سويسرا تحاول تطوير نظام مبتكر لـ«تخزين الكهرباء»
يجري حاليا العمل على تطوير نظام مبتكر لتخزين الكهرباء على شكل هواء مضغوط في إحدى الأنفاق التي تم حفرها في جبال الألب السويسرية، ومن المتوقع أن يمنح هذا المشروع الفريد من نوعه في العالم، الطاقة المتجددة دفعة حاسمة، وأن يعزز من الدور الذي تلعبه سويسرا كـ«بطارية أوروبا».
وتشكل قضية تخزين فائض الطاقة تحديا رئيسيا أمام عملية التحول نحو مسار الطاقة المتجددة، إذ قد يفضي في بعض الأوقات، عدم انتظام ما تنتجه الشمس والرياح من طاقة، إلى توفر كميات كبيرة من الكهرباء زائدة عن الحاجة، أو أكثر بكثير من المطلوب، مما يطرح سؤالا: كيف يمكن الاستفادة من الطاقة الزائدة .؟؟
يجيب غيف زنكنة، المهندس الذي تخرج حديثا من المعهد التقني الفيدرالي العالي في زيورخ، بالاعتماد على الهواء المضغوط، ويقصد تحديدا: الاعتماد على تخزين الهواء داخل كهوف وأنفاق يتم حفرها في أحشاء الجبال.
«المبدأ بسيط»، كما يقول المسؤول عن مشروع «ألكاياس» المدعوم من طرف وكالة الطاقة الفيدرالية. ويضيف، «يمكن عن طريق الطاقة الزائدة تشغيل ضاغط يضخ الهواء داخل الكهف، وعند الاحتياج، يتم عكس اتجاه التدفق، بحيث يندفع الهواء بضغط عال داخل توربينات تعمل على تحويله إلى كهرباء».
ولإنشاء أولى المحطات التابعة لمشروع «ألكاياس»، التي تبلغ كلفتها 4 ملايين فرنك، وقع الاختيار على نفق مهجور يقع شمال بلدة بياسكا، في كانتون تيتشينو، كان يستخدم منذ سنوات لنقل المواد المستخرجة من حفر نفق قاعدة جبل غوتهارد للسكك الحديدية الذي جرى تدشينه في أول يونيو/ حزيران 2016.
ولابد من التنويه إلى أن تخزين الطاقة على هيئة هواء مضغوط، ليست بالأمر الجيد تماما، فالمحطة الأولى تم إنشاؤها في ألمانيا عام 1978، بينما تم تدشين الثانية في الولايات المتحدة في أوائل التسعينات، غير أن كلاهما أنجزتا في مناجم الملح، وهما بالمقارنة مع مشروع «بياسكا» أقل كفاءة، بحسب قول غيف، الذي اعتبر أن السبب «يعود لإمكانية استرداد الطاقة الحرارية».
وبحسب الظواهر الفيزيائية، فإن ضغط الهواء يرفع درجة الحرارة، وقد تصل إلى 550 درجة مئوية، وهي عالية جدا إلى الحد الذي يجعل من إدخالها في جوف الأرض متعذرا دون حصول أخطار، وبالتالي تلجأ ألمانيا والولايات المتحدة إلى تبديدها، في حين ابتكر غيف زنكنة، نظاما يسمح بتخزين هذه الطاقة واستخدامها في المرحلة العكسية المتمثلة في تحويل الهواء إلى كهرباء.
- نظام بحاجة إلى تطوير ..
فضلا عن صداقته للبيئة، فإن استخدام نظام الهواء المضغوط، يمكن أن يؤمن إمدادات بكميات كبيرة من الطاقة على فترات طويلة، وهو ما تزداد الحاجة إليه بمرور الوقت، وفق قول ماوريتسيو بارباتو، الأستاذ في معهد CIM للابتكار المستدام، التابع لجامعة العلوم التطبيقية في الأنحاء السويسرية المتحدثة بالإيطالية.
ويؤكد بارباتو، الذي يتابع عن كثب الخطوات الأولى لمشروع «بياسكا»، في إطار برنامج الصندوق السويسري للبحث العلمي، بأن التكنولوجيا وتحديدا تلك الخاصة بالتخزين الحراري، لم تبلغ مرحلة النضج بعد، وأن استخدام الحجارة، لا يضمن أن تكون درجة حرارة الهواء عند خروجه ثابتة، وهو شرط أساسي لحسن سير عمل التوربينات، ولذلك يجري التعاون مع المعهد التقني الفيدرالي العالي في كل من زيورخ ولوزان، لدراسة كيفية تحسين النظام، بواسطة استخدام السبائك المعدنية على سبيل المثال.
ومن شأن الأبحاث والتجارب القائمة ضمن مشروع «بياسكا»، إذا ما أسفرت عن نتائج إيجابية، أن تؤكد الدور المنوط بسويسرا بأن تكون «بطارية أوروبا»، على حد قول غيف زنكنة، فضلا عن إسهامها في استقرار الشبكة الأوروبية للطاقة الكهربائية من خلال تعويض النقص الناجم عن تقلبات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في شتى أنحاء القارة.