انتهت، أمس الأول الإثنين، جولة المفاوضات التاسعة بين الجانبين المصري والإثيوبي في القاهرة، لمناقشة أزمة سد النهضة، بالاتفاق على موعد لاجتماع آخر يُعقد في العاصمة السودانية الخرطوم قبل نهاية الشهر الجاري.
المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي تجرى منذ ما يقرب من 3 سنوات، منذ اتفقت إثيوبيا ومصر على تشكيل لجنة دولية لمناقشة الأثار التي قد تتعرض لها مصر والسودان، من بناء سد النهضة الإثيوبي على مصب النيل الأزرق، في الوقت ذاته تستمر إثيوبيا في بناء السد، وتستعد لافتتاح المرحلة الأولى منه بنهاية عام 2016.
أين المشكلة؟
بدأت المفاوضات حول بناء السد في بداية عام 2012، حين توصلت مصر وإثيوبيا والسودان إلى تشكيل لجنة دولية لبحث الأضرار المتوقعة على دول حوض النيل من بناء السد، أنهت اللجنة عملها في مايو/آيار 2013، وقالت في تقريرها النهائي، إن هناك دراستان يجب إجراؤهما دراسة عن معدلات تدفق المياه من خلف السد، وعن التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية من إقامته.
وتوقفت المفاوضات بسبب الأوضاع السياسية المضطربة في مصر، حتى اجتمع الرئيسين المصري والإثيوبي في قمة مالابو الأفريقية واتفقا على استئناف المفاوضات، واختيار مكاتب استشارية فنية لتنفيذ الدراسات التي أوصت بها لجنة الخبراء الدوليين.
وفي مارس/آذار 2015، تم توقيع إعلان مبادئ عشرة تلتزم بها مصر وإثيوبيا والسودان فيما يخص سد النهضة.
وعادت المفاوضات بين وزراء ري إثيوبيا والسودان ومصر، أسفرت عن اختيار مكتبين استشاريين لإجراء الدراسات التي حددتها اللجنة الدولية، إحداهما هولندي هو “دلتارس” والآخر فرنسي “بي آر إل”، اعترضت إثيوبيا على المكتب الهولندي، وقالت إنه غير حيادي، فأعلن المكتب الهولندي انسحابه سبتمبر/أيلول الماضي، وأصدر بيانًا عبر موقعه الإلكتروني على الإنترنت، قال فيه إن “الأمور في هذا الموضوع لا تدار بشفافية كافية، وإن المكتب لن يشارك في مثل هذا الأمر”، فاقترحت إثيوبيا أن يجري المكتب الفرنسي فقط الدراسات، وهو ما رفضته مصر وتمسكت بمبدأ أن يتشارك مكتبان في إعداد الدراسات، وتوقفت الأمور عند هذا الحد في الاجتماع الأخير الذي انتهى في القاهرة أمس، باتفاق على تحديد موعد آخر لاجتماع جديد في الخرطوم بنهاية الشهر الجاري.
هل كان طريق المفاوضات صحيحًا من البداية؟
في اجتماعات القاهرة الأخيرة اشتكى الجانب المصري من بطء سير المفاوضات، ومن تعنت الإثيوبيين وتعطيلهم للمفاوضات في الوقت الذي لا تواصل أديس أبابا عمليات البناء.
الدكتور محمد نصر علام، وزير الري المصري الأسبق، يري “أن مسار المفاوضات بوضعه الحالي، فاشل ولن يجدي، وأنه يجب على مصر اتخاذ الطريق الدولي الذي تكفله القوانين الدولية من خلال مطالبة إثيوبيا بوقف الإنشاءات في السد وتشكيل لجنة دولية من الخبراء تشرف عليها الأمم المتحدة لا الدول ذات المصلحة”.
وأضاف علام لـ”الغد العربي”، أن “دراسات تقييم أخطار السد يجب أن تنتهي قبل أن تبدأ إثيوبيا في تشييده، وليس بعد أن تنتهي منه، وما يحدث الآن هو مماطلة في التفاوض ووقف الدراسات، حتى الانتهاء من بناء السد ووضع الجميع أمام الأمر الواقع”.
واعتبر علام، أنه “لا حل سوي اتخاذ مسار سياسي وتكليف هيئة دولية سريعًا بإجراء الدراسات حول مخاطر السد بعيدًا عن نزاع الدول حول المكاتب الاستشارية”.
