حالة من الضيق والشدة يعاني منها سجناء الإخوان المسلمين، بعد أعوام مضت على تواجدهم رهن الجدران، دون وجود بارقة أمل لإخراجهم، لاسيما وهم يرون القيادات لا تفعل شيئا من أجلهم، ومع مرور الوقت بدأت تظهر نبرات التمرد من داخل السجون ضد الجماعة، وبات نقد التنظيم والاعتراض على ما يفعله واضحا للعيان، وبدأت تعلو الأصوات التي تعلن تخليها عن الفكر، ومطالبة الجماعة بالتراجع خطوة للوراء من أجل إنقاذهم.
على الرغم من كونه لا ينتمي للإخوان، لكن وجوده بالسجن منحه فرصة جديدة لتقييم الموقف، وإعادة ترتيب الأولويات، فحالة الضيق في السجون قد تأتي بنتائج عكسية من تشدد وتكفير، وقد تعطي مساحة للتفكير من جديد، فقد أعلن مؤخرا أحمد صلاح الأنصاري، عضو التيار السلفي الجهادي، والسجين بسجن الزقازيق العمومي بمحافظة الشرقية، حيث يحاكم بتهمة قيادة خلية على ارتباط بتنظيم داعش.
الأنصاري، الذي التحق بتنظيم القاعدة، وعاش في أفغانستان فترة من الزمن حتى تم إلقاء القبض عليه وعاد إلى مصر، سرب رسالة من داخل سجنه، بعنوان “كشف الستار عن الخوارج الأغمار”، والتي شن من خلالها هجوما حادا على داعش متهما إياه بأنه صنيعة أمريكية، هدفه إدخال الشرق الأوسط فى دائم.
وأكد في رسالته المسربة، أن تطلع الإخوان للسلطة يجعلهم يقدمون ويتنازلون عن أى شئ فى مقابل ذلك، وقد جربتهم أمريكا فى أفغانستان، والعراق، والصومال، وتركيا، وغيرها من الدول فكانوا نعم الصديق الوفي.
وأكد على أن تنظيم داعش مليء بالتكفيريين والجهلة وأعضاءه يغلب عليهم الطيش وسفك الدماء المعصومة دون وجه حق، موضحا أن شخصية البغدادي متعطشه للدماء، مؤكدا على سقوط سريع سيحدث لهم، وباتت الولايات التي بايعتهم من أجل الدعم المالي في التراجع خصوصا في العراق وليبيا وسوريا.
لم تكن رسالة الأنصاري هي الأخيرة، التي باتت لسان حال الكثير ممن ضمتهم جدران السجون من جماعة الإخوان وحلفائهم، فبات لسان معظمهم يطالب قيادات الإخوان العودة خطوات للوراء، حيث تبعها رسالة أخرى من المهندس عيد البنا، المتهم في خلية كتائب حلوان، وصف فيها قسوة السجن وآلامه، التي وصفها بأنها تفوق سكرات الموت.
البنا، بعد فترة من التفكير والمراجعة الذاتيه لنفسه ولما ألم به من أحداث، انتقد عدم وجود رؤية لدى جماعة الإخوان المسلمين بشأن الإفراج عن آلاف المعتقلين في السجون داعيا قيادات الجماعة إلى العودة خطوات للوراء.
“استقيموا يرحمكم الله” كلمة وجهها البنا، لجماعة المسلمين، مضيفا عودوا خطوات للوراء إن لم يكن من أجل الوطن فمن أجل آلاف المعتقلين وأنا واحد منهم، وإن لم يكن من أجل المعتقلين جميعا فمن أجل آلاف الشباب الذين وثقوا فيكم وهم ليسوا من الإخوان وقد اجتهدتم فأخطأتم، وهم يدفعون ثمن أخطاءكم سنوات عمرهم التي تضيع.
وأضاف عضو كتائب حلوان، في رسالته، رحم الله الإمام حسن البنا، لو كان حيا لفعلها، لأخذ خطوة إلى الوراء وحافظ على الجماعة والوطن في آن واحد، ما كان ليفصل أحدهما عن الآخر، مشيرا إلى أن مؤسس الإخوان فعلها في عهد الملك فاروق، وكان من أدبياته: “لسنا حزبًا سياسيًا وإن كانت السياسة جزء من فكرتنا”، فما كان للجزء أن يطغى على الكل كما فعلتم وتفعلون.
وقال البنا، إن الجماعة تصر على أن ما وصفه بمعركتها الصفرية ففقدت الغالي والنفيس، وانفرط العقد منها وتلاشت الثقة، بين الأفراد و الجماعة، مؤكدا على أنهم مهما تحملوا من عناء و مشقة لكنهم في النهاية بشر، لهم طاقة وأن لصبرهم حد.
وانتقد عدم وجود من يفعل شيئا لإخراجهم من السجن، مع استنكاره لكل صاحب مبادرة تسعى إلى إخراجهم، حتى يظهروا أن السجناء لا يمثلون ورقة ضغط عليهم، كاشفا أن هذا الأمرعلى عكس الحقيقة والأمر موجع ومؤلم فلا نكابر، فهناك عشرات الآلاف يتجرعون مرارة السجن وخلفهم أضعاف هذه الأعداد من ذويهم يتألمون.
ووصف البنا، قيادات الإخوان المتواجدون حاليا بالجمود، ومن ثم تعاقبت عليهم الإخفاقات، لعدم وجود مفكرين بداخلهم، وتغلغل الوهابية والقطبية في الجماعة بقيادتها الحالية التي تربت في سجون عبد الناصر، على وجوب الانغلاق التنظيمي وجاهلية المجتمع.
