وصفت الدوائر السياسية في الرباط، خطاب الملك محمد السادس، مساء أمس، بمناسبة الذكرى 63 لثورة الملك والشعب، بأنه موجه للعالم عبر مجموعة رسائل ، تتضمن: توضيح لحقائق تاريخية، وفي الزمن الراهن، وتحذير من واقع يهدد مستقبل الإنسانية، وتوقعات بنهوض أفريقيا، واصفا الإرهابيين بأنهم “كفرة” ومصيرهم جهنم.
ودعا الملك محمد السادس، مغاربة العالم إلى التشبث بدينهم وتقاليدهم العريقة في مواجهة ظاهرة الإرهاب الغريبة، وتوحيد صفوفهم كي يكونوا في طليعة المدافعين عن السلم، مشيرا إلى أنهم يعانون من التشويه الموجه ضد الاسلام، وعمليات القتل التي تقع في عدد من مناطق العالم باسم الإسلام والجهاد، وقال “ قتل راهب حرام شرعا، وقتله في كنيسة حماقة لا تغتفر”.
وأكد خبراء أمن ومحللون سياسيون في المغرب، أن رسالة الملك بشأن “الإرهاب والإرهابيين” غير مسبوقة، لأنه حدد أوصافهم وفئاتهم ، بأنهم “ ليسوا مسلمين، وقوم ظالمون، مصيرهم جهنم خالدين فيها أبدا” .. مشددا على أن الإسلام لا يجيز الانتحار كما يفعل الإرهابيون.. واستنكر محمد السادس، ما يقوم به الإرهابيون تحت مسمى الجهاد، موضحا أن الجهاد في الإسلام يخضع لشروط دقيقة، وهو من اختصاص أمير المؤمنين، أما الذين يكفرون الناس فهم يكذبون على الله ورسوله ولا يجمعهم بالإسلام إلا أغراضهم ، وإذا كان عدد من الجماعات والهيئات الإسلامية تدعي أنها تمثل الإسلام الصحيح، فإنها في الواقع بعيدة عنه، وعن قيمه السمحة، وهو ما يشجع على التطرف والإرهاب.
وتشير الدوائر السياسية في الرباط، إلى أن رسالة الملك التي كشفت حقيقة الإرهابيين، كانت صادمة لهم، بالقرآن والسنة، وأوضحت الصورة جليّة أمام الغرب ، موضحا أن “الذين يدعون للقتل والعدوان، ويكفرون الناس بغير حق ويفسرون، القرآن والسنة، بطريقة تحقق أغراضهم، إنما يكذبون على الله ورسوله ، وهذا هو الكفر الحقيقي، مصداقا لقوله عز وجل : “فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه، أليس في جهنم مثوى للكافرين”، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : “من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”.
الاستعمار سبب الفقر والإرهاب.. لكن افريقيا ستنهض
وحمّل محمد السادس الدول الاستعمارية مسؤولية المشاكل التي تعاني منها الشعوب الإفريقية، من التخلف والفقر والهجرة، والحروب والصراعات، واليأس والارتماء في أحضان جماعات التطرف والإرهاب، وهي نتاج للسياسة الكارثية، التي اعتمدها الاستعمار، طيلة عقود من الزمن، ورغم الأضرار الكبيرة التي خلفها الاستعمار، فإن أفريقيا قادرة على النهوض بتنميتها، وعلى تغيير مصيرها بنفسها، بفضل ما لشعوبها من إرادة قوية، وطاقات بشرية وموارد طبيعية، وأن قرار المغرب بالعودة إلى مكانه الطبيعي، داخل أسرته المؤسسية القارية، يعتبر تجسيدا لهذا الالتزام بمواصلة العمل على نصرة قضايا إفريقيا، وهي بالنسبة للمغرب أكثر من مجرد انتماء جغرافي، وارتباط تاريخي، فهي الامتداد الطبيعي، والعمق الاستراتيجي للمغرب.
واستحضر محمد السادس، جهود المغرب في إدماج المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، “بلا تكبر، ولا استعلاء، ووفق مقاربة انسانية مندمجة تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم، كما أن مشاكلهم في المجتمع المغربي، إن وجدت، غير مرتبطة باللون”