بات واضحا أن المشهد اللبناني العام، أصبح على عتبة «حلحلة» الأزمة، مع إصرار الرئيس المكلف بتشكيل الجكومة الجديدة، د. حسان دياب، على مواجهة التحديات، وأنه « لن يعتذر عن التكليف، وأنه ماضٍ في اتصالاته لتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وأن من يُشكّل الحكومة هو رئيس الحكومة وليس أحداً غيره» ما طرح تساؤلات عن سبب ثقته بنجاح مهمته في تشكيل حكومة، كان قد حدّد لتشكيلها مهلة شهر أو ستة أسابيع، قبل ان يتمنى لاحقاً تخفيض هذا السقف الزمني إلى أقل من ذلك، بحسب تقرير صحيفة اللواء اللبنانية، ومن المرجح إنهاء تشكيل الحكومة خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، خاصة أن القوى السياسية التي كان الرئيس دياب يعوّل على الاتصال بها للمشاركة في عملية التشكيل اخرجت نفسها من هذه العملية وقررت عدم المشاركة.. وهي («تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب»)، مايمكن أن يختصرمزيداً من الوقت.
- وتترقب الأوساط المتابعة للتشكيل الوزاري، أن تبصرالحكومة النور في الأسبوع الأول من الشهر المقبل.
« حركة الشارع»..و مؤشر «الرفض الناعم»
وإذا كان رئيس الحكومة المكلف «دياب» على ثقة بتجاوز حقل ألغام من العقبات والتحديات وتاجيل تألف الحكومة.. فإنه أمام اختبار صعب ، وهو أن يحظى بـ «رضا الشارع»، الذي يبدو موقفه، أقرب إلى «المعارضة الناعمة» بحسب وصف الدوائر السياسية في بيروت، رغم مشاهد يوم أمس «أحد الرفض»ن وشعارات الحشود التي رفعت الصوت ضد ماوصفته بـ «انتقائية في تكليف الشخصية التي ستؤلف الحكومة الجديدة»، وحتى الدول المعنية بالأزمة اللبنانية تنتظر بدورها «رضا الشارع» أو حركة الشارع، انطلاقاً مما وصفه الإعلامي السعودي المسؤول عن الملف اللبناني في وزارة الداخلية السعودية فهد عبد الله الركف من أن «وجود عامل الثقة بين رئيس الحكومة والدول المانحة والتأليف لن يتم إلا إذا رضي الشارع اللبناني».
- ومؤشر «الرفض الناعم»، تجلى بوضوح في التجاوب «المتواضع» مع الدعوة «لأحد الرفض»، حيث كان الحشد أقل مما كان يؤمنه سابقاً، واقتصر على بعض مئات من المحتجين من مناطق مختلفة في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، وتفاوتت آراء هؤلاء بين من يعترض على تكليف دياب، وبين من يرى ضرورة اعطائه فرصة،
دعم مسيحي لرئيس الحكومة المكلف «دياب»
وذكرت تقارير وسائل الإعلام اللبنانية، أن الرئيس المكلف «دياب»، تلقى أمس، دعماً مشتركاً من البطريرك الماروني بشارة الراعي، والرئيس الأسبق، أمين الجميل، اللذين دعوا للتعاون مع الرئيس المكلف وتشكيل حكومة طوارئ إنقاذية على مستوى الاقتصاد والاجتماع والاصلاحات وإيقاف تفاقم الدين العام وتنامي العجز..كما أن مقاربة حزب الكتائب بالنسبة للحكومة إيجابية، وهذا دليل على تعاونها، لكن من المهم جدا أن يتحدى الرئيس المكلف كل من يشككون به ويتحمل مسؤولياته بالكامل.
- وبقيت المهمة الأصعب التي تواجه الرئيس المكلف، هي إيجاد قناة تواصل حقيقية وتفاهم مع ممثلي الحراك الشعبي لتمثيلهم في الحكومة، وسط رفض تام من الحراك للدخول في «جنة السلطة»، ومع الانقسام في صفوف الحراك الشعبي، بين من يرفض التعاون مع الرئيس دياب بالمطلق، وبين من يريد أن يعطيه فرصة لتأليف حكومة.
أمريكا تحدد مهلة تشكيل الحكومة
وفي نفس السياق، علمت « صحيفة اللواء» من مصادر دبلوماسية، أن وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، أبلغ من يعنيه الأمر من التحالف الذي سمى «دياب» لرئاسة الحكومة، أن المهلة المسموح بها قصيرة جداً لتأليف الحكومة، وهي نهاية هذه السنة أو الأسبوع الأول من السنة الجديدة، نظراً لضيق الوقت المتاح لتوفير ما يلزم من دعم.
- وترددت معلومات، بأن الجانب الأمريكي اقتنع بأن مخاطر وعوامل الانهيار في لبنان ستكون أكبر وأخطر من تأجيل تشكيل حكومة مقبولة تساهم في عملية الاصلاحات ومعالجة الأزمات المعيشية والاقتصادية، لا سيما وأن الرئيس دياب شخصية معتدلة وغير صدامية وهو يحمل الصفة الأهم التي يطالب بها الجميع: الاختصاص أو التكنوقراط.
صفقة امريكية لدعم حكومة دياب
ولاحظت مصادر سياسية مطلعة، في بيروت، أن الأجواء التي أحاطت بالتكليف والمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة، ولا سيما زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، تُشير إلى عدم ممانعة واشنطن لتكليف «دياب» بتأليف الحكومة، طالما أنه يلتزم بتشكيل حكومة اختصاصيين «تكنوقراط»، أو على الأقل لا وجود سياسياً مباشرا لـ «حزب الله» فيها.. وفي هذا الإطار، كشف الوزير السابق وئام وهّاب، أن المسؤول الأمريكي «هيل» عرض إطلاق سراح العميل الموقوف عامر الفاخوري، الذي حكم بالاعدام من قِبل القضاء اللبناني، سواء على مستوى الدرجة الأولى أو التمييز ـ والذي يحمل الجنسية الأمريكية ـ مقابل إطلاق سراح رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين، الموقوف في الولايات المتحدة الأمريكية، بتهمة مساعدة «حزب الله» مالياً.وكانت مجلة «دير شبيغل» الألمانية كشفت ذلك في عددها الأخير..أي أن معالجة قضية «العميل» خرجت من يد القضاء إلى التفاوض السياسي.
- وتقول أوساط سياسية مقربة من الأكثرية النيابية في لبنان، أن واشنطن تريد من لبنان أمرين، الأول إطلاق سراح عامر الفاخوري.. والثاني ترسيم الحدود البحرية.. وأن «هيل» حصل على تعهدّ بالأمرين معًا، مقابل تغطية الحكومة التي سيشكلها الرئيس المكّلف حسان دياب.
الوقت ليس للترف
.وتقول المصادر لصحيفة اللواء اللبنانية، إنه من الواضح أن الدكتور دياب يدرك تماما أن الوقت ليس للترف، وأن مساعيه يراد أن تتكلل بالنجاح خصوصا أنه حدد مواصفات الحكومة ويبقى العمل على البحث في كيفية توزيع الحقائب واختيار وزراء نظيفي الكف وذوي الاختصاص كما طالب الرئيس ميشال عون وهو أيضا ما يوافق عليه الرئيس المكلف..وأكدت المصادر أن اتصالات الرئيس المكلف ستتكثف في الأيام المقبلة وسيوسع دائرة مشاوراته من اجل وضع ما قاله بعد تكليفه وانهاء مشاوراته في مجلس النواب، موضع التنفيذ.