«سوتشي».. بين بوتين والسيسي وأردوغان
تتجه أنظار الدوائر السياسية والعسكرية، إلى منتجع سوتشي الروسي، على البحر الأسود، حيث من المرتقب أن يتقرر مصير قضايا المنطقة من سوريا إلى أفريقيا وسد النهضة، بين القادة الثلاثة: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبر قمتين: الأولى تعقد اليوم بين بوتين ونظيره التركي أردوغان، والقمة الثانية غدا، قمة «روسيا ـ أفريقيا»، والتي وصفها الرئيس يوتين بأنها قمة لم يسبق لها مثيل في التاريخ.
مصير المنطقة الآمنة داخل الأراضي السورية
في سوتشي .. وبحسب خبراء عسكريون وسياسيون في موسكو، يتحدد مصير منطقة شمال شرق سوريا، بين التحركات التركية لفرض منطقة آمنة طولها 444 كم وبعمق 30 كم في الأراضي السورية.. وبين إعادة تأكيد سوريا سيطرتها على الأجزاء الشمالية ذات الأغلبية الكردية وإجبار تركيا على الخروج من أراضيها، أما موسكو فلديها مهامها الخاصة ، وهي تأكيد ضرورة استبعاد أي خطر لحدوث مواجهة بين الجيش التركي والجيش السوري ، وقد يُطلب من القيادة التركية أيضا ضمانات صارمة بمنع أي استفزازات من مقاتلي ما يسمى بـ «الجيش الوطني السوري» في اتجاه مواقع الجيش العربي السوري والمناطق التي سبق أن سيطر عليها، شمال شرقي البلاد.
آفاق العلاقات بين روسيا وقارة أفريقيا
وقمة سوتشي الثانية «الروسية ـ الأفريقية» تعقد للمرة الأولى، برئاسة مشتركة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى بصفته رئيس الاتحاد الأفريقى، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتعد القمة، أول حدث على هذا المستوى في تاريخ العلاقات الروسية – الأفريقية، بمشاركة 40 رئيس دولة بالقارة السمراء، وقادة الاتحادات الكبرى والمؤسسات الإقليمية، وتبحث القمة آفاق العلاقات بين روسيا ودول القارة، وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، ورغم أن المكون الاقتصادي، مهم للغاية، لكن القمة لن تقتصر على ذلك فقط، وسيكون الخطاب حول عدد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وقضايا الطاقة والمياه، والتعاون في التقنيات الحديثة، وسيتم تقديم رؤية مشتركة لحل المشكلات الاقتصادية والسياسية في القارة، وتعزيز العلاقات بين الجانبين لحل المشاكل المشتركة، وكذلك التحديات التي تواجهها أفريقيا خاصة في القضايا والأزمات بين الدول الأفريقية وتتصدرها أزمة سد النهضة.
أنقرة تعثرت.. وأردوغان في «وضع صعب»
في قمة سوتسي الأولى.. يدخل الرئيس التركي «أردوغان» قاعة المباحثات «مهزوزا»، في ظل الوضع الجديد الناجم عن اتفاق أنقرة مع واشنطن على المنطقة الأمنية في سوريا..ويرى سياسيون وخبراء في موسكو، أن «مباحثات سوتشي» سوف تضع النقاط على الحروف، وهي تنعقد في نفس يوم نهاية مهلة وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا وتعليق العملية العسكرية التركية خلال 120 ساعة (5 أيام)، ومن المرتقب أن تتضح الصورة أكثر بشأن الوضع في شمال شرق سوريا، والمنطقة الآمنة على الحدود التركية ـ السورية
- وضْع الزئيس التركي، الآن، هو الأصعب. لم يكن قرار وقف «نبع السلام» لمدة 120 ساعة أمرا سهلاً بالنسبة إليه، بل يمكن القول إنها كانت خطوة قسرية، تعكس «معاناة» في ظروف معينة..رهان أردوغان وجنرالاته كان على صيحة نصر في شمال شرق سوريا: بلوغ حدود المرحلة الأولى لمنطقة أمنية بعمق 30 كم وطول 120 كم على طول الحدود السورية التركية، في غضون 3-4 أيام. لكن أنقرة «تعثرت»، ففي اليوم الرابع (13 أكتوبر)، اتفقت قيادة قوات سوريا الديمقراطية مع الأسد، بضمانة روسيا.
أردوغان يبحث عن إجابة تساؤلات في سوتشي
قبل أردوغان دعوة بوتين وسيحاول إيجاد إجابات في سوتشي عن سؤالين رئيسيين بالنسبة له: معرفة أكثر تفصيلا بشروط اتفاق قوات سوريا الديمقراطية الكردية «قسد» مع دمشق، إذا أراد الجانب الروسي الكشف عنها للشركاء الأتراك. فقد نشرت تقارير عن اتجاه جزء من وحدات حماية الشعب الكردية إلى الاندماج في الجيش السوري. كما تم تسريب معلومات حول إمكانية توفير الحكم الذاتي للأكراد في عداد الجمهورية العربية السورية، إذا أعادوا النظر في علاقاتهم مع الولايات المتحدة وابتعدوا عنها نهائيا. من المهم أيضا، لأردوغان، التحقق من استمرار وقف إطلاق النار في إدلب (الساري، اعتبارا من 31 أغسطس/ آب)، والذي يتم احترامه عموما لتجنب خطر التورط في حرب على جبهتين سوريتين…
موقف أفريقي موحد يدعم رؤية السيسي للتنمية والسلام
في قمة سوتشي الثانية غدا ..يدخل الرئيس السيسي المباحثات مدعوما بموقف أفريقي موحد، وبصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي، في مناقشة مجموعة واسعة من القضايا الدولية، وبحث حلول لتعميق التعاون الروسي الأفريقي في مجالات مختلفة من السياسة إلى الثقافة، وستشهد القمة توقيع العديد من الاتفاقيات التي تساهم في تحسين ورفاهية الشعوب الأفريقية وتحقيق السلام
تدشين إطار متكامل لدفع العلاقات الروسية – الأفريقية
وتكتسب هذه القمة أهمية كبيرة كونها الأولى من نوعها في توقيت يشهد تحولات عالمية ودولية كبرى، وتهدف إلى تدشين إطار متكامل لدفع العلاقات الروسية – الأفريقية إلى آفاق أوسع للتعاون المشترك في مختلف المجالات، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وتأكيد الالتزام بالعمل متعدد الأطراف كما تأتى وفق رؤية متشابهة للجانبين لمواجهة التحديات الدولية الجديدة وعلى رأسها الإرهاب والتطرف بكل أشكاله، والتراجع في معدلات النمو، إلى جانب قناعة راسخة لدى الجانبين بأهمية العمل على تعزيز التبادل التجارى، ودعم الاستثمارات المتبادلة، بما يحقق الأمن والسلام والتنمية للشعوب في القارة الأفريقية وروسيا.
«سد النهضة» في سوتشي
ويشهد منتجع سوتشي، بحسب السفير عبد الفتاح راغب، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، فتح الملف الأكثر تعقيدا في القارة (ملف سد النهضة) وبمشاركة رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، المشارك في القمة الروسية ـ الأفريقية، كما أن مصر قررت مشاركة طرف رابع لحل الأزمة واختارت روسيا طرفا محايدا يحظى بثقة الأطراف الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا) لحل الأزمة.. وقال السفير راغب للغد، إن جاتنبا من لقاء الرئيسين بوتين والسيسي يتناول كافة تفاصيل الأزمة وتفاصيل إعلان المبادىء الموقع بين الأطراف الثلاثة، ولم تلتزم بتنفيذه إثيوبيا.
- من جهة أخرى.. قال الخبير والمحلل السياسي الروسي، إدوارد ايفيجون، إن روسيا قادرة على خلق منطقة وسط في مجال الخلاف حول جدول امتلاء بحيرة سد النهضة والحفاظ على الحقوق المصرية في مياه النيل، وأن نجاح الرئيس بوتين في هذا الملف سوف يرفع من أسهمه في القارة.
