في ظل أجواء ساخنة، تخيم علي العاصمة الفرنسية قبل ساعات من انطلاق السباق الكبير للفوز برئاسة اليونسكو، بدا السباق شرسا للغاية وتطغي عليه الأجواء السياسية، خاصة بين أبرز المرشحين الثلاثة: المصرية مشيرة خطاب، والفرنسية أودري أزولاي، والصيني كيان تانج ..وبالرغم من احتدام المنافسة بين ثلاث دول بحسب المراقبين، إلا أن باقي المرشحين ( اللبنانية «فيرا خوري»، التي تعمل منذ 20 عامًا في اليونسكو، ووزير الثقافة القطري السابق حمد عبد العزيز الكواري، والفيتنامي فان سان شو، والأذربيجاني بولاد بولبلجلو)، لديهم أيضا فرصهم في ظل ما قد يحدث من انسحابات خلال جولات التصويت، إذ أنه منذ 8 أعوام لم يكن أحد ليتوقع فوز البلغارية إيرينا بوكوفا بمنصب المدير العام لليونسكو.
ورغم تفاؤل مصر بصدارة «مشيرة خطاب» خلال جولات التصويت، إلا أنها تتحسب جيدا من مفاجآت «معركة الحسم» فى اليونسكو، وتكرار تجربة انتخابات اليونسكو عام 2009، والتي كان وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني مرشحا فيها، حيث حصل وقتها علي 29 صوتا في تلك الجولة، بينما حصلت إيرينا بوكوفا، والتي فازت بالمنصب وقتها، علي 8 أصوات فقط، وبعد هذه الجولة حدثت مفاجآت غير متوقعة وفازت بوكوفا في الجولة الرابعة.
وتعد الجولة الأولي، الساعة الخامسة مساء اليوم بتوقيت القاهرة، جولة تصفية، يخرج منها المرشحون الذين لا يحصلون علي الحد الأدني من الأصوات، ويستمر المرشحون الأقوياء إلي الجولات التالية، ومن الصعب بناء أية توقعات علي نتائج هذه الجولة، خاصة وأن معركة انتخابات اليونسكو تستخدم فيها جميع الأسلح: المال والنفوذ والمواءمات السياسية، وتدخل النفوذ اليهودي تدخلا مستترا ومن وراء الستار،، لأنهم لا يريدون ان يتولي عربي هذا المنصب، لان منظمة اليونسكو معنية في الأساس بالحفاظ علي التراث، والحفاظ علي الهوية الأصلية للأماكن الأثرية، ووجود شخصية عربية علي رأس المنظمة حتما سيقف حائلا أمام خططهم لتهويد القدس والمناطق الأثرية هناك .
ويبقى سلاح المال، من أخطر الأسلحة المستخدمة في انتخابات اليونسكو، من الكثير من الدول وليس فقط دولة قطر، فبعضهم يقدم وعودا بتقديم دعم لميزانية اليونسكو، وبعضهم يعرض إقامة صناديق خاصة لدعم أنشطة المنظمة.
وتسود أجواء من التفاؤل المعسكر المصري، وثقة بأن «خطاب» سوف تخلفً البلغارية «إيرينا بوكوفا»، وأن فرص مصر في تزايد بعد تلقي دفعة قوية بتنازل مرشح العراق لصالح مصر، فضلا عن سخط عدد كبير من الدول الاعضاء من تقدم باريس بمرشحة في مخالفة صارخة لعرف مستقر يمنع دولة المقر من المنافسة علي منصب المدير العام لليونسكو..بينما تؤكد الحكومة الفرنسية، أنه لا يوجد نص ضمن بنود ميثاق المنظمة يمنع ترشح فرنسي لهذا المنصب، وبدليل انه قد سبق للفرنسي «رينيه ماهيو» تبوؤ منصب المدير العام للمنظمة (اليونسكو) في وقت سالف في الفترة من (1961-1974)
ومن العاصمة الفرنسية «باريس» يؤكد الكاتب محمد سلماوي عضواللجنة الاستشارية لدعم مشيرة خطاب، أن الأجواء داخل المنظمة مشجعة للغاية، وفرصة مصر هذه المرة أفضل من ذي قبل ، وذلك لعدة أسباب أهمها قيمة مصر التراثية والتاريخية، وقد تم توظيفها بشكل لم يسبق له مثيل، حيث كانت الدولة تقف بقوة وراء المرشحة، وقد بذلت مصر جهدا كبيرا علي جميع المستويات لدعم المرشحة، فعلي المستوي الرئاسي حدثت العديد من الاتصالات المهمة، التي لم يعلن عنها، مع رئاسة بعض الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي لليونسكو، هذا بالإضافة إلي الجهد الكبير والناجح الذي قامت به الخارجية المصرية من خلال الاتصال بكل عواصم الدول الأعضاء في المجلس.
وتعتبر عملية انتخاب مدير عام منظمة اليونسكو، معقدة، حيث تتم عبر اقتراع سري لممثلي الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي، ويُجري الانتخاب علي ٥ جولات كحد أقصي، من اليوم وحتي الجمعة المقبل، في حال لم يحصد أي مرشح أغلبيةً مطلقةً في الجولات الأربع الأولي، ولا يستطيع المجلس التنفيذي للمنظمة الذهاب إلي أبعد من الدورة الخامسة التي يتنافس فيها المرشحان اللذان احتلا المرتبتين الأولي والثانية في الدورة الرابعة.
