موارد هائلة لا تتحكم فيها الحكومة العراقية جراء عمليات التهرّب الجمركي على طول المعابر الحدودية، فتخسر الدولة ملايين الدولارات سنويا، في حين تستغل ميليشيات وجماعات مسلحة هذه المنافذ لتحقيق مكاسب مالية هائلة، إضافة إلى تعزيز نفوذها.
في هذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية، مهند الجنابي، إن الميليشيات والفصائل المسلحة في العراق لا تسيطر فقط على المنافذ الحدودية أو على موارد الدولة الاقتصادية، بل تستحوذ على القرار السياسي وتمارس ضغوطاً كبيرة على الحكومة العراقية في خطواتها لفرض القانون ولاستعادة هيبة الدولة.
وأضاف الجنابي، خلال لقاء ببرنامج مدار الغد، أن الحكومة العراقية حتى الآن لا تسيطر بشكل كبير على المنافذ الحدودية، متابعاً أن هناك منافذ غير رسمية تسيطر عليها هذه الميليشيات بشكل مطلق، فضلا عن أنشطة اقتصادية تتعلق بالتهريب، ليس فقط البضائع التجارية إنما أيضا تهريب العناصر والمقاتلين، في إطار ما يسمى باقتصاد المقاومة.
وأوضح أن “اقتصاد المقاومة” هي مقاربة إيرانية من أجل أن تتخلص من العقوبات، وهي تفترض أن تلك الدول (العراق وسوريا ولبنان) هي ساحة لتصريف بضائعها وكجسور للتهرب من العقوبات الدولية، ويندرج هذا النشاط ضمن الاستراتيجية الإقليمية الإيرانية للحفاظ على مصالحها على حساب مصالح الشعوب ودول المنطقة.
وتابع الجباني أن هناك جماعات موجودة وتمارس نشاطها خارج سلطة الدولة وتستهدف الأمن الوطني العراقي ولا تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة وتهدد أي إجراء تقوم به الحكومة العراقية.
وشدد على أن الدستور العراقي يحظر تشكيل ميليشيات خارج إطار القوات المسلحة، متسائلاً: ” تحت أي عنوان تندرج الفصائل التي تطلق على نفسها مقاومة وهي لا تنتمي إلى الدولة ولا تحترم الدولة ولا الدستور؟”.
من جانب آخر، رأى رئيس مجموعة النبأ للدراسات الإستراتيجية في بغداد، هاشم الكندي، أن المنافذ الحدودية في الجنوب مراقبة وعوائدها تحصل عليها الدولة العراقية.
وأكد أن هناك مشكلة لا تزال مستمرة مع المنافذ الحدودية في إقليم كردستان، إذ لا يقبل الإقليم بوجود رقابة أو موظف من الحكومة الاتحادية ولا يعطي واردات المنافذ الحدودية إلى بغداد.
ونفى وجود أي جهة غير رسمية في المنافذ الحدودية العراقية، وأن الحكومة الاتحادية تسيطر بشكل كامل على هذه المنافذ.
من جانب آخر، قال الباحث في الشأن العراقي، عبد الأمير طارق، إن كل وسائل الإعلام وحتى رئيس الوزراء يتحدثون عن وجود الميليشيات، مؤكداً أن هناك دولة عميقة تقود العراق، لافتا إلى أنه قبل أيام هددت فصائل مسلحة رئيس الوزراء العراقي داخل العاصمة.
وشدد طارق على أن إيران تتدخل بشكل كبير في القرار العراقي، في الوقت الذي لا لا تسيطر فيه الدولة على المنافذ، بل تتحكم فيها سلطات غير أخرى، ولا يصل إليها من وارداتها إلا القليل.
ورأى أن الفصائل التي تقول إنها مقاومة لم تعد مرتبطة بالدولة، وترتبط بحسب إعلانها بـ”ولاية الفقيه”، أي أنهم يأتمرون بأوامر إيران.
في السياق نفسه، قال الباحث في العلاقات الدولية بواشنطن، كاتو سعد الله، إن الحشد الشعبي الذي أصبح جزءا من المؤسسة الأمنية العراقية، يوجد به فصيل ملتزم “العتبات” وهناك فصيل آخر يعتبر خارجا على القانون.
وأضاف أنه في العراق توجد فصائل تستخدمها إيران وتستغلها في حالات الضغط على سواء على العراق، أو واشنطن من أجل التنازل حول ملفها النووي.
وأكد سعد الله أن الحكومة لا تستطيع محاسبة الفصائل، وأن الكتل السياسية العراقية تستخدم هذه الفصائل لمصالحها الخاصة، إذ تعمل بعض الكتل السياسية على إضعاف حكومة الكاظمي قبيل الانتخابات المقبلة لإسقاطها، خاصة أن بعض الكتل تعتبر حكومة الكاظمي منحازة لواشنطن أكثر من طهران، لذا هناك جهود لعدم تمرير الموازنة من أجل إضعاف الحكومة العراقية.
