100 عام مرت على اتفاق وتفاهم سري بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية تقاسمت خلاله تلك الدول مناطق الوطن العربي المعروف بـ«الرجل المريض»، حيث نص الاتفاق على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.
وما بين نوفمبر/تشرين الثاني عام 1915 ومايو/أيار 1916، جرت مفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس وروسيا، تم الكشف عنها بوصول الشيوعيين إلى الحكم في روسيا عام 1917، فيما ظهر رد الفعل العربي في مراسلات حسين مكماهون التي أوضحت مساعي بريطانيا في استثارة ثورة مسلحة ضد الحكم العثماني في الشرق الأوسط، في مقابل وعود بريطانية بالاستقلال الفوري للعرب، وهي الوعود التي تم اختراقها بتقسيم فرنسا وبريطانيا للمنطقة باتفاقية سايكس بيكو السرية في مايو/أيار 1916.
وبموجب الاتفاقية، حصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال المتمثل في سوريا ولبنان، بالإضافة إلى منطقة الموصل في العراق، أما بريطانيا فقد امتدت سيطرتها إلى بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا.
وأقر الاتفاق بأن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا، وهو ما قاد بعدها إلى وعد بلفور عام 1917، والنكبة الفلسطينية.
كتاب تشرشل
أصدر وزير المستعمرات البريطانية آنذاك تشرسل، عام 1922 وثيقة لتوضيح الرؤية البريطانية لفلسطين، وهو الكتاب الذي وافق عليه البرلمان البريطاني ورفضه العرب واليهود على حد سواء.
وأكد تشرشل في الوثيقة على التزام بلاده بوعد بلفور المقدم إلى اليهود بإنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين، لكنه قال إن ذلك لا يعني تهويد فلسطين كلها، وإن من حق العرب أن يطمئنوا إلى أن ذلك الاستيطان لن يؤثر على وجودهم، وإنه من الأفضل اتخاذ وسائل لتحديد أعداد المهاجرين إلى الأرض، وإن بريطانيا ستعمل على تكوين مجلس نيابي ينتخب من الجانبين.
ماذا حدث بعد 100 عام؟
تتهم معاهدة سايكس بيكو التي رسمت حدود الشرق الأوسط الحديث بأنها سبب مشاكل هذه المنطقة، وبعد 100 عام من اتفاقية كانت تهدف إلى إسقاط الخلافة العثمانية، ظهرت من جديد مساع إرهابية لخلافة إسلامية أخرى، تتمثل في تنظيم داعش الإرهابي الذي مهد، وفق مراقبون، لاتفاقية جديدة تعيد تقسيم الشرق الأوسط، إلا أن مجلة فورين أفيرز الأمريكية أوضحت أن الاتفاقية لم تكن سبب مشكلات المنطقة وإنما تنبع جذورها الحقيقية مما تمارسه «الدول المركزية والاستبدادية على الجماعات العرقية والدينية، وكذلك بسبب الانتقال السريع إلى الديمقراطية».
وفيما يتعلق بالدولة الكردية.. كانت اتفاقية سايكس بيكو، السبب الرئيسي لتفتيت الدولة الكردية إلى أربع مناطق من شمال العراق وشمال غرب إيران وجنوب شرق تركيا وشمال شرق وغرب سوريا وعلى امتداد خط الحدود الفاصلة بين تركيا وسوريا ابتداءً من عفرين شمال غرب سوريا إلى أقصى الشمال الشرقي وشرق وجنوب شرق تركيا، مع تواجد كردي في مناطق أخرى وبأعداد قليلة في جنوب غرب أرمينيا وبعض مناطق أذربيجان ولبنان.
وبعد 100 عام من توقيع الاتفاقية، يلوح في الأفق مساع فعلية تصاعدت في الفترة الأخيرة لانقلاب الأكراد على الاتفاقية وقيام دولة كردية موحدة، خاصة في ظل الأزمة في سوريا والعراق، واستمرار الأكراد في تحقيق مكاسب على الأض ضد تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق بمساعدة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي مقابلة له مع صحيفة الجارديان البريطانية، دعا رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارازاني، العالم، إلى الاعتراف بفشل اتفاقية سايكس بيكو التي رسمت حدود منطقة الشرق الأوسط، مطالبا بعقد اتفاق جديد يضمن قيام دولة كردية.