لم تهدأ الجزائر بعد رغم الاستقالات التي توالت من رموز نظام الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة، إذ شهدت العاصمة اليوم الجمعة مظاهرات لحشود كبيرة من الجزائريين.
وهتف آلاف المحتجين الذين تجمعوا أمام مبنى البريد المركزي وسط العاصمة بشعارات تؤكد تصميمهم على المضي في التحرك لحين رحيل النظام ورموزه منها “بركات بركات (كفى) من هذا النظام” و”الشعب يريد يتنحاو قاع (يتنحون جميعهم).
كما تظاهرت أعداد كبيرة أيضًا في وهران (شمال غرب) وعنابة (شمال شرق) وهما ثاني ورابع أكبر مدن البلاد وأيضًا في مدن أقل أهمية على غرار برج بوعريريج التي تقع على بعد 150 كلم جنوب شرقي العاصمة، بحسب صحافيين محليين.
وأظهرت مشاهد للتليفزيون الجزائري العام أيضا حشودا كبيرة من المتظاهرين في قسنطينية (شمال شرق) ثالث أكبر مدن البلاد وسطيف (شمال شرق) وفي الوادي الواقعة في الصحراء (شرق).
استقالة بلعيز ليست كافية
وتأتي تظاهرات الجمعة بعد استقالة رمز آخر لنظام بوتفليقة هو الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري، وبلعيز كان أحد “الباءات الثلاثة” من الأوساط المقربة من بوتفليقة، الذين يطالب المحتجون باستقالتهم. والشخصيتان الأخريان هما عبد القادر بن صالح رئيس الدولة الانتقالي ونور الدين بدوي، رئيس الوزراء.
لم تكف استقالة بلعيز لتهدئة المتظاهرين الذين حصلوا بعد كل تعبئة ضخمة ليوم جمعة على تنازل أو تراجع أو رحيل أحد رموز النظام.
كما أن كامل فنيش الذي حل محل بلعيز وهو عضو في المجلس الدستوري منذ 2016 وغير معروف لدى عموم الناس، يملك بحسب المحتجين مواصفات المخلص للنظام”.
وهتف محتجو الجمعة التاسعة مطالبين برحيل الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح.
وقال إلياس عديمي وهو طالب بالعاصمة (24 عامًا) لوكالة فرانس برس “ليس معنى استقالة بلعيز أن الأمر انتهى. فنيش ليس أفضل منه. ماذا كانت فائدة المجلس الدستوري، باستثناء التصديق على تزوير النظام الذي هو جزء منه؟”.
وكتب على إحدى اللافتات التي رفعها محتج “فنيش.. بلعيز.. كيف .. كيف (مثل بعضهما)” وفي لافتة اخرى “شعب مسالم وحكومة عنيفة”.
حياد أمني
مظاهرات اليوم شهدت التزام قوات الأمن الحياد في تحركها اليوم بعد اتهامها في الأسابيع الأخيرة بمحاولة قمع التظاهرات.
لكنها أغلقت نفقًا بطول 100 متر عادة ما يعبره المحتجون، وكانت اتهمت بإلقاء غاز مسيل للدموع داخله، ما تسبب في حركة خطرة للمتجمعين الأسبوع الماضي.
وأشاد كمال حرتاني (40 عاما) وهو أحد المتظاهرين بإغلاق النفق قائلا “الجمعة الماضية كنا قريبين من كارثة”.
مطالب المتظاهرين
ما زال المتظاهرون يرفضون تولي مؤسسات وشخصيات من عهد بوتفليقة إدارة المرحلة الانتقالية.بعد رفضهم الاقتراع لإعادة انتخاب بوتفليقة، يرفضون تنظيم انتخابات رئاسية في الرابع من يوليو حسب الإجراءات التي ينص عليها الدستور.
وقال مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف حسني عبدي لوكالة فرانس برس إن “الجيش مقتنع بأن إدارة الأزمة تمر عبر سلسلة من إجراءات التهدئة”.
وأضاف أنه يقوم بذلك “تدريجيًا لتقليل مدى التنازلات والتأكد” من قبول المحتجين بها.
وأكد الفريق أحمد قايد صالح رئيس الأركان ورجل الجزائر القوي بحكم الأمر الواقع، هذا الأسبوع إن “كل الخيارات تبقى مفتوحة لإيجاد حل للأزمة في أفضل المهل”.
وأكد قايد صالح أن الجيش لن يوجه سلاحه إلى الشعب وسيعمل على “ألا تراق أي قطرة دم جزائرية”.
مشاورات رئاسية
كثف الرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح الخميس سلسلة لقاءات تناولت سبل إجراء الانتخابات الرئاسية وتحقيق مطالب الشارع الجزائري.
وقالت الرئاسة الجزائرية، إن بن صالح “استقبل عبدالعزيز زياري وعبدالعزيز بلعيد وميلود براهيمي، بصفتهم شخصيات وطنية”، موضحة أن “هذه اللقاءات تدخل في إطار المساعي التشاورية التي ينتهجُها رئيس الدولة لمعالجة الأوضاع السياسية للبلاد”.
لكن لم تلق دعوات الرئاسة للحوار المزمع عقده الاثنين المقبل استجابة جميع الأطرف السياسية، وأعلنت حركة مجتمع السِّلم مقاطعتها معتبرة الدعوة التفافًا حول مطالب الشعب.
وكتبت صحيفة “الخبر” الجمعة تحت عنوان “موسم الكذب السياسي… بدأت مناورات الالتفاف على ثورة الشعب”، أن “بقايا السلطة تستدعي بقايا المعارضة الى اجتماع في +محمية+ نادي الصنوبر (مقر للقاءات المهمة يخضع لحراسة مشددة) لاتخاذ قرار مكان الشعب (الذي يتظاهر) في البريد المركزي”.