سنة 2017 التي قلب فيها ترامب العالم رأسا على عقب

دفاعاً عن شعار «أمريكا أولاً» الانعزالي، قلب دونالد ترامب، العالم في سنة 2017، باتخاذ قرارات هزت أسس النظام العالمي متعدد الأطراف، من دون أن ينزع فتيل العديد من القنابل الموقوتة.

وفي نهاية السنة الأولى من حكمه، تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين هزتهم صدمة السياسة الجديدة عدة أزمات متصاعدة قد تغرق العالم في نزاعات جديدة مدمرة.

عندما تولى ترامب منصبه في يناير/ كانون الثاني، قال سلفه باراك أوباما، إن التهديد الأخطر يتمثل في مساعي كوريا الشمالية المحمومة لتطوير صواريخ بعيدة المدى مزودة رؤوسا نووية.

والآن، في نهاية سنة 2017، يبدو هذا التهديد أخطر من ذي قبل بعد أن أجرى كيم جونغ أون، الشهر الماضي تجربة صاروخ عابر للقارات، متفاخرا بأنه بات اليوم قادراً على ضرب أية مدينة أمريكية برأس نووي.

وقام ترامب بنفسه بتأجيج التوتر باستخدام لغة مستفزة، بدءا من التهكم على كيم، وتسميته «رجل الصواريخ الصغير»، والتهديد بصب «النار والغضب» على نظامه.

وفي موازاة هذا النزال، عملت الدبلوماسية الأمريكية على تشديد العقوبات الدولية على كوريا الشمالية، بهدف إعادة بيونغ يانغ إلى طاولة المفاوضات، لكن من دون تحقيق نجاح حتى الآن.

وتواجه كوريا الجنوبية واليابان وكلاهما في مرمى نيران كوريا الشمالية، ما ينذر بأن يتحول إلى نزاع وخيم، في حين تخشى الصين من اندلاع الفوضى على حدودها.

ولكن، ربما لأول مرة، لا يخشى العالم التصرفات المتهورة لديكتاتور كوريا الشمالية، وإنما الإشارات غير المتوقعة الصادرة عن سيد البيت الأبيض.

ويقول بول ستيرز الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، «أعتقد أنه قبل الرئيس ترامب كان هناك على الدوام اتساق في السياسة الأمريكية وأفضليات، مع بعض الاستثناءات.. ولكن سلوك الرئيس ترامب، وحالة التقلب التي تعتري عملية اتخاذ القرار، وإطلاق التغريدات والسلوك الاندفاعي كما يظهر، قض مضاجع العديد من العواصم».

  • الوعيد وسياسة حافة الهاوية

لقد ورد اندلاع حرب أمريكية مع كوريا الشمالية وإيران على رأس التهديدات العالمية في التقرير السنوي بعنوان، «النزاعات العالمية قيد الرصد»، الذي أعده مجلس العلاقات الخارجية بعد إجراء مقابلات مع 436 مسؤولاً حكوميا وخبيراً خارجياً.

ويقول ستيرز، معد التقرير، لـ«فرانس برس»، إن هذين الأمرين يطرحان مخاوف على نطاق واسع.

ويضيف، «يصعب تحديد إن كان الأمر مجرد وعيد ويندرج في اطار سياسة حافة الهاوية، أم أنه تصميم حقيقي على استخدام القوة»، مشيراً إلى مخاوف من اندلاع نزاعات مع كوريا الشمالية وإيران وحتى مع روسيا.

أما في ما يتعلق بتوقعات سنة 2018، «لا أعتقد أن أحداً على يقين بأنها ستمر من دون أن تشهد أزمة خطيرة».

لقد تعامل ترامب باستخفاف مع استراتيجية فرض عقوبات على كوريا الشمالية، وذهب إلى حد قوله لوزير الخارجية ريكس تيلرسون، إنه «يضيع وقته» في مواصلة الاتصالات الدبلوماسية.

ولكن التهديد بعمل عسكري استباقي ظل ماثلا، حتى وإن أقر العديد من الخبراء، وبعض المسؤولين في جلسات خاصة، بأنه لا يمكن أن يحدث لأنه ينطوي على مجازفات خطيرة.

ومع نصب مدفعية كوريا الشمالية على بعد بضعة أميال من سيول، وتحذير بيونغ يانغ من إضرام النار في القاعدة الأمريكية في جزيرة غوام، يتراجع احتمال شن عمل عسكري.

ولكن المسار الدبلوماسي طريق ضيق، وكيم لم يظهر حماسا له، مع تأكيده أنه يخطط ليصبح أكبر قوة نووية في العالم.

وتبدو سياسة حافة الهاوية التي ينتهجها ترامب غير مفيدة هنا، في حين يهدد التوتر مع إيران بفتح جبهة جديدة في الحروب المتعددة التي لا تزال مستعرة في الشرق الأوسط.

هذا التوتر أججه غضب ترامب على الاتفاق النووي مع إيران، والذي وقعته إدارة أوباما إلى جانب بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا.

وعندما قال ترامب، إن الاتفاق النووي مع إيران لم يعد يخدم المصالح الأمريكية، أرسل رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس، تغريدة كتب فيها، «لقد عثرت سياسة ترامب الخارجية على موضوع: عقيدة الانسحاب».

قالت بربارة سلافين من المجلس الأطلسي لـ«فرانس برس» حينها، إن «ترامب عاجز عن أن يفهم أن الولايات المتحدة تكون الأقوى عندما تقود وتقوم بصياغة أي اتفاق دولي».

وإلى جانب قرار ترامب الانسحاب من اتفاق باريس للتغير المناخي، فإن الجدل بشأن الاتفاق النووي مع إيران عبر بالصورة الأمثل عن القطيعة بين شعار «أمريكا أولاً»، والدبلوماسية متعددة الأطراف.

ومنذ أسابيعه الأولى في الحكم، شن ترامب حملة ضد حلفاء أمريكا التقليديين، متهما إياهم باستغلال أمريكا للدفاع عنهم.

ولو حقق ترامب خطته في تحسين العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأثارت علاقاته الباردة والشائكة مع أوروبا قدراً أقل من القلق.

ولكن العلاقات التي كانت صعبة مع موسكو منذ عهد أوباما، ساءت بعد أن اتهمت الاستخبارات الأمريكية، روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسية.

في المقابل، أبدى ترامب قدرا أكبر من الاحترام لرجال أقوياء مثل الرئيس الصيني شي جينبينغ، والمصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب أردوغان، مما أبداه إزاء حلفاء أمريكا التقليديين.

  • عالم أقل استقرارا

إذ هاجم ترامب، رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على «تويتر»، واتهمهما بالتقاعس في محاربة التطرف الإسلامي.

وبعد التخلي عن معاهدة التبادل التجاري مع آسيا والمحيط الهادىء التي كان يراد لها أن تضمن دخول دول شرق آسيوية صغيرة في دائرة النفوذ الأمريكي لاحتواء الصين، ها هو الآن يهدد اتفاق «نافتا» مع كندا والمكسيك.

والأسبوع الماضي، حذر وزير الخارجية الألماني سيغمار غابريال، من أن تخلي ترامب عن دور أمريكا الريادي، «يؤدي إلى تسريع حدوث تغيير في النظام العالمي»، وأن على أوروبا أن تلتفت إلى شؤونها.

كان ذلك قبل أن يقطع ترامب مع عقود من سياسة السلام الأمريكية، ويعترف بالقدس المقسمة والمتنازع عليها عاصمة لإسرائيل.

لقد أثار القرار غضب قادة العالم العربي إزاء ما اعتبروه استهتارا أرعن بالقضية الفلسطينية، لكن الإدانة كانت عامة ودولية وحتى على مستوى العالم كله.

وترى سيليا بيلين الباحثة في معهد بروكنغز، أن القاسم المشترك بين أكثر مواقف ترامب الانعزالية، هو أنها تمثل إشارات لنيل رضا الناخبين والمانحين، وهذا ينطبق على قراراته الثلاثة المحملة بالتبعات القوية في ما يتعلق بالتغير المناخي وإيران والقدس.

وبالفعل، ففي خطاب يوم الإثنين لعرض استراتيجيته للأمن القومي، قال ترامب، إن «أمريكا تعود.. وأمريكا تعود قوية». إنها رسالة موجهة بوضوح إلى قاعدته الانتخابية.

وتقول بيلين، إن ترامب «يطبق أسوأ ما يمكن أن نخشاه في مجال السياسة ’الترامبية’ مع الانسحاب من الساحة متعددة الأطراف».

وتوضح مع ذلك، أن ترامب بذلك نفذ وعودا قطعها لجزء من قاعدته الانتخابية من دون أن يلزم واشنطن حقا بأي شيء جديد على المدى البعيد، أو بأي شيء «لا يمكن إصلاحه».

مع ذلك، تضيف لـ«فرانس برس»، إن شعور حلفاء الولايات المتحدة وأعدائها بأن عليهم أن يردوا على إيماءات ترامب الداخلية يطرح مخاطر. «المشكلة تأتي في أكثر الأحيان من ردة فعل خارجية مبالغ بها».

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]