تراقب الدوائر المالية والمصرفية في الغرب، موقف صندوق النقد الدولي من الأزمة المالية في اليونان، وتصفه بـ«الموقف المتعنت» برفض منح اليونان مساعدات مالية دون التزامات أوروبية ملموسة بتخفيف ديونها، ما ينذر بمواجهة مع منطقة اليورو.
وتتساءل الدوائر السياسية والمالية: إلى متى يمكن أن يظل الصندوق على موقفه بعد أن شارك في تمويل اليونان في المرتين السابقتين؟ وهل سيكون بإمكانه رفض المشاركة في خطة المساعدة الأوربية، التي أقرت في صيف 2015؟ وإذا كانت اليونان حصلت، الأربعاء الماضي، على موافقة الاتحاد الأوروبي، على قرض بقيمة 10 مليارات يورو، فما هي مبررات رفض صندوق النقد المساهمة بأي مبلغ في هذا القرض؟
وفي مواجهة التساؤلات، يؤكد ثانوس كاتسامباس، ممثل اليونان لدى صندوق النقد الدولي حتى يوليو / تموز 2015، «ما من سبب يحمل صندوق النقد على المشاركة، ويمكن أن يكتفي بتقديم مساعدة فنية فقط»، موضحا أن مشاركة صندوق النقد في المحادثات مع أثينا إنما يؤدي خدمة لدول مثل ألمانيا، التي تطالب بحضوره من أجل ضمان تطبيق الإصلاحات في اليونان.
رفض صندوق النقد الدولي مساعدة اليونان، رغم الضغوط الأوروبية، يرجع إلى أسباب محورية حددها ديسموند لاكمان، المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي وهي:
1 ـ لقد تغيرت الأوضاع عما كانت عليه في العام 2010 وفي العام 2012، حين منح صندوق النقد اليونان أكبر قرض في تاريخه بضغط من أوروبا ورغم شكوكه حول قدرتها على الإيفاء بديونها. وحصلت اليونان على تعهد بالحصول على ما مجمله 58 مليار يورو نالت منها حتى الآن 31 مليارا. مع مراعاة أنه في العام 2010، كانت اليونان جزءا أساسيا من ضمان الوحدة الأوروبية واضطر صندوق النقد إلى التنازل عن بعض مبادئه والموافقة على أمر يعرف أن مصيره الفشل، لكنه يسهم في تفادي أزمة مالية، واليوم يتمتع الصندوق بحرية تحرك أكبر بعد السيطرة على مخاطر انتقال العدوى اليونانية، وبات لدى منطقة اليورو صندوق إنقاذ خاص بها لمساعدة الدول الأعضاء.
2 ـ يبدي صندوق النقد أكبر قدر من الحذر الآن، لأنه مر بتجربة مؤلمة عندما تخلفت اليونان عن دفع ملياري يورو في صيف العام 2015، في أكبر تخلف عن السداد عرفه في تاريخه، مما أثر سلبا على مصداقية الصندوق ونزاهته المالية، وهذا الفصل لم ينته تماما لان أثينا لا يزال يتعين عليها تسديد 14.6 مليار يورو إلى صندوق النقد الدولي.
3 ـ ويريد صندوق النقد الدولي أن يتأكد من قدرة اليونان على تسديد ديونها قبل تقديم التزام مالي جديد، وهو يشترط من الأوروبيين اتخاذ إجراءات جذرية لتخفيف ديونها مثل تجميد التسديد أو إطالة أمد الاستحقاقات لعدة عقود.
4 ـ صندوق النقد، يقول الآن بشكل واضح «لنتوقف عن خداع أنفسنا، ولنكن جديين»، كما أنه يخضع لضغوط دول ناشئة تطالب بمعاملة اليونان أسوة بغيرها.
5 ـ عندما أفرج الأوروبيون، الأربعاء الماضي، عن قروض جديدة لليونان، امتنعوا عن أي التزام محدد في ما يتعلق بالديون واكتفوا بإعلان خارطة طريق مبهمة، وعلى الفور اعتبر صندوق النقد ذلك غير كافٍ.
ويعتقد خبراء ماليون في ألمانيا، أنه سيتم التوصل مع صندوق النقد الدولي، إلى أرضية توافق بحلول نهاية العام، بل إن ابرز الدول الأوروبية تعتبر مشاركته المالية محسومة، لكن الواقع أن الهوة التي تفصل بينهما تزداد كل يوم.
