روبرت فيسك يتساءل: إلى متى نتظاهر بأن الفلسطينيين ليسوا شعبا أصليا؟
بعد مذبحة غزة هذا الأسبوع، إلى متى سنستمر في التظاهر بأن الفلسطينيين ليسوا شعبا أصليا؟ بهذا التساؤل استهل الكاتب روبرت فيسك مقاله بصحيفة إندبندنت البريطانية.
وأشار إلى ما يحكيه التاريخ عن كيف كان إلقاء اللوم عليهم في نزوحهم الجماعي قبل سبعة عقود، لأنهم اتبعوا تعليمات محطات الإذاعة لمغادرة منازلهم حتى يكون قد تم “طرد اليهود وإلقاؤهم في البحر”. وبالطبع لم تكن هناك محطات إذاعية على الإطلاق.
ووصف الكاتب البريطاني أعداد القتلى والمصابين الفلسطينيين في مذبحة غزة بأن هذه الأرقام فضيحة وتحول صارخ عن الأخلاق وعار على أي جيش يقوم بها. ومع ذلك من المفترض أن نعتقد أن الجيش الإسرائيلي هو “طهارة الجيوش”.
وتساءل مرة أخرى إذا كان قد قتل 60 فلسطينيا في يوم واحد هذا الأسبوع، ماذا لو صار العدد 600 الأسبوع القادم؟ أو 6000 الشهر المقبل؟ وإذا كنا نقبل الآن مذبحة بهذا الحجم، فإلى أي مدى يستطيع جهازنا المناعي المواصلة في الأيام والأسابيع والشهور المقبلة؟
وقال مستهجنا إن الرد الجاهز على هذه الأسئلة هو كل الأعذار المعروفة بأن حماس “الفاسدة” كانت وراء مظاهرات غزة وبعض المتظاهرين كانوا عنيفين. وأضاف أن الضحايا هم أنفسهم الجناة هو بالضبط ما اضطر الفلسطينيون إلى تحمله طيلة 70 عاما. ولا يزال يجب علينا أن نشكر مؤرخي إسرائيل الجدد على إثبات هذا.
وأضاف فيسك أن الإشارات إلى مأساة الفلسطينيين في العديد من وسائل الإعلام تشير إلى “نزوحهم” قبل 70 سنة كما لو تصادف أنهم كانوا يقضون عطلة في وقت النكبة ولم يتمكنوا من العودة مرة أخرى إلى ديارهم.
وقال إن الكلمة المناسبة التي كان يجب أن تكون واضحة تماما هي “نزع الملكية والطرد”، لأن هذا هو ما حدث للفلسطينيين طوال هذه السنين ولا يزال يحدث في الضفة الغربية اليوم، حتى كتابة هذا المقال، بفضل أناس مثل جاريد كوشنر، صهر ترامب، المؤيد لهذه المستوطنات البائسة وغير الشرعية المبنية على أراض عربية ومصادرة من العرب الذين ملكوا وعاشوا على الأرض لأجيال.
وأردف بأنه نادرا ما صادفنا في العصر الحديث شعب بأكمله مثل الفلسطينيين، يعاملون على أنهم ليسوا شعبا أصليا رغم الشواهد التي جلبها معهم اللاجئون في مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان، حيث يوجد متحف للمواد التي جلبت إلى لبنان من جيل اللاجئين الأوائل في أواخر الأربعينيات مثل أواني القهوة ومفاتيح الأبواب الأمامية للمنازل التي دمرت منذ زمن طويل، وكان العديد منهم قد أغلقها وفي مخططه العودة في غضون أيام قليلة.
وختم فيسك مقاله بأن هذا الجيل القديم يموت بسرعة ولم يبق منهم إلا القليل، لكن ما تخشاه إسرائيل أن هناك ملايين الفلسطينيين الذين يطالبون بحقهم في العودة إلى ديارهم بموجب قرارات الأمم المتحدة والذين قد يظهرون بعشرات الآلاف على السلك الحدودي في غزة المرة المقبلة.
وأضاف، هناك أسر تعيش في غزة طرد أجدادهم من ديارهم التي تقع على مرمى حجر من غزة نفسها، من قريتين كانتا موجودتين تحديدا حيثما توجد بلدة سيدروت الإسرائيلية الآن ولا يزال بإمكانهم رؤية أراضيهم. وعندما تستطيع رؤية أرضك فمن الطبيعي تحن للعودة إلى مسقط رأسك.