سجال سياسي حاد في تونس.. إضراب «الجوع الجماعي» للسيطرة على المشهد السياسي

يبدو أن الرئيس التونسي، قيس سعيد «وضع يده في عش الدبابير»، بما كشف عنه من «خارطة طريق» لإعلان مولد الجمهورية الجديدة، وتطهير البلاد من الفساد، وتنفيذ إصلاح سياسي شامل بالاستفتاء على دستور جديد.. ومبادرات الرئيس التونسي تمهيدا لوضع أسس «جمهورية جديدة» تتخلص من تراكمات وأزمات  العشرية الأخيرة التي أجهضت آمال وأحلام الثورة التونسية قبل عشر سنوات .. تلك المبادرات  فتجت القنوات أمام موجات من السجال السياسي الحاد، وأثارت المعارضة والموالاة ـ معا ـ في وجه الرئيس قيس سعيد!

جبهات المعارضين اشتعلت كلها فجأة

وتشهد تونس  تحركات واسعة في جميع الجهات، وبكل الوسائل، ومن جميع الأطراف، لإرباك الرئيس قيس سعيد، بحسب تعبير المحلل السياسي التونسي، محمد بوعود، وجبهات المعارضين اشتعلت كلها فجأة، وصبّت كل مقدّراتها الإرباكية على الرئيس، وكأنها في سباق مع الزمن لإسقاطه قبل موعد دعوة الناخبين للاستفتاء، أو قبل أي استحقاق آخر يتجه اليه، او قرار يتخذه أو مرسوم جديد يصدره.

انقضاض المعارضة على فرصة قبل أن تفلت من يدها

وأي متابع يرى جيدا حجم الهجمة متعددة الاطراف والجبهات التي فُتحت كلها دفعة واحدة، وكأنها تريد حسم معركة طالت، أو تريد الانقضاض على فرصة قبل أن تفلت من يدها:

  • الهجمة بدأت بالإرباك على المستوى الشخصي، حيث فتح على حين غفلة، صنبور التسريبات المنسوبة الى نادية عكاشة، والذي مسّ من الرئيس ومن عائلته وتطرّق إلى شؤونه الشخصية وهتك عرضه وتحدث حتى عن أموره الصحية والنفسية.
  • المرحلة الثانية كانت بإشعال الحرائق التي شملت البلاد من أقصى شمالها الى أقصى جنوبها، والتي لا يبدو أن هناك مجالا للشك أبدا في أنها مفتعلة وأن من يقف وراءها يعرف جيدا ما يفعله، ويعرف أنها ستؤذي البلاد والعباد، وستزيد في ارباك الرئيس خاصة بعد فشل القوات الأمنية في كشف الضالعين فيها او الحد من اندلاعها على الاقل.
  • المرحلة الثالثة مرحلة الطعن والتشكيك في الجبهات التي ساندت قرارات الرئيس الإصلاحية (قرارات 25 يوليو / تموز) ، وفتح وابل التهم والتشويه والشيطنة والافتراءات على اتحاد الشغل، والأحزاب المساندة، وعلى المنظمات الوطنية، وعميد المحامين، ورئيس الرابطة، وعلى أساتذة القانون الدستوري أصدقاء الرئيس، وطالت حملة التشويه كل من لا يقف في صفّ معارضة الرئيس حتى وان لم يعلن مساندته له او لديه تحفظات على مساره، المهم ان تشمل الحرب الجميع ولا تترك مجالا لأي جهة ان ترتّب شؤونها وتتخذ الموقف الذي تراه مناسبا، بل وضع الجميع تحت طائلة ضغط مهول يصوّر كل من يقف مع الرئيس أو على الحياد بأنه مجرم وانه متواطئ وانه ديكتاتوري، وتهديدهم بالمحاسبة والمحاكمة في يوم ما.
  • المرحلة الرابعة، بحسب تقديرات محمد بوعود، أو ذروة الحرب، كانت بالندوة الصحفية الفجئية التي أعلن فيها السيد نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص الوطني المناهضة للرئيس، عن «معلومات توفرت لديه تؤكد توجه السلطة (قيس سعيد) الى حلّ الاحزاب السياسية وامكانية وضع عدد من الشخصيات الوطنية والحزبية قيد الإقامة الجبرية».

إرباك الرئيس

ويبدو أن المراحل الأربعة بدأت تؤتي أكلها، خاصة وأن لا أحد ينكر أنها أصابت الرئيس بالإرباك، وقدّمته في صورة العاجز عن الردّ على خصومه، أو نفي مزاعمهم، والعاجز أيضا عن تقديم خطاب للشعب يقطع جزما مع كل هذه الحملات، فأعطاها نوعا من المصداقية، خاصة من خلال زياراته غير العادية لوزارة الداخلية واستقباله لوزيرها، بشكل متكرر، مع تكرير نفس الخطاب حول التهديد والوعيد ، ما أعطى انطباعا بأن هناك أمرا ما يحصل، وأن المعارضة قد استطاعت فعلا ان تربك الحُكم ، وأن تفرض كلمتها العليا في الساحة السياسية، في انتظار ما ستأتي به الايام القادمة، خاصة وان الجميع يتحضّر للحسم في الشارع.

استمرار السجال السياسي الحاد بين سعيد ومعارضيه

وهكذا.. يتواصل الغليان السياسي في الساحة التونسية في ظل تصاعد المبادرات والبيانات المعارضة لرئيس الجمهورية قيس سعيد وللمسار الذي اتخذه منذ  25 يوليو/ تموز الماضي، وبرزت هذه المعارضة بأكثر وضوح وعلنية في اتجاه مزيد حشد الأنصار وكسب الدعم الشعبي ضد كل قرارات سعيد عبر استغلال كل نقاط الضعف والثغرات التي تركها الرئيس والولوج منها لا لضرب صورته وشعبيته فقط وإنما من أجل استعادة زمام المبادرة أمام الرأي العام التونسي والتموقع من جديد في الساحة السياسية والظهور في مظهر المنقذ لتونس والمخلص للديموقراطية.

  • ومن بين أبرز الأطراف المعارضة للرئيس، «حركة النهضة» الإخوانية، التي ما فتئت تعبر عن رفضها بشدة لاختيارات قيس سعيد وقراراته وآخرها في البيان الذي أصدرته أول امس حيث شددت رفضها لمقاربات «الحوار الصوري والانتقائي والإقصائي» معتبرة إياه إمعانا في تعميق الأزمة السياسية في سياق وضع اقتصادي ومالي يشارف على الانهيار واحتقان اجتماعي متزايد وخطير وانحراف كبير عن الأولويات المعيشية للمواطنين.

تحركات على كل المستويات حول السلطة

وداخل المشهد التونسي.. تحركات على كل المستويات من حول السلطة.. ولم ينفك الحزب الدستوري الحر عن معارضة سياسات رئيس الجمهورية قيس سعيد وأيضا تعامل الحكومة مع نشاط الحزب نتيجة لرفض السلطات الترخيص لمسيرات وتحركات في عدة مناسبات و اخرها مسيرة يوم 15 مايو /آيار الجاري، التي قوبلت بالرفض من وزارة الداخلية.

وقد وجهت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في الفترة الماضية انتقادات لاذعة للرئيس، على خلفية القرارات التي أعلنها ليلة العيد ومن بينها تلك التي تتعلق بتغيير الدستور وتشكيل لجنة خاصة بالغرض.

  • وتعتبر موسي أنه من الخطر أن يقوم الرئيس بتشكيل لجنة لصياغة الدستور والإعلان عن جمهورية ثالثة، قائلة إن «هذا تدليس لإرادة الشعب واختطاف لإرادته وسيقوم بتمرير ما لم يطالب به الشعب التونسي.

و أعلنت عبير موسي عن دخولهم في إضراب جوع جماعي وذلك لتحميل السلطة مسؤوليتها القانونية عن التستر على ما وصفته بـ«أخطبوط الظلامية والتطرف» ورفض طرد الجمعيات الأجنبية المصنفة إرهابية من تونس.

وأكدت أن الدستوري الحر سيُقدم الشكاوى إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان وسيواصل المتابعة الدولية لملفات العنف ضد المرأة الذي يمارس بتزكية من الدولة.

  • ويتحرك الحزب الدستورى الحر على جميع الجبهات خلال هذه الفترة، من الاعتصام ، الى المسيرات والاحتجاج ، الى رفع القضايا، الى اضراب الجوع الجماعي من اجل السيطرة على المشهد السياسي وبلوغ هدفه في ظل محاولة رئيس الجمهورية القضاء على الأحزاب السياسية

لا أحد يعرف القانون الانتخابي الجديد

وتشير الباحثة التونسية،عواطف السويد، إلى أنه لا أحد يعرف القانون الانتخابي الجديد بالرغم من اقتراب مواعيد انتخابية هامة، أولها الاستفتاء، فالانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، ومع هذا الغموض ظلت الاحزاب السياسية تبحث عن طريق تحركها استعدادا لهذه المواعيد، إلا أن الحزب الدستورى الحر اختار كل السبل من اجل ضمان وجوده في الساحة السياسية والإعلامية، وآخرها الاعلان عن الدخول في اضراب جوع جماعي اياما معدودة قبل ما سميت بمسيرة الزحف الى قرطاج المقررة يوم 15 مايو/ آيار الجاري.

التمسك بخيار الحوار دون شروط

ومن جهته، شدد الأمين العام لاتحاد الشغل (أكبر منظمة عمالية في تونس)، على تمسك الاتحاد بخيار الحوار للحفاظ على مكاسب الوطن وتدعيمها، ولفت إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك توافق مفروض بالقوّة أو من خلال التسليم بالأمر الواقع، وأشار إلى أن الحفاظ على استقرار البلاد ودفع التقدم وتحقيق العدالة ينبع من الحوار الصادق والنزيه دون إملاءات من الداخل أو الخارج ومن القناعة الراسخة بضرورة وضع مصلحة الوطن فوق كلّ الاعتبارات.

 

التوافق على برنامج إصلاح جريء وشجاع

أما رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية فقد أكد على أن الاتحاد لم ولن يفقد الأمل في القدرة على الإنقاذ، وليس ممن يستسلم أمام التحديات، ليشدد على أنه بإمكان بلادنا بلوغ شاطئ الأمان شرط العمل والاجتهاد والتوافق على برنامج إصلاح جريء وشجاع، وبين أن الاتحاد لديه مقترحات عملية ومفصلة لكل هذه الملفات الشائكة تجسيدا لدوره كقوة اقتراح. كما شدد على أننا أمام الفرصة الأخيرة للإنقاذ ولإعداد وتنفيذ مخطط للإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي على أسس علمية وبمنطق براجماتي وفي إطار مقاربة تشاركية بين أطراف الحوار الاجتماعي الثلاثي، الحكومة واتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الشغل والاعتماد على إمكانياتنا البشرية وعلى طاقة الصمود أمام الأزمات التي أظهرها القطاع الخاص والقطاع المالي خلال السنوات الأخيرة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]