رفائيل.. الفنان الذي رسم جدران الفاتيكان
شهدت فلورنسا المدينة الإيطالية التي انطلق منها عصر النهضة مولد العديد من رسامي عصر النهضة العظماء، وتميزت إيطاليا دون غيرها من المدن الأوربية بالحراك الثقافي النشط وبالجمال ما رشحها لأن تتصدر أكثر الدول جمالا بسبب الصروح المعمارية العظيمة والتماثيل والنوافير والكنائس التي لا مثيل لها فضلا عن الفاتيكان.
النهضة بالصدفة
لذلك لا ينسى محبو الفنون الجميلة تلك الأسماء اللامعة في صناعة الفن مثل ليوناردو دا فينشي وساندرو بوتيتشيلي وميكيل انجيلو ورفائيل وغيرهم، وكلهم من أبناء فلورنسا الجميلة، حيث يقول علماء التاريخ إن فلورنسا هي مكان مولد عصر النهضة بالحظ، بمعنى آخر لأن «رجالاً عظماء» ولدوا هنالك بمحض الصدفة.
ويمثل عصر النهضة الفترة التي انتهت فيها العصور الوسطى وبدأ فيها العالم الحديث بالنمو. حيث النهضة الحضارية من القرن الرابع عشر إلى منتصف القرن السابع عشر، وكان أهم إنجاز لتلك الفترة هو بناء الفاتيكان.
رفائيلو سانزيو
كان عمر رفائيل 25 سنة، عندما دعاه البابا يوليوس الثاني لكي يترك فلورنسا ويذهب إلى روما، لكي يسهم في ديكورات الفاتيكان، البابا يوليوس الثاني وخليفته البابا ليو العاشر، كانا مسحورين برفائيل. صور البورتريه التي رسمها لهما، هي الأصدق في تاريخ الرسم بالزيت.
وبالفعل قام رفائيل بتزيين حوائط أربع صالات في الفاتيكان بلوحات رائعة صورت قصص دينية وأساطير من الميثولوجيا الإغريقية أو الرومانية، وموضوعات فلسفية وقانونية، ومعاني جاءت في أقوال الشعراء والحكماء. تقريبا كل الموضوعات التي تهم البابا وحكماء العصر.
من هذا نرى أن الفاتيكان كان بمثابة معرض كبير لرفائيل، كان محل إعجاب كبير في فلورنسا وروما، يقال أنه كان يُرى في صحبة خمسين رسام في وقت واحد، جاءوا من بلده إلى الفاتيكان. بعكس حياة الوحدة التي كان يعيشها مايكل أنجلو في نفس المدينة في نفس الوقت.
وكانت آخر لوحة رسمها رفائيل، هي لوحة التجلي للمسيح في الفاتيكان، وهي من روائع الفن العالمي بدون منازع، وجه المسيح في هذه اللوحة أكثر من رائع. اللوحة بها مشهدان، واحد سماوي وآخر أرضي فوق الجبل، في السحاب المبهر للنظر، يظهر المسيح في السماء. .
وعلى الرغم من أن وجه المسيح في اللوحة بدا رائعا بحسب النقاد ، إلا أن رفائيل لا يعتبره مكتملا. هذه كانت مشكلة ليوناردو دافنشي أيضا في رسم وجه المسيح، في العشاء الأخير. دائما كانت يده مرتعشة.
الميثولوجيا الدينية
ميزت أعمال رفائيل في تلك الفترة الأعمال التي موضوعها دينيا، لذلك نلاحظ أن أعماله تركزت حول موضوع المسيح والعذراء بشكل خاص، ربما يرجع هذا إلى بدايته الفنية ولقائه بالراهب الرسام «فرا بارتولوميو» في صومعته، الذي اعتزل الرسم منذ أربع سنوات، لكي يتفرغ للصوم والصلاة في الدير.
وبعد أن توطدت العلاقة بين رفائيل والراهب وقامت بينهما صداقة متينة. جعلت الراهب يمسك بفرشة الرسم من جديد، لكي يُعلم صديقه الشاب أسرار التلوين وخلط الأصباغ ورسم الأقمشة وطيات الملابس وفن البورتريه الذي ينبض بالحياة والجمال.
يعد رفائيل من أهم رسامي عصر النهضة رفائيلو سانزيو أو «رفائيل» الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده وذكرى وفاته في نفس الوقت، والذي ولد في يوم الجمعة العظيمة 6 أبريل عام 1483. في قرية أوربينو الجبلية وسط إيطاليا. الطفل كان جميلا رقيقا لذلك سمي رفائيل، وهو اسم أحد رؤساء الملائكة السبعة.
عاش رفائيل 37 سنة فقط. أثناء حياته القصيرة، رسم 287 لوحة. الموضوع المفضل عنده كان «المادونا والطفل»، لذلك رسم منها الكثير من اللوحات. المادونا تعني الأم المقدسة. أشهرها رُسم في فلورنسا تحت عنوان «لا بيلا جاردينير»، وتعني فتاة الزهور الجميلة.
وأنجز رفائيل أعمالا كثيرة رائعة، في فترة حياته القصيرة 37 سنة، حزنت عليه روما وكل إيطاليا ومحبي الفن في العالم كله توفي يوم 6 أبريل عام 1520.
