كتب: رياض أبو عواد
رحل الفنان عزت أبو عوف عن عالمنا بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز الـ71 عاما بعد أن ترك مشاركة في إرث كبير في السينما والدراما التلفزيونية والغناء والموسيقى فهو الفنان الذي أضفى البهجة في حضوره على أي عمل أو لقاء شارك فيه.
ذاكرتي مع هذا الفنان الجميل بدأت من شاشة التلفزيون مغنيا مع شقيقاته في السبعينات في الليلة الكبيرة، التي كانت أول معرفة لي بصلاح جاهين وفتحت أفاقا لم تتوقف حتى تعرفت عليه شخصيا بعد توليه رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
لم يكن يوما بطلا وفتى شاشة أول ولكنه كان ضامنا لنجاح أي عمل يشارك في بطولته بسبب هذا الحضور المبهج بعيدا عن قيمة العمل وتقييمه الفني فهو الذي قدم دوره في الأفلام الجدية بشكل جيد مثل “ناصر 56″ و”اضحك الصورة تطلع حلوة” وهو الذي قدم الأدوار الخفيفة في أفلام لا تحمل قيمة حقيقية مثل “عمر وسلمي” في أجزائه المختلفة.
وهذا الحضور المبهج والقبول الجماهيري الكبير له جعل الكثير من الفنانين الكبار يصرون على مشاركته في أعمالهم لأنه أحد ضمانات نجاحها.
وهذا ما يفسر تقديمه العديد من الأعمال في العام الواحد وهذا ما يفسر كبر حجم التراث الذي تركه وراءه رغم أنه بدأ في الظهور على الشاشة متاخرا في عام 1992 في فيلم “آيس كريم في جليم” أحد افلام التمرد في تلك الفترة.
وإن كان سبق حضوره السينمائي مشاركته في السينما والمسرح من خلال التأليف الموسيقي لبعض الأفلام والمسرحيات والمسلسلات بدأ من عام 1977 عندما وضع الموسيقى التصويرية لمسلسل “ميزو”.
وطبعا لم يكن فنانا ثقيلا بوزن الممثلين الكبار في فترته مثل أحمد زكي أو نور الشريف أو محمود مرسي فإن موهبته التي أدخلته عالم السينما والمسرح والتلفزيون هي الموسيقى، إلا أنه كان يؤدي دوره كما يجب لأنه أحب الفن وعاش من أجله إلى جانب حضوره المريح للمشاهد الذي أسهم أيضا في وضعه ضمن قائمة مقدمي البرامج على الشاشة الصغيرة.
وما يؤكد هذا الحضور أن وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك فور إعلان خبر وفاته من قبل نقابة الفنانين امتلأت بالتعزية ونشرت آلاف الصور المرافقة لإعلان رحيله وهذا ما لم يجده رحيل الفنان محمد ابو الوفا الذي سبقه بالموت بيوم وهو ممثل ثقيل لكن الحظ لم يبتسم له كما ابتسم لأبو عوف رغم عدم عدالة المقارنة بين كليهما فكل له موهبته الخاصة.
ولميزاته الشخصية اختير ابو عوف ليتولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2006 لمدة سبعة دورات متتاليه حظي فيها المهرجان بحالة من الهدوء بعد تعثر، واستطاع نتيجة حضوره الشخصي أن يدفع الفنانين المشاركين لحضور حفلي الافتتاح والختام بعد أن ابتعدوا عن المشاركة في هذه الفعاليات في المهرجان الأول في العالم العربي وأقبلوا على حضور المهرجانات الخليجية التي انطلقت في تلك الفترة.
الراحل الفنان متعدد المواهب سيفتقده جمهوره في أكثر من مجال، فحضوره الشخصي رمز لأناقة وجمال واضح في زمن القبح.
