سياسي بريطاني: العالم على أبواب «حرب نووية»
حذر سياسي بريطاني من أن العالم بات على أبواب «حرب نووية»، وأن هذه الحقيقة أصبحت خارج نطاق اهتمام الوعي العام، ويجب ألا يكون الأمر كذلك، بينما صار من الشائع التحدث عن أزمة المناخ باعتبارها التهديد الأكبر الذي يواجهه الكوكب، وليس من الخطأ أن يجري التركيز على قضية وجودية يمكننا أن نفعل شيئا حيالها.
رجل الصاروخ الصغير
وقال القيادي الحزبي والوزير البريطاني السابق، فنسنت كيبل، صرت على وعي بأن العالم على أبواب حرب نووية، بأثر من سببين، أولهما: ظهور «رجل الصاروخ الصغير في كوريا الشمالية»، ويبدو أنه اشتغل على تنحيف حجم جسده، لكن أيضاً على زيادة حجم قدراته النووية، إذ عملت بلاده على تطوير صاروخ «كروز» يوصف بأنه «استراتيجي» ويستطيع حمل أسلحة نووية مسافة 100 ميل تقريباً، أي إلى اليابان وكوريا الجنوبية، وكذلك القواعد وحاملات الطائرات الأمريكية، كذلك ذُكر أن كوريا الشمالية أعادت تشغيل محطة للطاقة النووية تستطيع إنتاج البلوتونيوم المستخدم في صناعة الأسلحة الذرية.
وجود أسطول من الغواصات النووية
ويكمن السبب الثاني في أنني أحد ملايين الأشخاص الذين استحوذت على مشاعرهم حلقة مسلسل «فيجيل» (يقظة) التي بثها تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مساء الأحد الماضي. لا تحتمل حبكته الكثير من التحليل، بحسب ما كانه الحال مع مسلسل «لاين أوف ديوتي» (سبيل الواجب) الذي سبقه. في المقابل، يعيد «فيجيل» الحياة من جديد بطريقة مقنعة للغاية، إلى شيء اعتبرناه أمراً مفروغاً منه يتمثل في حقيقة وجود أسطول من الغواصات يعمل انطلاقاً من قاعدة «ارغايل» في اسكتلندا ويحمل وسائل الردع النووي البريطانية، علماً أن إحدى تلك الغواصات تجوب البحر على الدوام في دورية لا تتوقف.
الوضع «قاب قوسين أو أدنى» من الكارثة
وتحمل كل غواصة من ذلك الأسطول 40 رأساً نووياً (ثمان منها جاهزة للإطلاق) من أصل مخزوننا الإجمالي الذي يبلغ 180 رأساً نووياً. وكذلك يجري العمل حاضراً على رفع ذلك الرقم إلى 260. ويتمتع كل من تلك الرؤوس بقوة تدميرية تصل إلى 100 كيلو طن، أي حوالى ستة أضعاف قوة قنبلة هيروشيما. وأشك، وفق ما آمل به صدقاً، بأن تكون ترتيبات السلامة أفضل بكثير من تلك المطبقة في مسلسل «فيجيل»، حيث بدا الوضع على الدوام كأنه قاب قوسين أو أدنى من الكارثة. وكذلك يذكرنا المسلسل بالواجب الرهيب الملقى على عاتق المسؤولين سياسياً وعملانياً عن تلك الأسلحة.
بريطانيا «سمكة نووية» صغيرة
مع ذلك، فبريطانيا أشبه بسمكة نووية صغيرة (على الرغم من حيازتها برنامج «ترايدنت» الأكبر والأحدث بالنسبة إلى الغواصات والصواريخ التي أُعطيت الموافقة عليها حاضراً، فأتت تحت الطلب). نحن عضو من مستوى متوسط في عائلة القوى النووية المعروفة (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية) التي افتُرض أنها ستقلص عدد أسلحتها النووية لا أن تزيدها.
منطقة شرق آسيا تتزايد سميتها
ويضيف «فنسنت كيبل»: استطراداً تفيد تقارير أن الصين نشرت مزيداً من الصواريخ في البيئة التي تتزايد سميتها في شرق آسيا..وفي غضون ذلك، أدى انسحاب إدارة ترامب من معاهدة حظر الانتشار النووي مع إيران إلى إحياء برنامجها النووي. وكذلك تمخضت دبلوماسية التعامل وجهاً لوجه التي اتبعها ترامب مع كيم جونغ أون، عن ظهور عدد من العناوين العريضة التي تصدرت الأخبار لكنها لم تُنتج اتفاقاً، بحسب ما ذكرتنا حوادث هذا الأسبوع.
غرابة أطوار الزعيم الكوري «كيم جونغ أون»
وفي ملمح متصل، تعتبر منطقة شرق آسيا أكثر تعقيداً عن جنوبها، ولا خطورة عنه. ويؤدي السلوك المتخبط الذي ينم عن غرابة أطوار القائد الأعلى كيم جونغ أون إلى زعزعة الاستقرار بشكل عميق لا يقتصر على كوريا الجنوبية، بل يشمل اليابان أيضاً. ويعتمد البلدان على الحماية العسكرية الأمريكية، لكنها حماية أقل وضوحاً من تلك الموجودة ضمن حلف الناتو. وقد نثر انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان بذور الشك بشأن صدقية تلك الحماية، خصوصاً في حال حصول مواجهة نووية. ف
في الواقع تملك اليابان القدرة التكنولوجية في المضي على نحو سريع في بناء أسلحة نووية، إذا لزم الأمر. في المقابل، يحملها تاريخها بالذات على ممارسة ضبط النفس (إشارة إلى تعرضها للقصف بقنابل نووية في الحرب العالمية الثانية). واستكمالاً تعتبر كوريا الجنوبية متقدمة للغاية في التكنولوجيا النووية.
أسوأ السيناريوهات المحتملة
وعلاوة على ذلك، هناك خلافات مستعرة بين الصين واليابان حول الجزر البحرية، ومن المؤكد أن الصين ستعتبر حيازة اليابان أسلحة نووية نوعاً من الاستفزاز، ويمكن النظر إلى تلك العوامل الإقليمية على خلفية التوتر السياسي المتنامي بين الصين والولايات المتحدة.
وطبقاً لأسوأ السيناريوهات المحتملة، فمن الممكن أن نرى صراعات تندلع بين عدد من أزواج الدول المتخاصمة على غرار إيران وإسرائيل، وإيران والسعودية، والهند وباكستان، والهند والصين، والصين والولايات المتحدة، والصين واليابان، وكوريا الشمالية وعدد من الدول المجاورة والولايات المتحدة.
وفي كل من تلك الحالات ستتوفر أسلحة نووية لطرف أو ربما أطراف عدة. وفي عدد من تلك الحالات لن تُتبع سياسة «عدم استخدامها أولاً» (تعهد القوى النووية بعدم استعمال ذلك السلاح إلا بصورة دفاعية)، وتخفيف الحد الأدنى من الخطر بمجرد ظهوره توخياً لمنع اندلاع حرب نووية من طريق الصدفة.
التفكير في ما لا يمكن تصوره
وخلص إلى القول في مقال نشرته صحيفة الإندبندنت the Independent البريطانية : لا يفضي «التفكير في ما لا يمكن تصوره» إلى راحة البال، ولا يساعد المرء في نيل قسط من النوم الهانئ ليلاً. في المقابل، يجب أن يتصدى شخص ما للتفكير بتلك الأمور. لقد شهدنا أخيراً عدداً من الحوادث غير المحتملة جداً على غرار ظهور ترامب و«بريكست» و«كوفيد» وانتصار «طالبان». ولاحقاً سيحدث مزيد من الصدمات، ومن الضروري وجود أمل عميق بألا يكون استخدام السلاح النووي أحد تلك الصدمات المقبلة.
في المقابل، إن الوقت الذي نعطيه حاضراً لقضايا انتشار التسلح النووي، والحد من المخاطر ونزع السلاح النووي، سيشكل استثماراً جيداً للغاية.