منذ فترة طويلة تسعى الصين وإيران إلى تعزيز علاقاتهما، مدفوعتيْن ربما بالعداء المشترك للولايات المتحدة الأمريكية وبالمبدأ القائل إن “عدو عدوي صديقي”.
ووصف الرئيس الصيني شي جين بينج طهران بأنها حليف بكين الرئيسي في الشرق الأوسط، خلال زيارة نادرة للعاصمة الإيرانية عام 2016.
وفي تتويج لهذه العلاقات المتنامية بدأ البلدان تنفيذ اتفاقيةٍ إستراتيجية لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بينهما، حسبما أعلن وزيرُ الخارجية الصيني ونظيرُه الإيراني؛ لتنضم إيران إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية.
اتفاقية التعاون هذه وقعتها بكين وطهران في مارس من العام الماضي، وتبلغ مدتها 25 عاما.
وبحسب الخارجية الصينية، تقضي الاتفاقية بتعميق التعاون الصيني الإيراني في مجالات الطاقة والبِنية التحتية والزراعة والرعاية الصحية والثقافة والأمن الإلكتروني.
وحتى من قبل توقيع الاتفاقية، تعتبر الصين شريكةَ إيران التجارية الأولى، كما أنها واحدة أكبرِ مستوردي النفط الإيراني، قبل أن يعيد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فرض العقوبات على طهران عام 2018.
وبطبيعة الحال أثارت هذه الاتفاقية مخاوف في الولايات المتحدة باعتبارها تأتي على حساب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، فمن جهة تمكن الاتفاقية إيران من الالتفاف على العقوبات الأمريكية، وتوفير موارد مالية لتخفيف الضغوط عن اقتصادها، ومواصلةِ تمويلها للميليشيات التي تعمل لصالحها بالوكالة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان.
ومن جهة أخرى تعزز الاتفاقية النفوذ السياسي والاقتصادي الصيني في الشرق الأوسط، خصوصا مع حديث البعض عن خريف النفوذ الأمريكي في المنطقة، والذي كان الانسحابُ من أفغانستان أحدثَ حلقاته.
تمويل الإرهاب
في هذا السياق، يرى مدير إدارة إيران في المخابرات الوطنية الأمريكية سابقاً، نورمان رول، أن التحالف الصيني الإيراني طموح للغاية رغم ما يشوبه من مبالغة لكنه بشكل عام أفاد البلدين.
وأضاف نورمان رول خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أنه لا يعتقد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أو أي سياسي قال إنه يخشى من هذه الشراكة بين الصين وإيران، لكن هناك سلبيات بسبب شراء بكين النفط الإيراني وهو ما سيمكن طهران من تمويل الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.
كما أوضح نورمان رول أن الطائرات المسيرة التي تستهدف أمن المملكة العربية السعودية تم تمويلها جزئيا من الصين وكله بسبب شراء بكين النفط الإيراني، لافتا إلى الاتفاق الأخير بينهما سيطبق بشكل كامل.
شراكات متعددة مع الخليج
من جانبه، قال الكاتب الصحفي الصيني إلهام لي، إن الصين لا تربطها علاقات إستراتيجية مع إيران وحسب، بل لها شراكات مع دول في الخليج كالسعودية والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى مصر.
وأكد الصحفي الصيني أن الاتفاقية الصينية الإيرانية مجرد تعاون اقتصادي وليست كاتفاقيات التعاون العسكري، كما نشهد في الكثير من العلاقات بين الحلفاء.
وتابع:” العلاقات الدولية تقاس على أساس المصالح المشتركة بين البلدين، وهناك تسريبات عن الاتفاق الأخير بين بكين وطهران تشير إلى أنها تعزز التعاون الاقتصادي فقط، ولا تستهدف زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط”.
معارضة النفوذ الإيراني
وقال الباحث في العلاقات الدولية، مصدق مصدق بور، إن الشراكة الصينية الإيرانية فيه مبالغة كبيرة، مؤكدا أن بكين تقوم ببناء علاقات مع طهران كبقية الدول في منطقة الخليج.
وأضاف مصدق بور أن الصين لا يهمها سوى المصلحة الاقتصادية، مشيرا إلى أن وصم الشراكات بالطابع السياسي والعسكري والأمني شيء من الخطأ، لأن الصين تعارض أصلا أن تتحول طهران إلى قوة عسكرية.
وأوضح مصدق بور أن تصريحات الرئيس الصيني بشأن الشراكة مع إيران وإنها شريكها الأول في المنطقة وذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية قطعت شراكتها مع إيران.
كما أشار مصدق بور إلى إيران منفتحة على الشرق والغرب، وإعادة التوزان في العلاقات مع دول العالم، وأن المفاوضات بشأن الاتفاق النووي توصل إلى نتائج إيجابية، وسوف يكون هناك اتفاق مرحلي بين إيران والغرب وسيتم في المقابل الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة.