روسيا تفادت الانهيار الاقتصادي وتلعب على أعصاب الغرب
مع بداية الحرب في أوكرانيا، كانت العقوبات الغربية على روسيا، نموذجاً صارخاً للحرب الاقتصاديّة، حيث تعدّدت أدوات الضغط الاقتصادي والمالي تحقيقاً لأهداف سياسيّة وعسكريّة واقتصاديّة، وقد فرض الغرب عقوبات مكثّفة وشاملة ومتواصلة وغير مسبوقة تستهدف كلّ مفاصل الاقتصاد الروسي، لإحداث انهيار شامل به، وشلّ مصادر تمويل الحرب الروسيّة، وتجفيف الإيرادات بالنقد الأجنبيّ، خاصّة من قطاع الطاقة الحيوي.
ولم تقتصر تلك العقوبات على نشاط أو قطاع اقتصادي، كما في الحروب الاقتصاديّة السابقة، بل امتدّت إلى كلّ القطاعات الروسيّة وفي توقيت واحد: المصارف، والبورصة، وأسواق المال، والطيران، والاستثمارات الأجنبيّة، وأنشطة التعدين، وتمّ حظر الصادرات النفطيّة والغاز، والتحفّظ على ما يقرب من نصف احتياطي روسيا من النقد الأجنبي المودَع لدى المصارف الغربيّة بما يعادل 300 مليار دولار.
- كما تمّ حظر الطيران وإغلاق المجال الجويّ أمام الطائرات وتمّ منع استيراد منتجات وسلع استراتيجيّة، ومنع شركات عالميّة كبرى من التعامل مع السوق الروسيّة.
الاقتصاد الروسي أثبت جدارته خلافا لما كان متوقعا في الغرب
ومع مرور عام على العقوبات الغربية على روسيا.. ترصد الدوائر الاقتصادية في الغرب، «حصاد المقاطعة» والنتائج المترتبة على مختلف قطاعات الأنشطة الاقتصادية. وجاءت نتائج الرصد والتحليل «مفاجئة وغير متوقعة»، وهو ما أكدته صحيفة «لوموند» الفرنسية، بأن أداء الاقتصاد الروسي خلال الـ12 شهرا الماضية أثبت جدارته، خلافا لما كان متوقعا في الغرب.
- وقالت الصحيفة إن «هناك شيئا وحيدا واضحا وهو أن روسيا استطاعت تفادي انهيار الاقتصاد، وهو ما لم يكن متوقعا في الغرب بعد 9 حزم من العقوبات على مدار العام».
وذكرت الصحيفة أن صندوق النقد الدولي فجّر مفاجأة غير متوقعة، بتحليله الذي خيّب الغرب، حيث انكمش الناتج الروسي بنسبة 2.2٪ فقط، بدلا من 8.5٪، وهو ما توقعه الاقتصاديون الغربيون في مارس/ آذار الماضي.
- وأشارت الصحيفة إلى أن النشاط التجاري في روسيا سينمو بنسبة 0.3٪ هذا العام ومن المتوقع أن يرتفع 2.1٪ في 2024، بينما سينمو اقتصاد منطقة اليورو 1.6٪ فقط !
بوتين أفشل مخططات الغرب في نهب روسيا
ومن جانبه، أكد المستشار السابق للبنتاجون، دوجلاس ماكجريجور أن الغرب حاول في تسعينيات القرن الماضي نهب كل ما هو ممكن في روسيا، لكنه فشل بفضل الرئيس فلاديمير بوتين، الذي أعاد لروسيا قوتها واستقرارها.
- واعتبر أن «وراء خطط واشنطن الكثير من الأموال، لأن روسيا مليئة بالموارد مثل المعادن والنفط والغاز والمعادن النفيسة والمنتجات الزراعية التي تقدر بتريليونات الدولارات».
وقال المستشار السابق للبنتاجون، دوجلاس ماكجريجور: إن النخبة السياسية في واشنطن اعتبرت أن روسيا ضعفت، وها نحن الآن على طريق خطر للغاية، ومحفوف بالصراع والمواجهة مع روسيا.
تصاعد معدلات صادرات النفط والمكثفات من روسيا إلى الصين
وبعد فرض الدول الغربية عقوبات على روسيا، بما في ذلك على النفط ومنتجاته، قررت موسكو الاتجاه شرقا إلى الأسواق الآسيوية..وصعدت صادرات النفط والمكثفات من روسيا إلى الصين خلال الأيام الثلاثين الماضية إلى أعلى مستوى لها منذ أبريل/ نيسان 2020، حيث تجاوزت مستوى 1.5 مليون برميل يوميا.
وجاء ذلك بحسب تقرير لوكالة «بلومبرغ» استند لبيانات شركة «كابلير» Kpler وقالت الوكالة إنه بحلول 20 فبراير/ شباط الجاري ارتفعت تدفقات النفط والمكثفات (من روسيا إلى الصين) إلى 1.52 مليون برميل يوميا، وهو أقل قليلا من الرقم القياسي المسجل في ثلاث سنوات تقريبا.
الطلب على مصادر الطاقة الروسية في أوروبا ما زال مرتفعا
ورغم العقوبات الغربية «المعلنة» على صادرات النفط والغاز الروسيين.. أكدت وزارة الخارجية الروسية، أن الطلب على مصادر الطاقة الروسية في أوروبا لا يزال مرتفعا، ولم يتم إخراج روسيا من الأسواق الأوروبية.
وقالت الخارجية الروسية – في بيان – إن آلية السداد التي فرضتها موسكو مقابل مصادر الطاقة في أبريل/ نيسان الماضي، آمنة وشفافة، كما أثبتت فاعليتها، وأن غالبية الشركات الأوروبية مازالت تتعامل مع روسيا، وتستخدم آلية السداد التي فرضتها موسكو، بشكل ناجع.
- وكان نائب رئيس الحكومة الروسية، الكسندر نوفاك، قال – في وقت سابق – إن روسيا زادت صادراتها النفطية العام الماضي 6ر7 % حتى 242 مليون طن .
الأزمة الروسية الأوكرانية.. ترسم شكلًا جديدًا للاقتصاد العالمي
وبعد مرور نحو عام على الحرب في أوكرانيا.. بات واضحا أن الأزمة أضافت المزيد من الغموض إلى الصدمة الاقتصادية التي خلفها بالفعل وباء فيروس كورونا، مما أدى إلى ارتفاعات قياسية في الدين العام، وأزمات ترتبط بغلاء المعيشة والتضخم، ونقص في العمالة بقطاعات أساسية.
- وجاءت العقوبات الاقتصادية على موسكو وسط تزايد العقبات أمام التجارة العالمية، مما عزز استغلال روسيا لصادراتها من الغاز والنفط كسلاح، والذي صار بالفعل خطيرا بسبب تغير المناخ.
كما أحدثت تلك الأزمة صدمة على الطلب والأسعار فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، كما أثرت الأزمة على الاقتصاد الأوكراني، حيث انكمش بمقدار الثلث.
- وفي تعقيبه على الوضع الاقتصادي مع مرور عام على الحرب في اوكرانيا..قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خطابه السنوي إلى الجمعية الفيدرالية: إن روسيا تدخل في دورة جديدة من التنمية الاقتصادية وهناك كل الفرص لتحقيق قفزات في العديد من المجالات…وقد اتضح أن الاقتصاد الروسي أقوى بكثير مما كان يظنه الغرب عند فرضه العقوبات ضدنا. مشيرا إلى ان التضخم في روسيا وصل إلى النسبة المستهدفة حوالي 4%، وهو أفضل من بعض الدول الأوروبية.
