ترى الدوائر السياسية في بيروت، أن تكليف رئيس الحكومة الأسبق، سعد الحريري، بتشكيل الحكومة الجديدة، كشف عن تطورات جديدة و«فجائية» داخل المشهد السياسي اللبناني، بعد أن سقطت «فجأة» كل المعوقات والإعتبارات، والشروط والشروط المضادة، ومن «غرائب» هذه التحولات، بحسب تعبير صحيفة «اللواء» اللبنانية، فإن الحكومة اللبنانية الجديدة أصبحت تُسابق الإنتخابات الأمريكية، ولن تنتظر هوية الفائز الجديد بالبيت الأبيض، كما كان متوقعاً دائماً، والضوء الأخضر الأمريكي وفّر دعماً منعشاً للمبادرة الفرنسية، التي أنهكتها الخلافات اللبنانية التقليدية والكيدية.
وانطلاقاً من خلفية هذا التطور الدراماتيكي، فإن الأجواء المهيمنة على حركة التأليف، توحي بكثير من الإيجابية، وترجح سرعة غير معتادة في إنجاز تأليف الحكومة، لن تُقاس بالأشهر كما جرت العادة في السنوات الأخيرة، ولا حتى بالأسابيع، بل ببضعة أيام، بحيث يتم إعلان ولادة الحكومة الجديدة قبل إنتهاء الأسبوع الثاني للتكليف.
وتحدثت مصادر قيادية في 8 مارس/آذار عن ضمانات مسبقة اعطيت للرئيس ميشال عون، مقابل تسهيل مهمة تكليف الحريري وعدم تأجيل الاستشارات مرة اخرى.. ويذكر أن تيار (8 آذار) يضم قوى شيعية وأحزاباً مسيحية ودرزية وسنيّة من أبرزها: حزب الله، وحركة أمل، وتيار المردة، والتيار الوطني الحر، والحزب الديمقراطي،وتيار التوحيد، والحزب السوري القومي الإجتماعي ورابطة الشغيلة وجبهة العمل الإسلامي.
لبنان أمام فرصة إنقاذ أخيرة
وبات واضحا، ليس لبنان وحده أمام فرصة إنقاذ أخيرة، بل هي الطبقة السياسية برمتها تخوض محاولة إنقاذ أخيرة لوضعها المتهاوي، بعدما أوصلت الخلافات المزمنة، البلاد والعباد إلى هذا الدرك من التردي والإنهيار.. وبات واضحا أيضا، أن عواصم القرار الدولي قد توافقت على إعطاء المنظومة السياسية الحالية في لبنان فرصة أخرى، ووضع برنامج سياسي وإصلاحي موحد.
وكشفت مصادر سياسية، للصحيفة اللبنانية، أن المشاورات والاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، تسير في طريقها المرسوم وباجواء مؤاتية حتى الساعة، بالرغم من محاولة البعض طرح مطالب بعض الأطراف ـ أي إعادة تكرار مطالب التوزير والتشبث بوزارات معينة كما كان يحصل في الحكومات السابقة ـ ولكن هذه المرة اختلفت مقاربة هذا الموضوع ولم يعد ممكنا اعتماد آلية «التوزير» على هذا الأساس، ولاسيما بعد التوجه لتشكيل حكومة انقاذ من الاختصاصيين، تتولى تنفيذ المبادرة الفرنسية التي تضم كل اقتراحات الحلول للازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا.
ولاحظت المصادر إنه إذا استمرت الأجواء السياسية المؤاتية على هذا المسار ،لا بد وأن تتسارع خطى تشكيل الحكومة في الأيام القليلة المقبلة وقد تولد في نهاية الأسبوع المقبل بعدما أبدى الأطراف السياسيون استمرار تاييدهم للمبادرة الفرنسية بكل مضامينها.
حكومة مصغرة في صورة «فريق عمل» متجانس
ولفتت المصادر السياسية اللبنانية، إلى أن التحضيرات لاختيار الوزراء المرتقبين من الاختصاصيين تجري على قدم وساق، وأصبح هناك شبه تصور لشكل الحكومة الجديدة وقد يتبلور نهائيا بعد استكمال المشاورات مع رئيس الجمهورية والأطراف المعنيين قريبا جدا.
ويتردد في بيروت، أن هناك تفاهما على أن تكون الحكومة الجديدة مؤلفة من 30 وزيرا، وأن «الحريري» لا يزال يضع نصب عينيه تشكيل حكومة اختصايين، ويفضل أن تكون مصغرة لتكون بمثابة فريق عمل قوي ومتجانس يبتعد عن الامور السياسية ويتفرع للاصلاحات.
وتحدث «الحريري» صراحة، عن حكومة اخصائيين، للقيام بعمل سريع، داعيا الى وضع هدف، والسير بالخطة الى النهاية، على أن تذهب الى تطبيق المبادرة الفرنسية، مشددا على عدم الابتعاد عن اي نقطة في مبادرة الاصلاح الفرنسية.
ومن أبرز الملفات التي ستتولاها «حكومة الحريري»، تتصل بالإصلاحات، ومؤتمر سيدر لدعم لبنان، ومكافحة الفساد، والتدقيق الجنائي، ومتابعة موضوع ترسيم الحدود البحرية، وهي الملفات التي يوليها رئيس الجمهورية، ميشال عون، أهمية.