كتب: محمد نشأت
في قلب القاهرة وشوارعها المكتظة بالمارة، توجد صيدلية يتجاوز عمرها قرن ويزيد، صامدة كمتحف في قلب العاصمة المصرية، تحمل عبق التاريخ بين جدرانها، وتحكي ذكرياته التي تمتد لسنوات طويلة، بالإضافة لكونها ما زالت تحافظ على طرازها الإنجليزي، غير أن آثار الزمن تركت بصماتها على التفاصيل.
تبيع الصيدلية الأدوية الحديثة لكن الأرفف والجدران ما زالت تحمل بصمات التاريخ والنشأة القديمة في أوائل القرن العشرين، أنشأها البريطاني جورج ستيفنسون عام 1889.. تم تأميم الصيدلية في خمسينيات القرن الماضي، ثم اشتراها صيدلي مصري، وظلت تديرها عائلته إلى اليوم.
يقف دكتور زهير بطابعة الأرستقراطي، يستقبل الجميع في الصيدلية بكل ود وترحاب، يعمل الرجل البالغ من العمر 58 عاماً الآن كمرشد سياحي للزوار والمارة من عشاق التاريخ، حيث يعرض عليهم عجائب الصيدلة في الأزمنة السابقة والأدوات التي شكلت تلك الأزمنة.
يقول مالك صيدلية ستيفنسون زهير سمّان: “هذه الصيدلية كانت بالأساس جزءاً من سلسلة بريطانية أسسها الصيدلي الإنجليزي جورج ستيفنسون عام 1899، وكان لستيفنسون أسفار كثيرة خارج وطنه، وعندما جاء إلى مصر، قرر أن ينشئ فيها فرعاً من سلسلة الصيدليات عام 1915”.
ويضيف سمّان “صمّم جورج ستيفنسون الصيدلية بالكامل في بريطانيا، ثم شُحنت إلى مصر، ليتم تركيبها أجزائها في المكان الذي اختاره. وقد ظلت الصيدلية تمارس نشاطها بطابعها المميز، حتى اشتراها والدي الدكتور إحسان سمّان في أوائل أربعينات القرن الماضي”.
ثمة قوارير زجاجية وخزفية مخصصة لخلط المحاليل والمواد الطبية، كل ركن داخل المكان له قصة وحكاية ممتدة لسنوات طويلة، في نهاية الصيدلية ثمة فتارين خشبية تضم عديداً من الأدوات، موازين صغيرة، وعلب مساحيق ، مقعد خشبي في الأعلى، وساعة حائط عتيقة، ونقوش محفورة على الأخشاب.
خزائن للأدوية يمينًا ويسارًا، وفى الواجهة ستجد مكتوبًا بالبنط العريض باللغة الإنجليزية «ستيفنسون الكيميائى»، وهو المعمل الذي كانت تعد فيه التركيبات الخاصة بالصيدلية لزبائنها، ويحتوي المعمل على رفوف عالية، مصفوفا عليها زجاجات التركيبات الكيميائية التى مازالت موجودة فى قواريرها العتيقة بأشكالها القديمة.
يحتوي المعمل أيضًا على بعض السرنجات والكراسى والسلالم التي كانوا يستخدمونها، وأجهزة التنفس وماكينات الحلاقة، بالإضافة إلى بعض الأدوات والمعدات الأخرى.
وتستقبل الصيدلية زوارها على مدار الأسبوع للاستمتاع بمشاهدة تاريخ الطب والأدوية القديمة، وتقديم صورة متكاملة عن تاريخ الصيدلية العريق الضارب بجذوره في عمق التاريخ .