«كارثة اقتصادية ودبلوماسية للولايات المتحدة».. هكذا فُسر الاهتمام الأمريكي البالغ بالاستفتاء المزمع عقده في بريطانيا في 23 يونيو القادم، والذي من شأنه أن يحدد مصير عضويتها في الاتحاد الأوروبي، ذلك الاهتمام الذي أثار موجة من الغضب من جانب القادة والمواطنين البريطانيين المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد وذلك على أثر تصريحات للرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال زيارته إلى لندن والتي دعا فيها إلى الاستفتاء لصالح استمرار العضوية.
الموقف نفسه، أعلنته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، المرشحة الأوفر حظا في سباق الديمقراطيين، مؤكدة تأييدها لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وآماله في البقاء في الاتحاد الأوروبي، حال دخولها البيت الأبيض، حيث أكد مستشارها الخاص جاك سوليفان أن كلينتون تؤيد أهمية الاتفاق الأطلسي وتعتقد أن التعاون مع أوروبا سيكون أقوى إذا كان متحد وغير مفكك».
فما سر الاهتمام الأمريكي ببقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي؟
يرى مراقبون أن الولايات المتحدة تدعم أوروبا القوية والمستقرة في حين أن هناك مخاوف من أن تفكك الاتحاد الأوروبي ينزع هذا الاستقرار، فعلى الرغم من ضعف العلاقات بين لندن وواشنطن، فإن بريطانيا تظل الحليف الاستراتيجي الأقوى لأمريكا في أوروبا، وفق ما ذكرت شبكة ان بي سي نيوز، التي أكدت أن تلك الخطوة سوف تؤثر على أمريكا خاصة على جانب الانتخابات الأمريكية، لافتة إلى أن دونالد ترامب، المرشح الجمهوري الأوفر حظا، قد يستغل ذلك للتأكيد على وجهة نظره بضعف الحلفاء الأوروبيين وأن إغلاق الحدود لجماية التجارة الداخلية هو الحل الأمثل للتعامل مع الفوضى في العالم.
أما صحيفة فورين بوليسي الأمريكية، فقد أشارت إلى أنه على الرغم من أن البيت الأبيض أعلن تأييده لبقاء عضوية بريطانيا، إلا أن هناك عدة مكاسب قد تعود على أمريكا إذا انفصلت لندن عن الاتحاد، لافتة إلى أن ذلك قد يكون فرصة لتعميق العلاقات الأمريكية البريطانية كما سيعزز المشروع الأوروبي المضطرب.
وقال بيتر هارل،المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، أن رغبة الدبلوماسيين الأمريكيين في بقاء بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، تعود إلى مواقفها المساندة والداعمة لأمريكا في المفاوضات مع بروكسل، خاصة وأنها لعبت دورا هاما في إقناع الاتحاد الأوروبي بالتحالف مع واشنطن في فرض عقوبات على روسيا عام 2014 وفي المحاولات الأخيرة لمحاربة داعش أيضا.
وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تتذكر الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي في 2008، وتخشى أن يؤول تفكك الاتحاد الأوروبي إلى أزمة مماثلة، مشيرا إلى أن علاقة أمريكا بالدول الأساسية في أوروبا قوية بما يكفى، حتى إن الولايات المتحدة ينبغي أن تكون قادرة على تحقيق تحالف مع الاتحاد الأوروبي في العديد من القضايا ولو خرجت بريطانيا من الاتحاد، حيث تمكنت واشنطن من تقوية علاقتها مع كل من فرنسا وألمانيا وايطاليا في القضايا الدولية لاسيما قضية المهاجرين وأزمات الشرق الأوسط.
وعلى الجانب الاقتصادي، فإن هناك مخاطر عديدة لخروج بريطانيا من الاتحاد، حيث يجب منح الوقت الكافي للأسواق والمستثمرين للتكيف ولا يجب أن يتخذ القرار بشكل مفاجئ، فيما بدأت بعض الشركات بالفعل في اتخاذ التدابير اللازمة معتبرين أن مجرد الاستفتاء على القرار يؤثر عليها.