وقال الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس مركز الحوار بالأزهر الشريف، إن قضية القدس تعد من القضايا الأساسية التي تهم المسلمين جميعا في كل زمان ومكان، حيث تشكل القدس جزءًا جوهريًّا من موروثات الأمة الإسلامية ومقدساتها، وهي قضية كل مسلم في كل بقاع الأرض، ومن هنا فلا يجوز اختزالها بجعلها قضية فلسطينية، لأنها قضية إسلامية بكل المقاييس, ومسؤولية تحريرها تقع على عائق كل مسلم كل في حدود استطاعته.
وأوضح زقزوق، أن قضية القدس مرت بحقب مختلفة كان أصعبها في أثناء الاحتلال الصليبي للقدس قبل أن يستردها صالح الدين الأيوبي بعد احتلال استمر ما يقرب من قرن من الزمان. ويروي التاريخ أن الصليبيين عندما احتلوا المدينة قتلوا كل من كان فيها من المسلمين, وكان عددهم يبلغ سبعين ألفاء حتى سالت الدماء أنهارا في الطرقات وغاصت فيها الخيول. وقد حث بعض المسلمين السلطان صلاح الدين ـ بعد أن استرد القدس ـ أن يفعل بالصليبيين مثلما فعلوا بالمسلمين، ولكنه تأسى بالنبي محمد، الذي قال لكفار مكة بعد فتحها “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.
وبيَّن أنه كلما اقترب الأمل في إيجاد حل لهذه القضية تتعقد مرة بعد أرى، سواء كان ذلك من خلال أطراف داخلية أو أطراف خارجية بعيدة عنا، اكتفينا بأساليب الاحتجاج والمظاهرات والشجب والإدانة والاستنكار ومناشدة الضمير الإنساني، وكلها أساليب لم تعد تجدي فتيلًا في عالم لم يعد يحترم غير القوة التي لا تقيم وزنًا لقيم العدالة أو الحقوق الشرعية، مؤكدًا ضرورة العمل وبشكل عاجل مع قضايانا المصيرية بمنطق العقل لا الحناجر والعواطف، وقد أصبح تحرير القدس من الاحتلال الإسرائيلي أمرًا ملحًا وضروريًّا للسلام في الشرق الأوسط.