رياض أبو عواد يكتب: الكنز.. ثلاثة خطوط درامية وإسقاطات تاريخية مزيفة

شاهدت الجزء الثاني من فيلم “الكنز” في دار العرض وشاهدت الجزء الأول في المنزل لعدم تمكني من حضوره وقت عرضه في السينما وهو قصة وإخراج شريف عرفة وسيناريو وحوار عبد الرحيم كمال.

تسير أحداثه ضمن ثلاثة خطوط درامية يصل بينها جميعا أفكار مدير الأمن السياسي السابق في الفترة الملكية الفنان محمد سعد بأفضل أدواره بعد أن تخلص من شخصية اللمبي من خلال الأوراق والبرديات والشريط السينمائي الذي تركه لإبنه الذي درس التاريخ في أوروبا (أحمد مالك).

ومن خلال بحث الابن في الأوراق التي جمعت ضمن ملفين أحدهما مخصص للمرحلة الفرعونية للملكة حتشبسوت، والثاني مخصص للمرحلة الإسلامية  للشخصية الأسطورية علي الزيبق، وشريط سينمائي يروي مدير الأمن السياسي لابنه تاريخ الأحداث التي عاشها مع طبيعة العلاقات العائلية مع شقيقه (أحمد زكي) وحياته العاطفية مع المغنية (أمينة خليل) التي أصبحت فيما بعد زوجة شقيقه وعلاقته مع الغازية التي أصبحت زوجته وأم إبنه.

وقد جمعت الخطوط الدرامية في خطها التاريخي شخصيات استثنائية في الفترة الفرعونية وهي الملكة حتشبسوت من الأسرة 18 إبنة تحتمس الأول، كأول وآخر ملكة حكمت مصر الفرعونية بقوة ونهضت بالبلاد وقدم حبيبها عبقري الهندسة الجمالية الفرعونية المهندس سنموت أكثر المعابد جمالا بين المعابد الفرعونية وأكثرها انسجاما مع طبيعة الجبل والوادي والصحراء وهو معبد الدير البحري لحتشبسوت.

أما الخط الثاني فقد قدم شخصية أخرى استثنائية شخصية الشاطر علي الزيبق الذي جاء جزء من تجربة شطار وعياري المدن في أواخر الحكم المملوكي في دمشق والقاهرة وبداية الهيمنة العثمانية على المنطقة العربية حيث كانوا يمثلون ثورة دائمة ضد الاستغلال يسرقون الأغنياء ويوزعون غنائمهم على الفقراء واشتهرت بينهم قصة وأسطورة علي الزيبق الذي قام بدوره الفنان محمد رمضان، هي تجربة نقلت إلى حد ما تجربة زعيم الصعاليك في الجاهلية عروة بن الورد الذي كان يسطو على أموال الأغنياء ويوزعها على الفقراء.

هذه الشخصيات الاستثنائية والمتمردة تاريخيا لم تجد موازيا لها في التاريخ المعاصر فالرابط والقائم على الرواية هو رئيس البوليس السياسي الذي يؤدي دوره الفنان محمد سعد في عهد الملك فاروق ومساعده وتلميذه الفنان أحمد رزق الذي أصبح برتبة عالية بعد ثورة 1952 وبقي خاضعا لرئيسه السابق وهما ممثليين للنظام لا خارجان عليه كما في الخطين السابقيين.

أما الرؤية التي تربط بين هذه الانتقالات عبر آلاف ومئات السنين فهو فكرة الكنز الذي وضعته حشتبسوت وحبيبها سنموت في الزمن الفرعوني في مقبرتيهما وانتقال المسؤولية التاريخية إلى الشطار للحفاظ على الخريطة الموصلة لهذا الكنز.

ونقل الوصاية بطريقة قصرية لا تنسجم مع التطور الدرامي من وريث علي الزيبق (جمال عبد الناصر) إلى مدير الأمن السياسي وذلك من خلال مشهد ضعيف جدا وهو اعتقال الوريث الذي يقوم بتسليم الخريطة مقابل الإفراج عنه إلا أن مساعده يقوم بقتله بعد أن أفرج عنه.

الفكرة الجميلة بانتقالاتها إلى جانب اختيار شخصيات متمردة على الواقع القائم مثل حتشبسوت وتمردها على النظم القائمة في مجتمعها وصراعها لتولي السلطة والاحتفاظ بحبيبها سنموت وفتح الفرصة أمامه للإبداع، واستمرار هذا التمرد من خلال حسن رأس الوحش ووريثه علي الزيبق يضعفها أن الوريث (أحمد مالك) في الخط الثالث ليس معنيا بالكنز بقدر ما هو معني ببيع ميراثه وهجرة البلد مع زوجة عمه.

ويتحول إلى مخادع عندما يكشف مكان الكنز ويعد ورثة علي الزيبق ببيع البيت والمكان لهم لإنهاء حالة الصراع الدائرة بين العائلتين ولا يحدد بعد ذلك إذا كان سيهاجر ويبيع الكنز أم أن الكنز سيفرض عليه البقاء خصوصا وأن الكنز يضم أيضا مومياوات حتشبسوت وسنموت وكل الذهب الذي يتوفر في المقبرة.

وما أضعف جمالية الفكرة الفنية لا السياسية والإنسانية التي هي ضعيفة أصلا ضعف السيناريو والحوار في الكثير من المشاهد الغير مقنعة في الخطوط الدرامية الثلاثة في الخط الفرعوني مثلا مشهد المواجهة بين حتشبسوت (هند صبري) وكاهن رع آمون (محي إسماعيل) والافتعال فيه من قبل الممثلين إلى جانب عدم تمثيل الديكور لعظمة قاعة العرش الملكية.

كذلك مشهد الفنان هاني عادل الذي يؤدي دور سنموت في مشهد تعليم الأطفال وفي مشهد لقائه الأول مع حتشبسوت إلى جانب الكثير مثل هذه المشاهد وقد يكون الافضل أداءا في هذا الخط الفنان عبد العزيز مخيون الذي يؤدي دور الكاهن المعلم لحتشبسوت.

وهذا أيضا عكس نفسه على الخط الدرامي الثاني الإسلامي الذي رغم فكرة التمرد ضد الحاكم وقيمتها كمحرك أساسي لهذا الخط الدرامي المهم إلا أن مستوى الأداء فيه كان ضعيفا جدا من محمد رمضان وروبي التي كانت تستطيع أن تقدم أفضل من ذلك إذا استثنينا سوسن بدر التي تلعب دور أم علي الزيبق في المشاهد القليلة التي ظهرت بها.

وبسمة عامة كان السيناريو والحوار في هذا الجزء ونبرة الخطابة هي الأعلى بدون اي مبرر درامي إلى جانب ضعف الأمكانيات التي ظهرت فيها مدينة القاهرة الإسلامية مركز الأحداث رغم توفر إمكانيات هائلة لإظهارها بما تستحق.

والخط الدرامي الثالث والأخير الانتقال من فكرة المتمرد والساخط على النظم الاجتماعية القائمة نجد أن النظام نفسه أصبح الناظم لهذا الخط الدرامي وليس فقط النظام لكن بشكل محدد الأمن السياسي في الفترة الملكية واستمرار هذه الهيمنة بعد انقلاب الضباط الأحرار الذين سخر منهم الفيلم في الحوار (عندما يقول محمد سعد كام من ضابط عملوا حركة وغيروا النظام وسموها ثورة 1952) .

ولم ينجو من هذه السخرية سوى الرئيس الراحل أنور السادات الذي حقق معه الأمن السياسي في قضية مقتل أمين عثمان ولأنه طيب ومحافظ على التراث والكنز يقوم بإطلاق سراح رئيس الأمن السياسي الملكي من سجن القلعة كاسقاط تاريخي تدلل على مشاركته في الحفاظ على الكنز بعكس الأخرين من أعضاء مجلس الثورة.

وهناك طبعا الكثير من الملاحظات التاريخية على هذه الخطوط الدرامية التي أسقطت دور كهنة راع آمون في الحفاظ على الكنز في العصر اليوناني الرومان ودور الأقباط في الحفاظ على هذا التراث وصولا للمرحلة الإسلامية إلا أنه كما يبدو أن الثقافة السائدة عندما تكتب تاريخ لا ترى سوى تاريخها دون رؤيتها للتاريخ الحقيقي وانتقالاته.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]