رغم مأساة «الحالة اللبنانية».. مناورات الانتخابات النيابية بدأت مبكرا
تؤكد الدوائر السياسية في بيروت، أن «الحالة اللبنانية» تجمدت عند «حافة الانهيار»، وبات التدهور الاقتصادي والمأساة الاجتماعية ، مجرد «عناوين ضخمة» تتجاهلها النخب السياسية التي ركزت اهتماماتها على الانتخابات التشريعية المقبلة في شهر مايو/ آيار.
ويرى المراقبون في بيروت، أن الخطاب السياسي الساائد حاليا في لبنان يتمحور حول المعركة الانتخابية النيابية المقبلة، وداخل هذا المشهد تتصدر مناورات «التيار الوطني الحر» بزعامة جبران باسيل ن صهر الرئيس ميشال عون و«خليفته» مستقبلا ..حيث ينقسم الخطاب السياسي للتيار الوطني إلى قسمين، من حيث مضمونه السياسي والاجتماعي:
- الأول: مرتبط بشكل مباشر بالمسيحيين، إذ يبدو أنه مستمرّ في دغدغة عواطف المسيحيين والعزف على أوتار مطالبهم..ويركز الخطاب السياسي لـ «جبران باسيل» على الشارع المسيحي، بجملة شعارات مرتبطة بالميثاقية وبالدور المسيحي المشرقي وصلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس القوي وغيرها من العناوين الكبرى.
- والقسم الثاني: مرتبط بـ «الاشتباك السياسي»، وهو توجه مكرر عند كل استحقاق رئيسي في البلاد، حيث يختلق التيارالوطني الحر خصماً شرساً لمواجهته في معركة إثبات الوجود، حدث هذا في العام 2005 حين تركّزت معاركه في وجه ما سمّي بـ «الحلف الرباعي» آنذاك، وفي العام 2009 في وجه «الحريرية السياسية»، وحاليا يدخل في مواجهة مع الثنائي الشيعي ( حركة امل وحزب الله).
مناورة انتخابية «زوبعة في فنجان»
و«مقارعة» الثنائي الشيعي، يراها المراقبون والمحللون في لبنان، مجرد «مناورة انتخابية» افتعلها التيار الوطني الحر ضد حليفه بتفاهم «مار مخايل» ـــ حزب الله، ونصف الثنائي الشيعي الآخر حركة أمل ـ وهي أشبه بزوبعة في فنجان، وبمسرحية ركيكة، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية ، لا تنطلي حيلتها على أحد، خاصة جمهور التيار نفسه.
- وبدا واضحاً أن الطرفين المتفاهمين في كنيسة «مار مخايل» حريصان على استمرار التحالف بينهما، رغم التباعد الحاصل في ملفات أساسية لكل منهما، وفي مقدمتها عودة اجتماعات مجلس الوزراء التي يدعو إليها رئيس الجمهورية بمن حضر، أي دون انتظار وزراء الثنائي الشيعي، فضلاً عن محاولات تنحي القاضي طارق البيطار عن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، الأمر الذي يسعى إليه حزب الله.
التمسك بـ «شعرة معاوية» بين الحليفين
ولكن التوازنات السياسية الداخلية، والضغوطات التي تتعرض لها المنظومة السياسية داخلياً وخارجياً، تفرضان على الحليفين اللدودين ( التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي)، التمسك بشعرة معاوية الأخيرة من تفاهم مارمخايل، نظراً لحاجة التيار العوني لحليف مسلم بعد القطيعة الحاصلة مع تيار المستقبل وأطراف إسلامية أخرى، مقابل حاجة الحزب بالذات لتغطية مسيحية لدوره في لبنان والخارج، يعوّض له الخصومة السياسية المتجذرة مع القوات اللبنانية وحزب الكتائب، اللذين يقفان على الطرف الآخر من المعادلة الداخلية.
- ويدرك «جبران باسيل» مدى حاجته لدعم حزب الله في الإنتخابات المقبلة، بهدف تحجيم الخسارة المتوقعة في عدد من الدوائر ذات الأكثرية المسيحية، وما يسعى لتعويضه في الدوائر ذات الأصوات الشيعية الوازنة.
صخب سياسي
ويشير مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والإستشارات، العميد الركن خالد حمادة، إلى إعلان «جبران باسيل»عن رغبته في زيارة سوريا قبل الانتخابات؟ ويرى انه يريد توجيه رسالة لحزب الله علها تنفع في استعادته صدر البيت:
- وفي هذا إشارة واضحة لحزب الله بأنّ بقاء جبران باسيل في صلب المعادلة السياسية لا يعود فقط لقرار حزب الله، فهو يتكئ على دعم النظام السوري، وهو لن يتوانى عن طلب حمايته متى احتاج لها، وبمعنى آخر إسقاط كلّ المحرمات في سبيل الإمساك بالسلطة.
ومن المؤكد أن باسيل يدرك تماما ـ بحسب العميد خالد حمادة ـ أنّ كلّ الصخب السياسي الذي حاول إثارته ليس سوى زوبعة في فنجان حليفه حزب الله، ويدرك حزب الله أنّ باسيل يحاول تلمّس ما تبقّى من رصيد اتّفاق مار مخايل واستشراف مستقبله السياسي.