«سلوان» الفلسطينية تنسف مخطط «مدينة داوود» الاستيطانية

في اللحظات الأخيرة لوجوده في تل أبيب، ديفيد فريدمان، اختار السفير الأمريكي، ديفيد فريدمان، أن يعلن موقفا ـ مستفزا دبلوماسيا ـ وعلى طريقة رئيسه السابق دونالد ترامب، وخروجاً عن الشرعية الدولية، وقراراتها، والقانون الدولي، والأعراف الدبلوماسية، يأن يعلن مصادقته على واحد من أخطر المشاريع الاستيطانية في القدس،  ويسيطر على حيّ سلوان، ويعزز الهيمنة الإسرائيلية في المدينة المقدسة.

المشروع الذي اختار المصادقة عليه واسمه «مدينة داود»، هو أحد المشاريع التي ووجهت بمعارضة واحتجاجات منذ سنوات، حيث جرى العمل على التحضير له، وتعتبره واشنطن خطوة للحفاظ على التراث الأمريكي في الخارج، في مدينة «داوود» !! وتشارك في هذا المشروع  «اللجنة الأمريكية للحفاظ على التراث الأمريكي في الخارج»، وهي لجنة تابعة للحكومة الأمريكية.

ويرى خبراء آثار في واشنطن، أن المصادقة على مشروع «مدينة داوود» تتيح للولايات المتحدة «دعم الاكتشافات الأثرية في هذه المنطقة التي تعيد الحياة إلى القدس التوراتية، وتعيد تأكيد الرسائل النبوية للحرية والعدالة والسلام التي ألهمت مؤسسي أمريكا» !!

دعم أمريكي لمشروع «مدينة داود»

وتعتبر مصادقة السفير الأمريكي، ديفيد فريدمان، وقبل مغادرته تل ابيب بساعات، على مشروع «مدينة داوود» الاستيطاني، الهدية الأثمن لنتنياهو والحكومة الإسرائيلية، حيث جرت على مدار سنوات طويلة أعمال تطويرية عدة بعدما خصصت الحكومات الإسرائيلية ومنظمة «إلعاد» الاستيطانية اليمينية المتطرفة، أموالاً طائلة لتنفيذ مشروع «مدينة داود»، القائم في حي سلوان، جنوب المسجد الأقصى، على حساب مساحات شاسعة من أراضي وبيوت الفلسطينيين.

وكان السفير الأمريكي فريدمان، ورئيس لجنة الحفاظ على التراث الأمريكي في الخارج، بول باكر، قد شاركا في حفل خاص على شرف مشروع «مدينة داود»، لما تعتبره الولايات المتحدة  «دوراً أساسياً تلعبه مدينة داوود في ربط زوارها بأصول القيم التي ساعدت في تشكيل أميركا»، وفق بيان خاص حول الموضوع!!

وكان فريدمان قد ظهر في حينه وهو يتجول تحت حي سلوان وفي يده معول لشق نفق أسفل المدينة الفلسطينية، كجزء من المشروع الاستيطاني الكبير «مدينة داود»، ويطلق على هذا النفق «طريق الحجاج، الذي ينطلق من سلوان ويمر أسفل بيوت الفلسطينيين ليصل حتى حائط البراق، الملاصق للحرم القدسي.

بلدة سلوان هدف مشترك

ومن منظور هذه الرؤية تعد قرية «سلوان» أحد العناصر الرئيسية في المشروع لأنها ـ وفقا لمعتقدات الأساطير الحاكمة ـ هي المدينة «اليبوسية» التي جعلها داود عاصمة له وسماها مدينة داود، وكانت مساحتها حوالي 11 فدانا وتقع إلى الجنوب من حافة مرتفع أوفل، وبنى داود مدينته ابتداء مما يسمى في العهد القديم، ميلو (ومعناها الحافة الشرقية) ، وأقام تحصينات في الجهة الشمالية، وبعدها اشترى قطعة أرض من «عرونا» اليبوسي، على جبل موريا في الشمال وأقام بها مذبحا للرب، وفي القرن الثامن ق.م، قام «حزقيا» حاكم يهودا بتعديل بعض التحصينات في المدينة، وشيد قناة تربط بين بركة سلوان داخل أسوار المدينة، وعين سلوان خارجها!!

ولتوثيق الأساطير الحاكمة لدولة الاحتلال، يقوم الأثريون بحفرياتهم بحثا عن الشواهد التاريخية، والممول الرئيس لهذه الحفائر، المنظمة الصهيونية «العاد»، وهي اختصار لعبارة عبرية تعني «إلى مدينة داود» .. والمنظمة قامت أساسا لتبنّي روح الأساطير وأوهام العودة إلى أرض الميعاد .. وهي أيضا إحدى أهم المنظمات الصهيونية في إسرائيل والتي تهدف لتهويد عموم القدس، وبالطبع قرية سلوان..وهناك جهات أخرى تقوم بالتنقيب في هذه المنطقة، مثل سلطة المحميات الطبيعية والحدائق، وسلطة الآثار الإسرائيلية .. وفي المقابل يتعرض أهالي قرية سلوان لضغوط كبيرة من أجل ترك مساكنهم بحجة أن الأرض التي أقيمت عليها هي أرض أثرية !!

وأول من أجرى حفائر في سلوان هو الأب «فنسنت» وكانت حفائره بالقرب من عين سلوان، واستطاع الكشف عن مغارات وكهوف ترجع إلى القرن الثالث ق.م، واستنتج في نهاية حفائره أن التل الجنوبي الشرقي لقرية سلوان هو الموقع الأصلي لمدينة القدس، وأن عين سلوان لعبت دورا رئيسيا في حياة سكان القدس القدامى، باعتبارها مصدرا رئيسيا للمياه العذبة.

كاثلين كينيون: لا وجود لما يسمى بالمملكة الإسرائيلية

وتعد عالمة الآثار البريطانية، كاثلين كينيون، أحد أهم المراجع والمصادر التاريخية حين يتم تناول منطقة قرية سلوان بسبب عملها العلمي والجاد في هذه المنطقة، ولكنهم في إسرائيل  يستبعدونها حين يتحدثون عن سلوان، بعد أن استبعدت «كاتلين» المرجعية التوراتية حين عملت في هذه المنطقة، وخرجت بنتائج تهدد المشروع الإسرائيلي المتعلق بقرية سلوان، وأكدت بأنه لا وجود لآثار ترجع للقرنين الحادي عشر والعاشر ق.م، ولاوجود لما يسمى بالمملكة الإسرائيلية المتحدة، إنما الآثار التي وجدت تسبق إنشاء المملكة المزعومة بسبعة قرون كاملة، وتخص اليبوسيين الذين هاجروا من شبه الجزيرة العربية واستقروا في الأردن وفلسطين في الألف الثالثة قبل الميلاد، وأسسوا مدينة القدس بالقرب من مصدر دائم للمياه موجود في وادي قدرون، وهو «عين سلوان » وتسمى أحيانا «عين أم الدرج »، وفي العهد القديم سميت باسم «عين جيحون»، وتقع شرق قرية سلوان، وتعتبر مصدر المياه الدائم للقدس،.

الأثريون لم يعثروا  على أي دليل لمملكة داوود وسليمان في فلسطين

لذا أقام اليبوسيون التحصينات حول العين لحمايتها من الهجوم الخارجي، وبعد تحصين المدينة أصبحت عين سلوان خارجها، وقد تم اكتشاف ثلاث قنوات تربط بين المدينة من الداخل وعين سلوان من الخارج، وحاول الإسرائيليون الربط بين تاريخهم المزعوم وهذه القنوات، ومنها القناة التي أسموها «قناة حزقيا »، وباعتبار أن الملك حزقيا أمر وأشرف على شقها في القرن الثامن ق.م، ويبلغ طول هذه القناة 533 مترا.

ورغم وجود أكثر من 300 موقع تقوم فيها البعثات الأثرية بأعمال الحفر، في مدينة القدس ومحيطها ، لم يتمكن الأثريون من العثور على أى دليل أثرى يؤكد أوحتى يشير إلى مملكة داود وسليمان في فلسطين ، كما لم ترد أية إشارة لهؤلاء الملوك في المصادر التاريخية، وأكد ذلك كله كذب المزاعم التوراتية بوجود مملكة إسرائيلية متحدة أيام شاؤول وداود وسليمان، وأنها روايات أسطورية لا تعبر عن الأحداث التاريخية الحقيقية .

 

قصص التوراة استعارت أحداثا تاريخية لشعوب أخرى

وكشف علماء الآثار، أن قصص التوراة تضمنت أحداثا تاريخية لشعوب وممالك أخرى في الشرق الأوسط، تم اقتباسها لتكون جزءا من تاريخ مملكة بني إسرائيل.. وقال باحث المصريات الكبير العالم أحمد عثمان، لقد استعار كتبة قصة داود، الرواية المتعلقة بتأسيس فرعون مصر «تحتمس الثالث» للإمبراطورية المصرية بين النيل والفرات قبل عصر داود بخمسة قرون، ونسبوها إلى ملكهم، ولا تزال تفاصيل المعارك التي استعارها الكهنة لقصة داود بني إسرائيل، مسجلة حتى أيامنا هذه على جدران معبد الكرنك وفي سجلات حروب تحتمس الثالث، ونحن نجد هنا صدى لأهم معركة خاضها تحتمس الثالث ـ عام 1468ق . م ـ وهذه المعركة نفسها ، هي التي اختار كتبة سفر صموئيل الثاني اقتباسها لصالح داود بني إسرائيل .

الروايات التوراتية لاتعترف بالواقع الجيوسياسى

ويقول الباحث أحمد عزت سليم، إن الروايات التوراتية لاتعترف بالواقع الجيوسياسى فى أرض كنعان التى كانت خاضعة لحكم مصر أواسط القرن الـ 12 قبل الميلاد، وأشرف المصريون على حكمهم لهذه البلاد من خلال مراكز إدارية أقيمت فى غزة ويافا وبيسان ، وظهرت المكتشفات المصرية أيضاً فى مواقع كثيرة، ولم يذكر هذا التواجد البارز فى روايات التوارة ، ومن الواضح أنها لم تكن معروفة لمؤلف الروايات التوراتية ومحرريها !! ويرى الباحث والمؤرخ إيدموند ليتش، أن التوراة العبرية باعتبارها نصاً مقدساً ليست مرجعا ولاتعكس بالضرورة الحقائق التاريخية، بل إن التوراة ، فى نظره ، تحمل تبريرا للماضى يكشف عن عالم القصص الخيالية أكثر مما يكشف عن أى حقيقة تاريخية.

علم الآثار اليهودي أريد له تعسفا أن يخلق تاريخا مزيفا

وكان تعليق خبيرة الآثار اليهودية الشهيرة الدكتورة «شولاميت جيفا» ـ أستاذ الدراسات اليهودية في جامعة تل أبيب ـ على حركة الحفريات والبحث عن الآثار في باطن القدس .. قولها بالنص : (إن علم الآثار اليهودي أريد له تعسفا أن يكون أداة للحركة الصهيونية، تختلق بواسطته صلة بين التاريخ اليهودي القديم والدولة اليهودية المعاصرة )!!

 

«سلوان» تنسف أوهام «مدينة داود»

وبرغم التركيز على منطقة قرية سلوان العربية من أجل إيجاد أدلة أثرية تثبت التواجد اليهودي في أوائل القرن العاشر ق.م، إلا أن البقايا الأثرية التي عثر عليها الأثريون الإسرائيليون ـ أنفسهم ـ تنقسم إلى مرحلتين زمنيتين :

  • المرحلة الأولى : العثور على مدينة محصنة مقامة على تل أوفل، وترجع للعصر البرونزي الوسيط، أي من القرن الثامن عشر وحتى منتصف القرن السادس عشر ق.م، وهي فترة اليبوسيين.
  • المرحلة الثانية : الكشف عن مدينة محصنة كبيرة نعمت بالرخاء وترجع للعصر الحديدي المتأخر، أي في القرنين الثامن والسابع ق.م ، وهي الفترة التي تمتد بين عصر «حزقيا» ملك يهودا وتنتهي بدمار القدس على أيدي البابليين.

أما ما يخص مملكة داود وسليمان (المملكة الإسرائيلية المتحدة) أي فترة القرنين العاشر والتاسع ق.م، فلم يتم العثور على أثار مؤكدة تثبت وجود هذه المملكة في هذه المنطقة، وكل ما يتم العثور عليه يتم تزييفه بتفسيرات غير مقنعة.

دعاية عقائدية ودينية

والشاهد أن الأثريين الإسرائيليين، اختاروا ثلاثة أماكن محددة لإجراء التنقيب في القدس بعد حرب 1967 وهي تمثل دلالات رمزية في المشروع الإسرائيلي لما لها من علاقة مباشرة مع منطقة الحرم القدسي.. وفي مقدمة هذه الأماكن وأهمها، قرية سلوان التي تبعد 200 متر فقط من السور الجنوبي للمسجد الأقصى، ويعتبرون هذا المكان هو المرشح لكشف ما يسمى بـ «مدينة داود»، وبزعم أن الموقع استولى عليه «داود التوراتي» من اليبوسيين أصحاب الأرض الأصليين في أوائل القرن الحادي عشر ق.م ، وأسس داود التوراتي بهذا المكان عاصمة المملكة المتحدة الإسرائيلية !!

وقد حاول الأثريون البحث عن دليل وبرهان عن هذه المملكة المتحدة في القدس، ولكن ما كشفت عنه الحفريات وعمليات التنقيب، أن القدس لم تكن سوى قرية صغيرة في عصر داود وسليمان، وأن ما ينسب لسليمان هو في الواقع يرجع لعصر آخر، وأن ما ذكر في سفر صموئيل وكتاب الملوك، هو دعاية عقائدية ودينية، وكانت هذه الأسفار في الواقع تصف أحداثا في القرن السابع ق.م !!


 

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]