في خطوة وصفت بأنها أقرب إلى «دبلوماسية المياه الثقيلة» للتأكيد على التزام إيران بتنفيذ بنود الاتفاق النووي، وبدء تطبيق رفع العقوبات الاقتصادية المرتقب الشهر المقبل فبراير/ شباط، أعلن مساعد رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية، علي أصغر زارعان، عن بيع 40 طنا من المياه الثقيلة للولايات المتحدة الأمريكية.
وتشير الدوائر السياسية في فرنسا إلى أن «صفقة المياه الثقيلة» بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، حملت رسائل واضحة، بشأن فتح أبواب الاتصالات الدبلوماسية والاقتصادية بين واشنطن وطهران، حيث لم تتم الصفقة فجأة، التي تم تحديد حجمها وقيمتها وآليات النقل من إيران إلى الولايات المتحدة.
وأكد الدبلوماسي الفرنسي، شارل بنينو، لوكالة أنباء فارس الإيرانية، أن الصفقة لا تخرج عن إطار حركة المياه الثقيلة «الدبلوماسية» من خلال التفاوض بين البلدين على الصفقة، والتي ستستخدم واشنطن 6 أطنان منها في مراكز نووية، والباقي في مراكز أبحاث أمريكية.
والرسالة الثانية، بحسب الدبلوماسي الفرنسي، للغرب وهي تؤكد على أن إيران بدأت خطوات عملية لتنفيذ الاتفاق النووي، حيث كان يفترض أن تستخدم المياه الثقيلة في مفاعل «آراك»، بعد أن وافقت إيران على تعديل المفاعل لأعطاء ضمانات للأسرة الدولية حتى لا يستخدم في إنتاج السلاح النووي، كما خفضت إيران عدد أجهزة الطرد المركزي، ونقلت الجزء الأساسي من مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى روسيا.
وفي السياق ذاته، كشف تقرير مركز موسكو للدراسات السياسية والأمنية، اليوم الأربعاء، عن القنوات الدبلوماسية المفتوحة مباشرة بين واشنطن وطهران، والتي دشنت حركة المياة الثقيلة، وليس بواسطة «بلد آخر»، كما أعلن مسؤول إيراني كبير، لأن مثل تلك الصفقات لها جانبها السياسي أولا، ثم «التجاري»، وقد سبقها التفاوض حول سحب قلب مفاعل «آراك» لتحويله إلى مفاعل بحثي علمي، بالتعاون مع الصين والولايات المتحدة، في إطار الاتفاق النووي الذي أبرم مع القوى الكبرى.
وأوضح تقرير المركز الروسي، أن خطوة بيع «المياة الثقيلة» للولايات المتحدة، فتحت بالفعل قنوات الاتصال الدبلوماسي والمباحثات السياسية بين البلدين، لبناء الثقة وتطبيع العلاقات، خاصة أن إيران تملك مصنعا لإنتاج المياه الثقيلة في موقع آراك النووي، وهذا المصنع يعمل منذ سنوات، وكان يفترض أن تستخدم المياه الثقيلة في مفاعل آراك، لكن إيران أزالت نواة المفاعل وملأته بالأسمنت.
وأشار الباحث في مركز موسكو للدراسات السياسية والأمنية، أدوار سيريانوف، إلى أن حركة المياه الثقيلة بين واشنطن وطهران، وبعد أن شحنت إيران معظم مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى روسيا، تضع أمام الإدارة الأمريكية دلالة واضحة على نجاح حركة المفاوضات والاتصالات الدبلوماسية والسياسية، وأن خطة العمل المشتركة الشاملة والمتعلق بالحد من أنشطة إيران النووية سوف تستكمل في الأيام المقبلة، وهو ما تريد طهران تأكيده عمليا للولايات المتحدة.
ونقلت وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء عن مسؤول بالخارجية الإيرانية، أن خطوة بيع المياه الثقيلة لواشنطن، أثبتت مصداقية إيران في تنفيذ الاتفاق النووي، ومن المتوقع رفع العقوبات «في الأيام المقبلة»، ما يؤدي إلى ارتفاع سريع في صادرات النفط، لإعادة تنشيط الاقتصاد المتعثر وتطوير قطاع الطاقة خاصة مع تقادم الحقول النفطية وتردي بنيتها التحتية.