روسيا وأفغانستان.. البحث عن نهج جديد
في قراءته للمشهد الأفغاني، وتوقعاته للسيناريوهات المحتملة في أفغانستان، بعد أن أربكت الديناميكية السريعة والمذهلة للأحداث في أفغانستان وحولها كلاً من الأفغان أنفسهم واللاعبين الخارجيين، الذين لم يكونوا، مستعدين تماماً لمثل هذه المنعطفات غير المتوقعة..يكشف رئيس «معهد الاستشراق» التابع لأكاديمية العلوم الروسية بموسكو ـ فيتالي نعومكين ـ أن النخب السياسية والعسكرية في مختلف الدول، وخصوصاً جيران أفغانستان، بدأت في مناقشة السيناريوهات المحتملة لتطور الوضع، علاوة على المخاطر والتهديدات الناجمة عنها.
روسيا بادرت بتحسب التحديات والمحاطر المحتملة
وقال: روسيا ليست استثناء. موسكو، بعد أن تعلمت من تجربتها التاريخية، أجرت بتأنٍ حواراً سياسياً مع جميع اللاعبين في الميدان الأفغاني خلال السنوات الماضية، مؤمنة نفسها قدر الإمكان ضد مثل هذه المفاجآت. لقد بدأت أيضاً بالتفكير في التحديات والمخاطر التي قد تأتي لها ولحلفائها الجنوبيين من أفغانستان «القديمة الجديدة» الناشئة، حيث تتحول حركة «طالبان»، إلى إحدى القوى السياسية الرئيسية، إن لم يكن إلى قوة مهيمنة. لكن موسكو لا تزال تنطلق من حقيقة أن «طالبان» لا يشكلون أي تهديد مباشر لها وتميل للوثوق بوعودهم.
تهديدات تلوح في الأفق
ومع ذلك، من الناحية الافتراضية البحتة، تلوح في الأفق المخاطر والتهديدات المحتملة. من بينها، وفقاً لعدد من المحللين، يجب أولاً تسمية الأعمال العدوانية المحتملة ضد حلفاء موسكو في آسيا الوسطى مع احتمال انتشارها إلى الأراضي الروسية من قبل تنظيم «داعش» المحظور في روسيا، وبدرجة أقل من قبل «القاعدة»، وفي حالات معينة، حتى من قبل حركة «طالبان» نفسها عبر فصائلها الشديدة التطرف.
5 مخاطر تهدد روسيا
من المرجح أن تكون هذه الأعمال على شكل هجمات متفرقة، بما فيها استفزازات على الحدود.. ثانياً، تهريب المخدرات، التي بات حجمها حالياً كبيراً جداً.. ثالثاً، تدفق موجة هائلة من اللاجئين غير الشرعيين والشرعيين أيضاً، والتي قد تتحرك شمالاً.. رابعاً، احتمال التسلل الخفي للمسلحين والدعاة المتطرفين ضمن تدفقات اللاجئين، وتجنيدهم لمؤيدين جدد لأفكارهم.. خامساً، ظهور وحدات مسلحة من الدول الغربية في دول آسيا الوسطى استجابة لنداء حكوماتها.
ثلاثة مبادىء تحكم الموقف الروسي تجاه أفغانستان
وأضاف الخبير الروسي «فيتالي نعومكين »: مهما كان الأمر، فإن أقوال وأفعال موسكو تقنع بأن السياسة الروسية فيما يتعلق بالأزمة في أفغانستان تقوم، أولاً وقبل كل شيء، على:
-
مبدأ عدم التدخل، الذي يستبعد تماماً إرسال فرق مسلحة إلى هناك في أي سيناريو كان. الحد الأقصى الذي ستكون موسكو مستعدة للقيام به في حالة وقوع أعمال عدوانية عسكرية أو إرهابية منطلقة من أفغانستان ضدها (أو ضد حلفائها)، هو توجيه ضربات جوية ضد قواعد الإرهابيين. لكن في الوقت الحالي يمكننا التحدث فقط افتراضياً عن مثل هذا سيناريو. هذا المبدأ يستثني أيضاً تقديم أي مساعدة عسكرية أو عسكرية فنية لأي من الأطراف المتصارعة، رغم أن موسكو تحتفظ بعلاقات رسمية مع كابل. بالمناسبة، إذا فرضت طالبان سيطرة صارمة على المناطق الحدودية في شمال أفغانستان (رغم أنه من السابق لأوانه الحديث عن ذلك)، فإن هذا يستبعد من الناحية الفنية إرسال الحمولات عبر الحدود من أي جهة كانت إلى القوى التي تجابههم، باستثناء الطريق الجوي، هذا ما لم تتحول جبهة المقاومة الطاجيكية الأوزبكية التي تتشكل في الشمال إلى قوة يمكنها إبعاد الفصائل البشتونية من هناك.
-
المبدأ الثاني الذي تتبعه موسكو حالياً هو مساعدة دول آسيا الوسطى في تعزيز الحدود، وكذلك في تدريب وتجهيز قواتها المسلحة. ويجري في إطار هذه الاستراتيجية أيضاً، تعزيز القواعد العسكرية الروسية الموجودة على أراضي طاجيكستان وقيرغيزستان. ورداً على سؤال رئيس تحرير إذاعة «صدى موسكو» حول سبب قيام موسكو الآن بتعزيز وجودها في طاجيكستان، أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان زامير كابولوف يوم 22 يوليو (تموز) أنه يجب التحضير للمستقبل وليس البدء بالعمل «بعد أن يشب الحريق». بعبارة أخرى، لا تزال تصرفات موسكو في هذا الاتجاه تتسم بطبيعة وقائية حصرية.
-
المبدأ الثالث هو الحوار البناء مع اللاعبين الداخليين والخارجيين العالميين والإقليميين القادرين بطريقة أو بأخرى على التأثير في الوضع حول أفغانستان. علاوة على ذلك، في المقابلة نفسها، أكد كابولوف أن مصالح روسيا والولايات المتحدة تتطابق هنا، ذلك لأنه قد «اختفت تلك الشوكة» الآن.