولهذا كان على أن استغل كل الشخصيات التي وردت في الرواية ولو بشكل عابر، لأعيد صياغتها واصنع منها شخصيات درامية بملامح، ومشاعر وقرارات وخطوط تتقاطع مع الازمة الكبرى لشخصية عيسى، بل وعمدت إلى إضافة شخصية نور بنت العمة نورية، لكي تصبح المعادل الانساني والعاطفي لازمة الهوية، والقبول بالنسبة لعيسى الطاروف، في مقابل شخصية ميرلا ابنة الخالة وحبيبة الطفولة، والوجه الفلبيني لهوية عيسى أو هوزيه.

شخصية عيسى الطاروف في المسلسل
شخصية عيسى الطاروف في المسلسل

كذلك حاولنا معرفة رأيه حول مقارنة الجمهور بين المسلسل، بعد عرض الحلقات الأولى منه والرواية، وهل يجدها منصفة من وجهة نظرك فأجاب:

عادة ما تكون المقارنة غير منصفة، إلا إذا كان المتلقي على دراية بالفرق ما بين المعالجة الدرامية للوسيط التليفزيوني، وبين الرواية كوسيط لغوي وسردي مختلف. وحتى المتخصصين أحيانا كثيرة ما يقعون في فخ المقارنة غير المنصفة. بالنسبة لي فأنني أنوي اتخاذ الأقتباس الدرامي من الأدب، منهجا أساسيا في أعمالي القادمة، وبالتالي لن استطيع أن أشغل بالي في كل عمل، بالمقارنة مع الرواية الأصلية، لكنني أتمنى أن يأتي زمان على المشاهدين يصبح لديهم الوعي الدرامي، الذي يجعلهم لا يرهقون أذهانهم بالمقارنة، ولكن بتلقي العمل التليفزيوني المقتبس عن رواية على اعتبار أنه عمل قائم بذاته، له أبعاده وشخوصه وخطوطه وزمنه وإيقاعه الخاص . ويكفي أن أضرب مثلا بعمل فائق الجودة والشهرة، يعرض حاليا على الشاشات المصرية وهو «أفراح القبة»، فلو أن أصحاب نظرية المقارنة قاموا بتفعيل رصدهم للفروقات ما بين الرواية والمسلسل، قد ينصف بعضهم صناع العمل على نجيب محفوظ، وساعتها يمكن أن تقوم ثورة ثالثة.

وفي نهاية حوارنا أخبرنا عن خططه الجديدة، لدخول مجال الدراما التليفزيونية المصرية عام 2017 قائلا:

لدي مسلسل لرمضان القادم إن شاء الله، مأخوذ عن رواية «نادي السيارات»، للاديب علاء الأسواني. حيث انتهيت من كتابة ما يقرب من نصف الحلقات، وهو عمل مشترك مع السيناريست عبير سليمان، ذو إطار اجتماعي تاريخي يدور في الأربعينيات من القرن الماضي، ويعالج فكرة الطبقية في المجتمع المصري، وهي فكرة ليست بعيدة بالمناسبة عن «ساق البامبو».

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]